للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ امْرَأَةٍ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ نِكَاحِهَا مَانِعٌ شَرْعِيٌّ فَخَرَجَ الذَّكَرُ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ وَالْوَثَنِيَّةُ لِجَوَازِ ذُكُورَتِهِ

ــ

[رد المحتار]

الزَّوْجِ بِمَنَافِعِ بُضْعِهَا وَسَائِرِ أَعْضَائِهَا اسْتِمْتَاعًا أَوْ مِلْكُ الذَّاتِ وَالنَّفْسِ فِي حَقِّ التَّمَتُّعِ عَلَى اخْتِلَافِ مَشَايِخِنَا فِي ذَلِكَ. اهـ. بَحْرٌ وَعَزَا الدَّبُوسِيُّ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ إلَى الشَّافِعِيِّ، لَكِنْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَالْكَنْزِ صَرِيحٌ فِي اخْتِيَارِهِ عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ كَمَا فِي النَّهْرِ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ، لِقَوْلِ الدَّبُوسِيِّ إنَّ هَذَا الْمِلْكَ لَيْسَ حَقِيقِيًّا بَلْ فِي حُكْمِهِ فِي حَقِّ تَحْلِيلِ الْوَطْءِ دُونَ مَا سِوَاهُ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي لَا تَتَّصِلُ بِحَقِّ الزَّوْجِيَّةِ. اهـ. فَعَلَى الْقَوْلِ الَّذِي عَزَاهُ الدَّبُوسِيُّ إلَى أَصْحَابِنَا مِنْ أَنَّهُ مِلْكُ الذَّاتِ لَيْسَ مِلْكًا لِلذَّاتِ حَقِيقَةً بَلْ مِلْكُ التَّمَتُّعِ بِهَا: أَيْ اخْتِصَاصُ الزَّوْجِ بِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مِلْكُ الْمُتْعَةِ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ تَفْسِيرَ الْمِلْكِ هُنَا بِالِاخْتِصَاصِ كَمَا عَبَّرَ فِي الْبَدَائِعِ أَوْلَى مِنْ تَفْسِيرِهِ بِالْحِلِّ تَبَعًا لِلْبَحْرِ لِأَنَّ الِاخْتِصَاصَ أَقْرَبُ إلَى مَعْنَى الْمِلْكِ لِأَنَّ الْمِلْكَ نَوْعٌ مِنْهُ بِخِلَافِ الْحِلِّ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ وَهُوَ لَازِمٌ لِاخْتِصَاصِهَا بِالزَّوْجِ شَرْعًا أَيْضًا عَلَى أَنَّ مِلْكَ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ، فَمِلْكُ الزَّوْجِ الْمُتْعَةَ بِالْعَقْدِ مِلْكٌ شَرْعِيٌّ كَمِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ الْمَنْفَعَةَ بِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْخِدْمَةِ مَثَلًا وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْمِلْكِ الْحِلُّ لَا الْمَلِكُ الشَّرْعِيُّ لِأَنَّ الْمَنْكُوحَةَ لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَمَهْرُهَا لَهَا وَلَوْ مَلَكَ الِانْتِفَاعَ بِبُضْعِهَا حَقِيقَةً لَكَانَ بَدَلُهُ لَهُ. اهـ. لِأَنَّ مِلْكَهُ الِانْتِفَاعَ بِالْبُضْعِ حَقِيقَةً لَا يَسْتَلْزِمُ مِلْكَهُ الْبَدَلَ، وَإِنَّمَا يَسْتَلْزِمُهُ مِلْكُ نَفْسِ الْبُضْعِ كَمَا لَوْ وُطِئَتْ أَمَتُهُ فَإِنَّ الْعَقْدَ لَهُ لِمِلْكِهِ نَفْسَ الْبُضْعِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ فَافْهَمْ.

[تَنْبِيهٌ]

كَلَامُ الشَّارِحِ وَالْبَدَائِعِ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْحَقَّ فِي التَّمَتُّعِ لِلرَّجُلِ لَا لِلْمَرْأَةِ كَمَا ذَكَرَهُ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ فِي حَوَاشِي مِسْكِينٍ قَالَ: يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الْأَبْيَارِيُّ شَارِحُ الْكَنْزِ فِي شَرْحِهِ لِلْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «احْفَظْ عَوْرَتَك إلَّا مِنْ زَوْجَتِك أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُك» مِنْ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى فَرْجِ زَوْجَتِهِ وَحَلْقَةِ دُبُرِهَا، بِخِلَافِهَا حَيْثُ لَا تَنْظُرُ إلَيْهِ إذَا مَنَعَهَا مِنْ النَّظَرِ. اهـ. وَنَقَلَهُ ط وَأَقَرَّهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ لَيْسَ لَهَا إجْبَارٌ عَلَى ذَلِكَ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهَا إذَا مَنَعَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ حِلِّ اسْتِمْتَاعِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ، نَعَمْ لَهُ وَطْؤُهَا جَبْرًا إذَا امْتَنَعَتْ بِلَا مَانِعٍ شَرْعِيٍّ وَلَيْسَ لَهَا إجْبَارُهُ عَلَى الْوَطْءِ بَعْدَمَا وَطِئَهَا مَرَّةً، وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ دِيَانَةً أَحْيَانًا عَلَى مَا سَيَأْتِي تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: مِنْ امْرَأَةٍ إلَخْ) مِنْ ابْتِدَائِيَّةٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِامْرَأَةٍ وَالْمُرَادُ بِهَا الْمُحَقَّقَةُ أُنُوثَتُهَا بِقَرِينَةِ الِاحْتِرَازِ بِهَا عَنْ بِالْخُنْثَى، وَهَذَا بَيَانٌ لِمَحَلِّيَّةِ الْعَقْدِ قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْفَتْحِ: إنَّ مَحَلِّيَّتَهُ الْأُنْثَى وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَحَلِّيَّتَهُ أُنْثَى مُحَقَّقَةٌ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ لَيْسَتْ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَفِي الْعِنَايَةِ مَحَلُّهُ امْرَأَةٌ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ نِكَاحِهَا مَانِعٌ شَرْعِيٌّ فَخَرَجَ الذَّكَرُ لِلذَّكَرِ وَالْخُنْثَى مُطْلَقًا وَالْجِنِّيَّةُ لِلْإِنْسِيِّ، ومَا كَانَ مِنْ النِّسَاءِ مُحَرَّمًا عَلَى التَّأْبِيدِ كَالْمَحَارِمِ. اهـ. وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّكَاحِ فِي قَوْلِهِ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ نِكَاحِهَا الْعَقْدُ لَا الْوَطْءُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بَيَانُ مَحَلِّيَّةِ الْعَقْدِ، وَلِذَا احْتَرَزَ بِالْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ عَنْ الْمَحَارِمِ، فَالْمُرَادُ مِنْهُ الْمَحْرَمِيَّةُ بِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ كَالْمُصَاهَرَةِ وَالرَّضَاعِ، وَأَمَّا نَحْوُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْإِحْرَامِ وَالظِّهَارِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ فَهُوَ مَانِعٌ مِنْ حِلِّ الْوَطْءِ لَا مِنْ مَحَلِّيَّةِ الْعَقْدِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: فَخَرَجَ الذَّكَرُ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ) أَيْ أَنَّ إيرَادَ الْعَقْدِ عَلَيْهِمَا لَا يُفِيدُ مِلْكَ اسْتِمْتَاعِ الرَّجُلِ بِهِمَا لِعَدَمِ مَحَلِّيَّتِهِمَا لَهُ، وَكَذَا عَلَى الْخُنْثَى لِامْرَأَةٍ أَوْ لِمِثْلِهِ، فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ فِي كِتَابِ الْخُنْثَى: لَوْ زَوَّجَهُ أَبُوهُ أَوْ مَوْلَاهُ امْرَأَةً أَوْ رَجُلًا لَا يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَالُهُ أَنَّهُ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّهُ خِلَافُ مَا زُوِّجَ بِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْعَقْدَ كَانَ صَحِيحًا، وَإِلَّا فَبَاطِلٌ؛ لِعَدَمِ مُصَادَفَةِ الْمَحَلِّ وَكَذَا إذَا زَوَّجَ خُنْثَى مِنْ خُنْثَى آخَرَ لَا يُحْكَمُ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ حَتَّى يَظْهَرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا ذَكَرٌ وَالْآخَرُ أُنْثَى. اهـ.

فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ مُطْلَقًا لَشَمَلَ الصُّوَرَ الثَّلَاثَ لَكِنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى إفَادَةِ بَعْضِ أَحْكَامِهِ وَلَيْسَ فِيهِ إجْمَالٌ، فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: وَالْوَثَنِيَّةُ) سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ وَوُجِدَ فِي بَعْضِهَا قَبْلَ قَوْلِهِ وَالْخُنْثَى وَالْأَوْلَى ذِكْرُهَا بَعْدَهُ لِخُرُوجِهَا بِالْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ وَعَبَّرَ بِهَا تَبَعًا لِتَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ فِي فَصْلِ الْمُحَرَّمَاتِ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْمُشْرِكَةِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الشَّارِحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>