للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ شَرَطَهُ لَهُ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَهُ بِهِبَةِ الْفَضْلِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ يُوصِي الْمَيِّتُ بِهِ لِمُعَيَّنٍ، وَلِوَارِثِهِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَالَ مِنْ الْمَأْمُورِ مَا لَمْ يُحْرِمْ وَكَذَا إنْ أَحْرَمَ وَقَدْ دَفَعَ إلَيْهِ لِيَحُجَّ عَنْهُ وَصِيُّهُ فَأَحْرَمَ ثُمَّ مَاتَ الْآمِرُ. وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَحُجَّ بِنَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ بِالدَّفْعِ أَوْ يَكُونَ وَارِثًا وَلَمْ تُجِزْ الْبَقِيَّةُ. وَلَوْ قَالَ: مُنِعْتُ وَكَذَّبُوهُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمْرًا ظَاهِرًا؛ وَلَوْ قَالَ حَجَجْتُ وَكَذَّبُوهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إلَّا إذَا كَانَ مَدْيُونَ الْمَيِّتِ وَقَدْ أُمِرَ بِالْإِنْفَاقِ؛ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُمْ أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْبَلَدِ إلَّا إذَا بَرْهَنَّا عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ لَمْ يَحُجَّ.

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى الْحَجِّ لَا يَصِحُّ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ كَمَا قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مَا فَضَلَ لِلْمَأْمُورِ يَقُولُ لَهُ وَكَّلْتُك أَنْ تَهَبَ الْفَضْلَ مِنْ نَفْسِك وَتَقْبِضَهُ لِنَفْسِك، فَإِنْ كَانَ عَلَى مَوْتٍ قَالَ وَالْبَاقِي مِنِّي لَك وَصِيَّةً. اهـ.

زَادَ فِي اللُّبَابِ: وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْآمِرُ رَجُلًا يَقُولُ لِلْوَصِيِّ أَعْطِ مَا بَقِيَ مِنْ النَّفَقَةِ مَنْ شِئْت، وَإِنْ أَطْلَقَ فَقَالَ وَمَا يَبْقَى مِنْ النَّفَقَةِ فَهُوَ لِلْمَأْمُورِ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ. اهـ.

أَيْ لِأَنَّهَا لِمَجْهُولٍ (قَوْلُهُ وَلِوَارِثِهِ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَقَدَّمَتْ عِنْدَ قَوْلِهِ إنْ وَفَّى بِهِ ثُلُثُهُ، لَكِنْ ذُكِرَتْ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَوْضِعَيْنِ مَعَ زِيَادَةٍ، لَمْ تُوجَدْ فِي الْآخَرِ فَفِي الْأَوَّلِ زَادَ الْوَصِيَّ، وَالتَّفْصِيلَ فِي نَفَقَةِ الرُّجُوعِ وَفِي هَذَا زَادَ قَوْلَهُ كَذَا إنْ أَحْرَمَ إلَخْ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظِمَهُمَا فِي سِلْكٍ وَاحِدٍ ح (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ أَحْرَمَ وَقَدْ دَفَعَ إلَيْهِ لِيَحُجَّ عَنْهُ وَصِيُّهُ إلَخْ) هَذَا التَّرْكِيبُ فَاسِدُ الْمَعْنَى. وَوُجِدَ فِي نُسْخَةٍ لِيَحُجَّ عَنْهُ بِلَا وَصِيَّةٍ وَهِيَ الصَّوَابُ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمَحْجُوجَ عَنْهُ إذَا لَمْ يُوصِ بِالْحَجِّ وَلَكِنَّهُ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ لِيَحُجَّ عَنْهُ ثُمَّ مَاتَ الدَّافِعُ فَلِلْوَرَثَةِ اسْتِرْدَادُ الْمَالِ الْبَاقِي مِنْ الرَّجُلِ، وَإِنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِ الْآمِرِ أَوْصَى بِالْحَجِّ عَنْهُ لِمَا فِي الْمُحِيطِ: لَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا لِيَحُجَّ بِهِ عَنْهُ فَأَهَلَّ بِحَجَّةٍ ثُمَّ مَاتَ الْآمِرُ فَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يَأْخُذُوا مَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ مَعَهُ وَيُضَمِّنُونَهُ مَا أَنْفَقَ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْحَجِّ كَنَفَقَةِ ذَوِي الْأَرْحَامِ تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ اهـ (قَوْلُهُ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَحُجَّ إلَخْ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الطَّاعَاتِ، وَعَنْ هَذَا قُلْنَا لَوْ أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ كَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِنَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَارِثًا، أَوْ دَفَعَهُ لِوَارِثٍ لِيَحُجَّ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ تُجِيزَ الْوَرَثَةُ وَهُمْ كِبَارٌ، لِأَنَّ هَذَا كَالتَّبَرُّعِ بِالْمَالِ فَلَا يَصِحُّ لِلْوَارِثِ إلَّا بِإِجَازَةِ الْبَاقِينَ؛ وَلَوْ قَالَ الْمَيِّتُ لِلْوَصِيِّ ادْفَعْ الْمَالَ لِمَنْ يَحُجُّ عَنِّي لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَحُجَّ بِنَفْسِهِ مُطْلَقًا. اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ مُنِعْتُ) أَيْ عَنْ الْحَجِّ وَكَذَّبُوهُ أَيْ الْوَرَثَةُ لَمْ يُصَدَّقْ وَيَضْمَنُ مَا أَنْفَقَهُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمْرًا ظَاهِرًا يَشْهَدُ عَلَى صِدْقِهِ. لِأَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ قَدْ ظَهَرَ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَفْعِهِ إلَّا بِظَاهِرٍ يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ مَا هُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ إلَّا إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي قَضَاءَ الدَّيْنِ هَكَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ وَعَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ خِلَافًا لِمَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَقَدْ أُمِرَ بِالْإِنْفَاقِ) أَيْ مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ ط (قَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ إلَخْ) لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى النَّفْيِ بَحْرٌ: أَيْ لِأَنَّ مَقْصُودَهُمْ نَفْيُ حَجِّهِ وَإِنْ كَانَتْ صُورَةُ شَهَادَتِهِمْ إثْبَاتًا ح (قَوْلُهُ إلَّا إذَا بَرْهَنَّا إلَخْ) لِأَنَّ إقْرَارَهُ وَهُوَ تَلَفُّظُهُ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ إثْبَاتٌ ح، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بَرْهَنُوا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ: أَيْ الْوَرَثَةِ، وَهِيَ أَوْلَى. [تَتِمَّةٌ] فِي الْمُحِيطِ عَنْ الْمُنْتَقِي: أَوْصَى لِرَجُلٍ بِأَلْفٍ وَلِلْمَسَاكِينِ بِأَلْفٍ وَلِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ بِأَلْفٍ وَالثُّلُثُ أَلْفَانِ يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ثُمَّ تُضَافُ حِصَّةُ الْمَسَاكِينِ إلَى الْحَجَّةِ، فَمَا فَضَلَ عَنْ الْحَجَّةِ فَلِلْمَسَاكِينِ لِأَنَّ الْبُدَاءَةَ بِالْفَرْضِ أَهَمُّ؛ وَلَوْ عَلَيْهِ حَجَّةٌ وَزَكَاةٌ وَأَوْصَى لِإِنْسَانٍ يَتَحَاصُّونَ فِي الثُّلُثِ ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ فَيُبْدَأُ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْمُوصِي؛ وَلَوْ فَرِيضَةٌ وَنَذْرٌ بُدِئَ بِالْفَرِيضَةِ، وَلَوْ تَطَوُّعٌ وَنَذْرٌ بُدِئَ بِالنَّذْرِ، وَلَوْ كُلُّهَا تَطَوُّعَاتٌ أَوْ فَرَائِضُ أَوْ وَاجِبَاتٌ بُدِئَ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْمَيِّتُ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>