لَمْ يَجُزْ حَجُّهُ، وَإِنَّمَا يَقُولُ أَمَرْتُك أَنْ تَحُجَّ عَنِّي بِلَا ذِكْرِ إجَارَةٍ.
ــ
[رد المحتار]
الْخَامِسَ عَشَرَ: أَنْ يُحْرِمَ بِحَجَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَلَوْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ عَنْ الْآمِرِ ثُمَّ بِأُخْرَى عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا إنْ رَفَضَ الثَّانِيَةَ.
السَّادِسَ عَشَرَ: أَنْ يُفْرِدَ الْإِهْلَالَ لِوَاحِدٍ لَوْ أَمَرَهُ رَجُلَانِ بِالْحَجِّ، فَلَوْ أَهَلَّ عَنْهُمَا ضَمِنَ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ. السَّابِعَ عَشَرَ وَالثَّامِنَ عَشَرَ: إسْلَامُ الْآمِرِ وَالْمَأْمُورِ وَعَقْلُهُمَا كَمَا سَيَأْتِي، فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ وَلَا مِنْ الْمَجْنُونِ لِغَيْرِهِ وَلَا عَكْسُهُ، لَكِنْ لَوْ وَجَبَ الْحَجُّ عَلَى الْمَجْنُونِ قَبْلَ طُرُوُّ جُنُونِهِ صَحَّ الْإِحْجَاجُ عَنْهُ. التَّاسِعَ عَشَرَ: تَمْيِيزُ الْمَأْمُورِ، فَلَا يَصِحُّ إحْجَاجُ صَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَيَصِحُّ إحْجَاجُ الْمُرَاهِقِ كَمَا سَيَأْتِي. الْعِشْرُونَ: عَدَمُ الْفَوَاتِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ. قَالَ فِي اللُّبَابِ: وَهَذِهِ الشَّرَائِطُ كُلُّهَا فِي الْحَجِّ الْفَرْضِ، وَأَمَّا النَّفَلُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهَا: إلَّا الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالتَّمْيِيزُ، وَكَذَا الِاسْتِئْجَارُ، وَلَمْ نَجِدْهُ صَرِيحًا فِي النَّفْلِ وَجَزَمَ بِهِ شَارِحُهُ، لَكِنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ لَا يَقَعُ عَنْ الْمَيِّتِ، وَفِيهِ مَا نَذْكُرُهُ بُعَيْدَهُ. مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْحَجِّ (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ حَجُّهُ عَنْهُ) كَذَا فِي اللُّبَابِ، لَكِنْ قَالَ شَارِحُهُ: وَفِي الْكِفَايَةِ: يَقَعُ الْحَجُّ عَنْ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ وَبِهِ كَانَ يَقُولُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اهـ. وَصَرَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ بِأَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ الْجَوَازُ، لَكِنَّهُ قَالَ أَيْضًا: وَلِلْأَجِيرِ أَجْرُ مِثْلِهِ. وَاسْتَشْكَلَهُ فِي [فَتْحِ الْقَدِيرِ] بِمَا قَالُوا مِنْ أَنَّ مَا يُنْفِقُهُ الْمَأْمُورُ إنَّمَا هُوَ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِلْكَهُ لَكَانَ بِالِاسْتِئْجَارِ، وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الطَّاعَاتِ، فَالْعِبَارَةُ الْمُحَرَّرَةُ مَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ: وَلَهُ نَفَقَةُ مِثْلِهِ.
وَزَادَ إيضَاحَهَا فِي الْمَبْسُوطِ فَقَالَ: هَذِهِ النَّفَقَةُ لَيْسَ يَسْتَحِقُّهَا بِطَرِيقِ الْعِوَضِ بَلْ بِطَرِيقِ الْكِفَايَةِ لِأَنَّهُ فَرَّغَ نَفْسَهُ لِعَمَلٍ يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْتَأْجَرُ. هَذَا، وَإِنَّمَا جَازَ الْحَجُّ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَمَّا بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ بَقِيَ الْأَمْرُ بِالْحَجِّ فَتَكُونُ لَهُ نَفَقَةُ مِثْلِهِ. اهـ. قُلْت: وَعِبَارَةُ كَافِي الْحَاكِمِ. عَلَى مَا نَقَلَهُ الرَّحْمَتِيُّ: رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَحُجَّ عَنْهُ قَالَ: لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ، وَلَهُ نَفَقَةُ مِثْلِهِ. وَتَجُوزُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ عَنْ الْمَسْجُونِ إذَا مَاتَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ. اهـ. وَمِثْلُهُ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ: لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْحَجِّ، فَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الْأَجْرَ فَحَجَّ يَجُوزُ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِقْدَارُ نَفَقَةِ الطَّرِيقِ وَيُرَدُّ الْفَضْلُ عَلَى الْوَرَثَةِ إلَّا إذَا تَبَرَّعَ بِهِ الْوَرَثَةُ أَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِأَنَّ الْفَضْلَ لِلْحَاجِّ اهـ مُلَخَّصًا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لَمْ يَجُزْ حَجُّهُ عَنْهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَأَنَّ قَوْلَ الْخَانِيَّةِ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ مَعَ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ كَالِاسْتِئْجَارِ عَلَى بَقِيَّةِ الطَّاعَاتِ.
وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ نَفَقَةُ الْمِثْلِ كَمَا عَبَّرَ فِي الْكَافِي، وَإِنَّمَا سَمَّاهَا أَجْرًا مَجَازًا، وَهَذَا أَحْسَنُ مِمَّا قِيلَ إنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْقَائِلِينَ بِجَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الطَّاعَاتِ، لِمَا عَلِمْته مِمَّا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ لَمْ يُطْلِقُوا ذَلِكَ، بَلْ أَفْتَوْا بِجَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى التَّعْلِيمِ وَالْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ لِلضَّرُورَةِ لَا عَلَى جَمِيعِ الطَّاعَاتِ كَمَا أَوْضَحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مِنَحِهِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ، وَإِلَّا لَزِمَ الْجَوَازُ عَلَى الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَلَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ، وَلَا ضَرُورَةَ لِلِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْحَجِّ لِإِمْكَانِ دَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ لِيُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمَيِّتِ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ كَمَا عَلِمْتَ التَّصْرِيحَ بِهِ عَنْ الْمَبْسُوطِ، وَالْمُتُونُ الْمُصَرَّحُ فِيهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute