لِوُجُودِ الْأَمْرِ دَلَالَةً وَبَقِيَ مِنْ الشَّرَائِطِ النَّفَقَةُ مِنْ مَالِ الْآمِرِ كُلُّهَا أَوْ أَكْثَرُهَا وَحَجُّ الْمَأْمُورِ بِنَفْسِهِ وَتَعَيُّنُهُ إنْ عَيَّنَهُ، فَلَوْ قَالَ: يَحُجُّ عَنِّي فُلَانٌ لَا غَيْرُهُ لَمْ يَجُزْ حَجُّ غَيْرِهِ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لَا غَيْرُهُ جَازَ، وَأَوْصَلَهَا فِي اللُّبَابِ إلَى عِشْرِينَ شَرْطًا مِنْهَا عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْأُجْرَةِ، فَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا، بِأَنْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك عَلَى أَنْ تَحُجَّ عَنِّي بِكَذَا
ــ
[رد المحتار]
وَالْمَعْنَى جَازَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا قَالَهُ فِي الْكَبِيرِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا سَبَقَ يُحْكَمُ بِجَوَازِهِ أَلْبَتَّةَ، وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِالْمَشِيئَةِ. فَفِي مَنَاسِكِ السُّرُوجِيِّ: لَوْ مَاتَ رَجُلٌ بَعْدَ وُجُوبِ الْحَجِّ وَلَمْ يُوصِ بِهِ فَحَجَّ رَجُلٌ عَنْهُ أَوْ حَجَّ عَنْ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجْزِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَبَعْدَ الْوَصِيَّةِ يَجْزِيهِ مِنْ غَيْرِ الْمَشِيئَةِ اهـ ثُمَّ أَعَادَ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ الْمَسْأَلَةَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَقَالَ: فَلَوْ حَجَّ عَنْهُ الْوَارِثُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ يَجْزِيهِ وَتَسْقُطُ عَنْهُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ إيصَالٌ لِلثَّوَابِ، وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِأَحَدٍ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْكَرْمَانِيُّ وَالسَّرُوجِيُّ اهـ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ.
فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي هَذَا الشَّرْطِ اخْتِلَافَ الرِّوَايَةِ، وَذِكْرَ الْوَارِثِ غَيْرُ قَيْدٍ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ لِوُجُودِ الْأَمْرِ دَلَالَةً) لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ الْمُوَرِّثِ فِي مَالِهِ فَكَأَنَّهُ صَارَ مَأْمُورًا بِأَدَاءِ مَا عَلَيْهِ؛ أَوْ لِأَنَّ الْمَيِّتَ يَأْذَنُ بِذَلِكَ لِكُلِّ أَحَدٍ، بِنَاءً عَلَى مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْوَارِثَ غَيْرُ قَيْدٍ، وَعَلَّلَ فِي الْبَدَائِعِ بِالنَّصِّ أَيْضًا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ حَدِيثَ الْخَثْعَمِيَّةِ (قَوْلُهُ النَّفَقَةُ مِنْ مَالِ الْآمِرِ إلَخْ) أَيْ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ، وَمُحْتَرَزُهُ قَوْلُهُ الْآتِي: وَلَوْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ إلَخْ وَيَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ وَحَجَّ الْمَأْمُورُ بِنَفْسِهِ) فَلَيْسَ لَهُ إحْجَاجُ غَيْرِهِ عَنْ الْمَيِّتِ وَإِنْ مَرِضَ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ بِذَلِكَ كَمَا يَأْتِي مَتْنًا (قَوْلُهُ وَتَعَيُّنُهُ إنْ عَيَّنَهُ) هَذَا يُغْنِي عَنْ الشَّرْطِ الَّذِي قَبْلَهُ تَأَمَّلْ؛ وَالْمُرَادُ بِتَعْيِينِهِ مَنْعُ حَجِّ غَيْرِهِ عَنْهُ (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ حَجُّ غَيْرِهِ) أَيْ وَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ الْمَذْكُورُ لِأَنَّ الْمُوصِيَ صَرَّحَ بِمَنْعِ حَجِّ غَيْرِهِ عَنْهُ كَمَا أَفَادَهُ فِي اللُّبَابِ وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لَا غَيْرُهُ) جَازَ قَالَ فِي اللُّبَابِ: وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْمَنْعِ بِأَنْ قَالَ يَحُجُّ عَنِّي فُلَانٌ فَمَاتَ فُلَانٌ وَأَحْجُوا عَنْهُ غَيْرَهُ جَازَ. مَطْلَبٌ شُرُوطُ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ عِشْرُونَ (قَوْلُهُ وَأَوْصَلَهَا فِي اللُّبَابِ إلَى عِشْرِينَ شَرْطًا) تَقَدَّمَ مِنْهَا سِتَّةٌ، وَذَكَرَ الشَّارِحُ السَّابِعَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَالثَّامِنُ وُجُوبُ الْحَجِّ، فَلَوْ أَحَجَّ الْفَقِيرُ أَوْ غَيْرُهُ مِمَّنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَجُّ عَنْ الْفَرْضِ لَمْ يَجُزْ حَجُّ غَيْرِهِ عَنْهُ وَإِنْ وَجَبَ بَعْدَ ذَلِكَ. التَّاسِعُ وُجُودُ الْعُذْرِ قَبْلَ الْإِحْجَاجِ، فَلَوْ أَحَجَّ صَحِيحٌ ثُمَّ عَجَزَ لَا يَجْزِيهِ.
الْعَاشِرُ أَنْ يَحُجَّ رَاكِبًا، فَلَوْ حَجَّ مَاشِيًا وَلَوْ بِأَمْرِهِ ضَمِنَ النَّفَقَةَ، وَالْمُعْتَبَرُ رُكُوبُ أَكْثَرِ الطَّرِيقِ إلَّا إنْ ضَاقَتْ النَّفَقَةُ فَحَجَّ مَاشِيًا جَازَ. الْحَادِيَ عَشَرَ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ مِنْ وَطَنِهِ إنْ اتَّسَعَ الثُّلُثُ وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ. الثَّانِيَ عَشَرَ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْمِيقَاتِ، فَلَوْ اعْتَمَرَ وَقَدْ أَمَرَهُ بِالْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ مِنْ مَكَّةَ لَا يَجُوزُ وَيَضْمَنُ. وَبَحَثَ فِيهِ شَارِحُهُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَيَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ. قُلْت: قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى قُبَيْلَ بَابِ الْإِحْرَامِ فَرَاجِعْهُ. الثَّالِثَ عَشَرَ أَنْ لَا يُفْسِدَ حَجَّهُ، فَلَوْ أَفْسَدَهُ لَمْ يَقَعْ عَنْ الْآمِرِ وَإِنْ قَضَاهُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ. الرَّابِعَ عَشَرَ عَدَمُ الْمُخَالَفَةِ، فَلَوْ أَمَرَهُ بِالْإِفْرَادِ فَقَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ وَلَوْ لِلْمَيِّتِ لَمْ يَقَعْ عَنْهُ وَيَضْمَنُ النَّفَقَةَ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْعُمْرَةِ فَاعْتَمَرَ ثُمَّ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ بِالْحَجِّ فَحَجَّ ثُمَّ اعْتَمَرَ عَنْ نَفْسِهِ جَازَ إلَّا أَنَّ نَفَقَةَ إقَامَتِهِ لِلْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ عَنْ نَفْسِهِ فِي مَالِهِ، وَإِذَا فَرَغَ عَادَتْ فِي مَالِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ عَكَسَ لَمْ يَجُزْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute