للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصَحَّ اشْتِرَاكُ سِتَّةٍ فِي بَدَنَةٍ شُرِيَتْ لِقُرْبَةٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهَا.

(وَتَجُوزُ الشَّاةُ) فِي الْحَجِّ فِي كُلِّ شَيْءٍ (إلَّا فِي طَوَافِ الرُّكْنِ جُنُبًا) أَوْ حَائِضًا (وَوَطْءٍ بَعْدَ الْوُقُوفِ) قَبْلَ الْحَلْقِ كَمَا مَرَّ

(وَيَجُوزُ أَكْلُهُ) بَلْ يُنْدَبُ كَالْأُضْحِيَّةِ (مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ) إذَا بَلَغَ الْحَرَمَ (وَالْمُتْعَةَ وَالْقِرَانَ فَقَطْ)

ــ

[رد المحتار]

وَلَا يَرِدُ عَلَى طَرْدِهِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ جَوَازِ إهْدَاءِ قِيمَةِ الْمَنْذُورِ فِي رِوَايَةٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْأُضْحِيَّةَ لِأَنَّ " مَا " وَاقِعَةٌ عَلَى الْحَيَوَانِ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ وَهُوَ إبِلٌ وَبَقَرٌ وَغَنَمٌ، وَلَوْ سُلِّمَ فَتِلْكَ الرِّوَايَةُ مَرْجُوحَةٌ عَلَى أَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ تُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةَ كَمَا إذَا مَضَتْ أَيَّامُهَا وَلَمْ يُضَحِّ الْغَنِيُّ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهَا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَصَحَّ اشْتِرَاكُ سِتَّةٍ) أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الضَّحَايَا فَيَجُوزُ هُنَا لِمَا عَلِمْته مِنْ الْقَاعِدَةِ، وَاشْتِرَاكُ افْتِعَالُ، مَصْدَرُ الرُّبَاعِيِّ الْمُتَعَدِّي كَالِاخْتِصَاصِ وَالِاكْتِسَابِ وَهُوَ مُضَافٌ إلَى مَفْعُولِهِ أَيْ اشْتِرَاكُ وَاحِدٍ سِتَّةٌ. قَالَ فِي الْفَتْحِ عَنْ الْأَصْلِ وَالْمَبْسُوطِ: فَإِنْ اشْتَرَى بَدَنَةً لِمُتْعَةٍ مَثَلًا ثُمَّ اشْتَرَكَ فِيهَا سِتَّةٌ بَعْدَ مَا أَوْجَبَهَا لِنَفْسِهِ خَاصَّةً لَا يَسَعُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا أَوْجَبَهَا صَارَ الْكُلُّ وَاجِبًا بَعْضُهَا بِإِيجَابِ الشَّرْعِ وَبَعْضُهَا بِإِيجَابِهِ؛ فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ وَإِنْ نَوَى أَنْ يُشْرِكَ فِيهَا سِتَّةً أَجْزَأَتْهُ لِأَنَّهُ مَا أَوْجَبَ الْكُلَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالشِّرَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ عِنْدَ الشِّرَاءِ وَلَكِنْ لَمْ يُوجِبْهَا حَتَّى شَرَكَ السِّتَّةَ جَازَ: وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الشِّرَاءِ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمْ بِأَمْرِ الْبَاقِينَ حَتَّى تَثْبُتَ الشَّرِكَةُ فِي الِابْتِدَاءِ. اهـ.

وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَا أَوْجَبَ الْكُلَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالشِّرَاءِ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى إيجَابِهَا لِنَفْسِهِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِنَفْسِهِ أَوْ يَنْوِيَ بَعْدَهُ الْقُرْبَةَ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ أَيْ بِتَعْيِينِ النِّيَّةِ وَتَخْصِيصِهَا لَهُ. إذَا عَرَفْتَ ذَلِكَ فَالصُّوَرُ سِتَّةٌ: إمَّا أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِنَفْسِهِ خَاصَّةً، أَوْ يَشْتَرِيَهَا بِلَا نِيَّةٍ ثُمَّ يُعَيِّنَهَا لِنَفْسِهِ، أَوْ يَشْتَرِيَهَا بِلَا نِيَّةٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهَا لِنَفْسِهِ، أَوْ يَشْتَرِيَهَا بِنِيَّةِ الشَّرِكَةِ أَوْ يَشْتَرِيَهَا مَعَ سِتَّةٍ، أَوْ يَشْتَرِيَهَا وَحْدَهُ بِأَمْرِهِمْ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ شُرِيَتْ لِقُرْبَةٍ لَا يَصْلُحُ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ هُوَ خَاصٌّ بِمَا عَدَا الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا التَّفْصِيلُ مَحْمُولًا عَلَى الْفَقِيرِ لِأَنَّ الْغَنِيَّ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ فِي أُضْحِيَّةِ الْبَدَائِعِ عَنْ الْأَصْلِ، مِنْ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بَقَرَةً لِيُضَحِّيَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ فَأَشْرَكَ فِيهَا يُجْزِئُهُمْ وَالْأَحْسَنُ فِعْلُ ذَلِكَ قَبْلَ الشِّرَاءِ قَالَ: وَهَذَا: أَيْ قَوْلُهُ يُجْزِئُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَنِيِّ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَعَيَّنْ، أَمَّا الْفَقِيرُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشْرِكَ فِيهَا لِأَنَّهُ أَوْجَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِالشِّرَاءِ لِلْأُضْحِيَّةِ فَتَعَيَّنَتْ اهـ. لَكِنْ سَوَّى فِي الْخَانِيَّةِ فِي مَسْأَلَةِ الْأُضْحِيَّةَ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهَا) فِي الْفَتْحِ عَنْ الْأَصْلِ وَالْمَبْسُوطِ: كُلُّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَنَاسِكِ جَازَ أَنْ يُشَارِكَ سِتَّةَ نَفَرٍ قَدْ وَجَبَتْ الدِّمَاءُ عَلَيْهِمْ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهَا مِنْ دَمِ مُتْعَةٍ وَإِحْصَارٍ وَجَزَاءِ صَيْدٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الْكُلُّ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ. اهـ.

وَذَكَرَ نَحْوَهُ فِي الْبَحْرِ هُنَا، وَبِهِ يَظْهَرُ مَا فِي قَوْلِ الْبَحْرِ فِي الْقِرَانِ وَالْجِنَايَاتِ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ لَا يَكْفِي فِي الْجِنَايَاتِ بِخِلَافِ دَمِ الشُّكْرِ وَقَدْ نَبَّهْنَا عَلَى ذَلِكَ أَوَّلَ بَابِ الْجِنَايَاتِ

(قَوْلُهُ فِي الْحَجِّ) أَيْ فِي كُلِّ دَمٍ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْحَجِّ كَدَمِ الشُّكْرِ وَالْجِنَايَةِ وَالْإِحْصَارِ وَالنَّفَلِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: فَلَا يَرِدُ أَنَّ مَنْ نَذَرَ بَدَنَةً أَوْ جَزُورًا لَا تُجْزِئُهُ الشَّاةُ (قَوْلُهُ إلَّا إلَخْ) أَيْ فَتَجِبُ فِيهِمَا بَدَنَةٌ وَلَا ثَالِثَ لَهُمَا فِي الْحَجِّ لُبَابٌ. قَالَ شَارِحُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا مَاتَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَأَوْصَى بِإِتْمَامِ الْحَجِّ تَجِبُ الْبَدَنَةُ لِطَوَافِ الزِّيَارَةِ وَجَازَ حَجُّهُ، وَكَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ تَجِبُ فِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ ثُمَّ قَوْلُهُ فِي الْحَجِّ احْتِرَازٌ عَنْ الْعُمْرَةِ حَيْثُ لَا تَجِبُ الْبَدَنَةُ بِالْجِمَاعِ قَبْلَ أَدَاءِ رُكْنِهَا مِنْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ وَلَا أَدَاءُ طَوَافِهَا بِالْجَنَابَةِ أَوْ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ اهـ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْحَلْقِ) أَمَّا بَعْدَهُ فَفِي وُجُوبِهَا خِلَافٌ وَالرَّاجِحُ وُجُوبُ الشَّاةِ ط عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي الْجِنَايَاتِ ح

(قَوْلُهُ كَالْأُضْحِيَّةِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثُّلُثِ وَيُطْعِمَ الْأَغْنِيَاءَ الثُّلُثَ وَيَأْكُلَ وَيَدَّخِرَ الثُّلُثَ ح عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ إذَا بَلَغَ الْحَرَمَ) قَيَّدَ بِهِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ حِلَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ لِغَيْرِ الْفُقَرَاءِ مُقَيَّدٌ بِبُلُوغِهِ مَحَلَّهُ؛ وَأَفَادَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>