للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ أَكَلَ مِنْ غَيْرِهَا ضَمِنَ مَا أَكَلَ

(وَيَتَعَيَّنُ يَوْمُ النَّحْرِ) أَيْ وَقْتُهُ وَهُوَ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ (لِذَبْحِ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ) فَقَطْ، فَلَمْ يُجْزِ قَبْلَهُ بَلْ بَعْدَهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ (وَ) يَتَعَيَّنُ (الْحَرَمُ) لَا مِنًى (لِلْكُلِّ لَا لِفَقِيرِهِ) لَكِنَّهُ أَفْضَلُ

(وَيَتَصَدَّقُ بِجِلَالِهِ وَخِطَامِهِ) أَيْ زِمَامِهِ (وَلَمْ يُعْطَ أَجْرُ الْجَزَّارِ) أَيْ الذَّابِحِ (مِنْهُ) فَإِنْ أَعْطَاهُ ضَمِنَهُ، أَمَّا لَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ جَازَ

ــ

[رد المحتار]

الْقَيْدِ لِأَنَّهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ الْحَرَمَ لَيْسَ بِهَدْيٍ فَلَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لِيُحْتَاجَ إلَى إخْرَاجِهِ. قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ إذَا بَلَغَ الْحَرَمَ فَالْقُرْبَةُ فِيهِ بِالْإِرَاقَةِ وَقَدْ حَصَلَتْ فَالْأَكْلُ بَعْدَ حُصُولِهَا، وَإِذَا لَمْ يَبْلُغْ فَهِيَ بِالتَّصَدُّقِ وَالْأَكْلُ يُنَافِيهِ اهـ. وَنَظَرَ فِيهِ فِي النَّهْرِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ النَّظَرِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ مَنْعُ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى هَدْيًا قَبْلَ بُلُوغِهِ الْحَرَمَ، لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى - {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥]- يَدُلُّ عَلَى تَسْمِيَتِهِ هَدْيًا قَبْلَ بُلُوغِهِ، سَوَاءٌ قُدِّرَ بَالِغَ، صِفَةً أَوْ حَالًا مُقَدَّرَةً وَلِأَنَّ الْمُتَوَقِّفَ عَلَى بُلُوغِهِ الْحَرَمَ جَوَازُ الْأَكْلِ مِنْهُ وَإِطْعَامُ الْغَنِيِّ دُونَ كَوْنِهِ هَدْيًا، وَلِذَا لَا يَرْكَبُهُ فِي الطَّرِيقِ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَلَا يَحْلُبُهُ؛ وَلَوْ عَطِبَ أَوْ تَعَيَّبَ قَبْلَهُ نَحَرَهُ وَضَرَبَ صَفْحَةَ سَنَامِهِ بِدَمِهِ لَيُعْلَمَ أَنَّهُ هَدْيٌ لِلْفُقَرَاءِ فَلَا يَأْكُلُهُ غَنِيٌّ كَمَا يَأْتِي فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَكَلَ مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مِنْ بَقِيَّةِ الْهَدَايَا كَدِمَاءِ الْكَفَّارَاتِ كُلِّهَا وَالنُّذُورِ وَهَدْيِ الْإِحْصَارِ وَالتَّطَوُّعِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ الْحَرَمَ، وَكَذَا لَوْ أَطْعَمَ غَنِيًّا، أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ ضَمِنَ مَا أَكَلَ) أَيْ ضَمِنَ قِيمَتَهُ. وَفِي اللُّبَابِ وَشَرْحِهِ: فَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ بِنَفْسِهِ بِأَنْ بَاعَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ، بِأَنْ وَهَبَهُ لِغَنِيٍّ أَوْ أَتْلَفَهُ وَضَيَّعَهُ لَمْ يَجُزْ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ أَيْ ضَمَانُ قِيمَتِهِ لِلْفُقَرَاءِ إنْ كَانَ مِمَّا يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا. اهـ. وَفِيهِ كَلَامٌ يُعْلَمُ مِنْ الْبَحْرِ وَمِمَّا عَلَّقْنَاهُ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ أَيْ وَقْتُهُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْيَوْمِ مُطْلَقُ الْوَقْتِ فَيَعُمُّ أَوْقَاتَ النَّحْرِ أَوْ هُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ ط (قَوْلُهُ فَقَطْ) أَيْ لَا يَتَعَيَّنُ غَيْرُهُمَا فِيهَا، وَمِنْهُ هَدْيُ التَّطَوُّعِ إذَا بَلَغَ الْحَرَمَ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِزَمَانٍ هُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ كَانَ ذَبْحُهُ يَوْمَ النَّحْرِ أَفْضَلَ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ خِلَافًا لِلْقُدُورِيِّ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَلَمْ يُجْزِ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنْ الْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ بَلْ بَعْدَهُ) أَيْ بَلْ يُجْزِئُهُ بَعْدَهُ: أَيْ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ: أَيْ أَيَّامَهُ إلَّا أَنَّهُ تَارِكٌ لِلْوَاجِبِ عِنْدَ الْإِمَامِ فَيَلْزَمُهُ دَمٌ لِلتَّأْخِيرِ؛ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَعَدَمُ التَّأْخِيرِ سُنَّةٌ، حَتَّى لَوْ ذَبَحَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ بِالْحَلْقِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَا مِنًى) أَيْ بَلْ يُسَنُّ لِمَا فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْهَدَايَا أَيَّامَ النَّحْرِ مِنًى وَفِي غَيْرِ أَيَّامِ النَّحْرِ فَمَكَّةُ هِيَ الْأَوْلَى شَرْحُ اللُّبَابِ (قَوْلُهُ لِلْكُلِّ) بَيَانٌ لِكَوْنِ الْهَدْيِ مُؤَقَّتًا بِالْمَكَانِ سَوَاءٌ كَانَ دَمَ شُكْرٍ أَوْ جِنَايَةٍ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ اسْمٌ لِمَا يُهْدَى مِنْ النَّعَمِ إلَى الْحَرَمِ وَدَخَلَ فِيهِ الْهَدْيُ الْمَنْذُورُ، بِخِلَافِ الْبَدَنَةِ الْمَنْذُورَةِ فَلَا تَتَقَيَّدُ بِالْحَرَمِ عِنْدَهُمَا. وَقَاسَهَا أَبُو يُوسُفَ عَلَى الْهَدْيِ الْمَنْذُورِ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ لَا لِفَقِيرِهِ) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ تَعَلَّقَ بِهِ الْمَجْرُورُ وَالتَّقْدِيرُ لَا التَّصَدُّقُ لِفَقِيرِهِ وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ ح الصَّوَابُ لَا فَقِيرُهُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى الْحَرَمِ ط

