للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَلُّهُمَا عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْوُضُوءِ فِي الشِّتَاءِ وَالتَّمَسُّحُ بِمِنْدِيلٍ، وَعَدَمُ نَفْضِ يَدِهِ، وَقِرَاءَةُ سُورَةِ الْقَدْرِ، وَصَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ، فِي غَيْرِ وَقْتِ كَرَاهَةٍ.

(وَمَكْرُوهُهُ: لَطْمُ الْوَجْهِ)

ــ

[رد المحتار]

أَسْفَلَ رِجْلَيْهِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى» (قَوْلُهُ: وَبَلَّهُمَا إلَخْ) أَيْ الرِّجْلَيْنِ، لَكِنْ فِي الْبَحْرِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ عَنْ خَلَفِ بْنِ أَيُّوبَ أَنَّهُ قَالَ: يَنْبَغِي لِلْمُتَوَضِّئِ فِي الشِّتَاءِ أَنْ يَبِلَّ أَعْضَاءَهُ بِالْمَاءِ شِبْهَ الدَّهْنِ ثُمَّ يُسِيلُ الْمَاءَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْمَاءَ يَتَجَافَى عَنْ الْأَعْضَاءِ فِي الشِّتَاءِ. اهـ. مَطْلَبٌ فِي التَّمَسُّحِ بِمِنْدِيلٍ

(قَوْلُهُ: وَالتَّمَسُّحُ بِمِنْدِيلٍ) ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُنْيَةِ فِي الْغُسْلِ. وَقَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ غَيْرَهُ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِي الْكَرَاهَةِ؛ فَفِي الْخَانِيَّةِ: وَلَا بَأْسَ لِلْمُتَوَضِّئِ وَالْمُغْتَسِلِ. رُوِيَ عَنْ رَسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مِنْ كَرِهَهُ لِلْمُتَوَضِّئِ دُونَ الْمُغْتَسِلِ. وَالصَّحِيحُ مَا قُلْنَا، إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبَالِغَ وَلَا يَسْتَقْصِي فَيُبْقِي أَثَرَ الْوُضُوءِ، عَلَى أَعْضَائِهِ اهـ وَكَذَا وَقَعَ بِلَفْظِ لَا بَأْسَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَغَيْرِهَا، وَعَزَاهُ فِي الْخُلَاصَةِ إلَى الْأَصْلِ اهـ مَا فِي الْحِلْيَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَدِلَّةَ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَالْقَائِلِينَ بِهَا مِنْ السَّلَفِ وَأَطَالَ وَأَطَابَ كَمَا هُوَ دَأْبُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَدَّمْنَا عَنْ الْفَتْحِ أَنَّ مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ تَرْكُ التَّمَسُّحِ بِخِرْقَةٍ يَمْسَحُ بِهَا مَوْضِعَ الِاسْتِنْجَاءِ أَيْ الَّتِي يَمْسَحُ بِهَا مَاءَ الِاسْتِنْجَاءِ لِاسْتِقْذَارِهَا، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُفِيدُ تَرْكَ التَّمَسُّحِ بِغَيْرِهَا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ نَفْضِ يَدِهِ) لِحَدِيثٍ «لَا تَنْفُضُوا أَيْدِيَكُمْ فِي الْوُضُوءِ، فَإِنَّهَا مَرَاوِحُ الشَّيْطَانِ» ذَكَرَهُ فِي الْمِعْرَاجِ لَكِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُنَاوِيُّ، بَلْ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ مَيْمُونَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا جَاءَتْهُ بِخِرْقَةٍ بَعْدَ الْغُسْلِ فَرَدَّهَا وَجَعَلَ يَنْفُضُ الْمَاءَ بِيَدِهِ» تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَقِرَاءَةُ سُورَةِ الْقَدْرِ) لِأَحَادِيثَ وَرَدَتْ فِيهَا ذَكَرَهَا الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي مُقَدَّمَتِهِ، لَكِنْ قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: سَأَلَ عَنْهَا شَيْخُنَا الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ؛ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ مِنْهَا شَيْءٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا مِنْ قَوْلِهِ وَلَا مِنْ فِعْلِهِ، وَالْعُلَمَاءُ يَتَسَاهَلُونَ فِي ذِكْرِ الْحَدِيثِ الضَّعِيفِ وَالْعَمَلِ بِهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَصَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ) لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا «مَا مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ يُقْبِلُ بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ عَلَيْهِمَا إلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» حِلْيَةٌ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ وَقْتِ كَرَاهَةٍ) هِيَ الْأَوْقَاتُ الْخَمْسَةُ: الطُّلُوعُ وَمَا قَبْلَهُ، وَالِاسْتِوَاءُ وَالْغُرُوبُ وَمَا قَبْلَهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ تَرْكَ الْمَكْرُوهِ أَوْلَى مِنْ فِعْلِ الْمَنْدُوبِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ ط. [تَتِمَّةٌ]

يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِي الْمَنْدُوبَاتِ أَنْ لَا يَتَطَهَّرَ مِنْ مَاءٍ أَوْ تُرَابٍ مِنْ أَرْضٍ مَغْصُوبٍ عَلَيْهَا كَآبَارِ ثَمُودَ، فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى كَرَاهَةِ التَّطْهِيرِ مِنْهَا، بَلْ نَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُمْ، وَمُرَاعَاةُ الْخِلَافِ عِنْدَنَا مَطْلُوبَةٌ، وَكَذَا يُقَالُ فِي التَّطْهِيرِ بِفَضْلِ مَاءِ الْمَرْأَةِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا فِي الْمَنْهِيَّاتِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مَطْلَبٌ فِي تَعْرِيفِ الْمَكْرُوهِ، وَأَنَّهُ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْحَرَامِ وَالْمَكْرُوهِ تَحْرِيمًا وَتَنْزِيهًا. (قَوْلُهُ: وَمَكْرُوهُهُ) هُوَ ضِدُّ الْمَحْبُوبِ؛ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْحَرَامِ

كَقَوْلِ الْقُدُورِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ فِي مَنْزِلِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَا عُذْرَ لَهُ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ. وَعَلَى الْمَكْرُوهِ تَحْرِيمًا: وَهُوَ مَا كَانَ إلَى الْحَرَامِ أَقْرَبُ، وَيُسَمِّيه مُحَمَّدٌ حَرَامًا ظَنِّيًّا. وَعَلَى الْمَكْرُوهِ تَنْزِيهًا: وَهُوَ مَا كَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى مِنْ فِعْلِهِ، وَيُرَادِفُ خِلَافَ الْأَوْلَى كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>