للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ " كُنَّا نَأْكُلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ نَمْشِي وَنَشْرَبُ وَنَحْنُ قِيَامٌ " وَرُخِّصَ لِلْمُسَافِرِ شُرْبُهُ مَاشِيًا.

وَمِنْ الْآدَابِ تَعَاهُدُ مُوقَيْهِ وَكَعْبَيْهِ وَعُرْقُوبَيْهِ وَأَخْمَصَيْهِ، وَإِطَالَةُ غُرَّتِهِ وَتَحْجِيلِهِ، وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ بِيَسَارِهِ،

ــ

[رد المحتار]

قَوْلٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ، نَعَمْ عَلَى مَا جَنَحَ إلَيْهِ الطَّحَاوِيُّ يُسْتَفَادُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا إنْ أَمِنَ الضَّرَرَ، أَمَّا النَّدْبُ فَلَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُفِيدُ النَّدْبَ فِي فَضْلِ الْوُضُوءِ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، وَهُوَ «أَنَّهُ قَامَ بَعْدَمَا غَسَلَ قَدَمَيْهِ فَأَخَذَ فَضْلَ طَهُورِهِ فَشَرِبَهُ وَهُوَ قَائِمٌ ثُمَّ قَالَ: أَحْبَبْت أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ كَانَ طُهُورُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَفِيهِ حَدِيثٌ «إنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ سَبْعِينَ دَاءً أَدْنَاهَا الْبُهْرُ» لَكِنْ قَالَ الْحُفَّاظُ: إنَّهُ وَاهٍ اهـ مُلَخَّصًا وَالْبُهْرُ بِالضَّمِّ فَسَّرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ بِتَتَابُعِ النَّفَسِ، وَفِي الْقَامُوسِ إنَّهُ انْقِطَاعُ النَّفَسِ مِنْ الْإِعْيَاءِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ انْتِفَاءَ الْكَرَاهَةِ فِي الشُّرْبِ قَائِمٌ فِي هَذَيْنِ الْمَوْضُوعِينَ مَحَلَّ كَلَامٍ فَضْلًا عَنْ اسْتِحْبَابِ الْقِيَامِ فِيهِمَا، وَلَعَلَّ الْأَوْجَهَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ إنْ لَمْ نَقُلْ بِالِاسْتِحْبَابِ لِأَنَّ مَاءَ زَمْزَمَ شِفَاءٌ وَكَذَا فَضْلُ الْوُضُوءِ.

وَفِي شَرْحِ هَدِيَّةِ ابْنِ الْعِمَادِ لِسَيِّدِي عَبْدِ الْغَنِيِّ النَّابْلُسِيِّ: وَمِمَّا جَرَّبْته أَنِّي إذَا أَصَابَنِي مَرَضٌ أَقْصِدُ الِاسْتِشْفَاءَ بِشُرْبِ فَضْلِ الْوُضُوءِ فَيَحْصُلُ لِي الشِّفَاءُ، وَهَذَا دَأْبِي اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِ الصَّادِقِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا الطِّبِّ النَّبَوِيِّ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ إلَخْ) أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ وَأَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ حِلْيَةٌ، وَقَصَدَ بِذَكَرِهِ بَيَانَ حُكْمِ الْأَكْلِ، لَكِنْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَشْرَبَ الرَّجُلُ قَائِمًا» قَالَ قَتَادَةُ: قُلْت لِأَنَسٍ: فَالْأَكْلُ، فَقَالَ: ذَلِكَ أَشَرُّ وَأَخْبَثُ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلسُّيُوطِيِّ «نَهَى عَنْ الشُّرْبِ قَائِمًا وَالْأَكْلِ قَائِمًا» وَلَعَلَّ النَّهْيَ لِأَمْرٍ طِبِّيٍّ أَيْضًا كَمَا مَرَّ فِي الشُّرْبِ. وَفِي الْفَصْلِ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ مِنْ فُصُولِ الْعَلَامِيِّ: وَكُرِهَ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِي الطَّرِيقِ وَالْأَكْلُ نَائِمًا وَمَاشِيًا، وَلَا بَأْسَ بِالشُّرْبِ قَائِمًا، وَلَا يَشْرَبُ مَاشِيًا، وَرُخِّصَ ذَلِكَ لِلْمُسَافِرِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَرَخَّصَ إلَخْ) لَيْسَ مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ.

(قَوْلُهُ: تَعَاهُدُ مُوقَيْهِ) تَثْنِيَةُ مُوقٍ: هُوَ آخِرُ الْعَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْأَنْفِ أَيْ لِاحْتِمَالِ وُجُودِ رَمْصٍ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ مَا تَحْتَهُ إنْ بَقِيَ خَارِجًا بِتَغْمِيضِ الْعَيْنِ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَكَعْبَيْهِ إلَخْ) هُمَا الْعَظْمَاتُ النَّاتِئَانِ فِي الرِّجْلِ. وَالْعُرْقُوبُ: الْعَصَبُ الْغَلِيظُ الَّذِي فَوْقَ الْعَقِبِ. وَالْأَخْمَصُ: مِنْ بَاطِنِ الْقَدَمِ مَا لَمْ يُصِبْ الْأَرْضَ قَامُوسٌ. مَطْلَبٌ فِي الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ

(قَوْلُهُ: وَإِطَالَةُ غُرَّتِهِ وَتَحْجِيلِهِ) لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ، فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ فَلْيُطِلْ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ» حِلْيَةٌ؛ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ: وَتَحْجِيلِهِ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى غُرَّتِهِ. وَفِي الْبَحْرِ: وَإِطَالَةُ الْغُرَّةِ تَكُونُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْحَدِّ الْمَحْدُودِ. وَفِي الْحِلْيَةِ: وَالتَّحْجِيلُ يَكُونُ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، وَهَلْ لَهُ حَدٌّ؟ لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى شَيْءٍ لِأَصْحَابِنَا. وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ اخْتِلَافَ الشَّافِعِيَّةِ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ فَوْقَ الْمِرْفَقَيْنِ وَالْكَعْبَيْنِ بِلَا تَوْقِيتٍ. الثَّانِي إلَى نِصْفِ الْعَضُدِ وَالسَّاقِ. وَالثَّالِثُ إلَى الْمَنْكِبِ وَالرُّكْبَتَيْنِ. قَالَ: وَالْأَحَادِيثُ تَقْتَضِي ذَلِكَ كُلَّهُ. اهـ. وَنَقَلَ ط الثَّانِيَ عَنْ شَرْحِ الشِّرْعَةِ مُقْتَصَرًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ بِيَسَارِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ دَلْكُهُمَا بِالْيَسَارِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُ يُنْدَبُ إفْرَاغُ الْمَاءِ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ قَالَ: يُفْرِغُ الْمَاءَ بِيَمِينِهِ عَلَى رِجْلَيْهِ وَيَغْسِلُهَا بِيَسَارِهِ. اهـ. وَأَخْرَجَ السُّيُوطِيّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَغْسِلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>