(قَوْلُهُ فَإِنْ أَعْطَاهُ ضَمِنَهُ) أَيْ إنْ أَعْطَاهُ بِلَا شَرْطٍ، أَمَّا لَوْ شَرَطَهُ لَمْ يَجُزْ كَمَا فِي اللُّبَابِ. قَالَ شَارِحُهُ: وَتَوْضِيحُ مَا قَالَهُ الطَّرَابُلُسِيُّ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ إعْطَاءَهُ مِنْهُ يَبْقَى شَرِيكًا لَهُ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ الْكُلُّ لِقَصْدِهِ اللَّحْمَ. اهـ. أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ صَيْرُورَتَهُ شَرِيكًا فَرْعُ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَسَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ لِآخَرَ غَزْلًا لِيَنْسِجَهُ لَهُ بِنِصْفِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَ بَغْلًا لِيَحْمِلَ طَعَامَهُ بِبَعْضِهِ أَوْ ثَوْرًا لِيَطْحَنَ بُرَّهُ بِبَعْضِ دَقِيقِهِ فَسَدَتْ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِجُزْءٍ مِنْ عَمَلِهِ، وَحَيْثُ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ مِنْ الدَّرَاهِمِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ أَيْضًا، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَجِبَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ دَرَاهِمَ، وَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ اللَّحْمِ فَلَمْ يَصِرْ شَرِيكًا فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>