وَالْمَحَارِمُ وَالْجِنِّيَّةُ وَإِنْسَانُ الْمَاءِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَأَجَازَ الْحَسَنُ نِكَاحَ الْجِنِّيَّةِ بِشُهُودٍ قُنْيَةٌ (قَصْدًا) خَرَجَ مَا يُفِيدُ الْحِلَّ ضِمْنًا، كَشِرَاءِ أَمَةٍ لِلتَّسَرِّي (وَ) عِنْدَ أَهْلِ الْأُصُولِ وَاللُّغَةِ (هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ) فَحَيْثُ جَاءَ فِي الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ مُجَرَّدًا عَنْ الْقَرَائِنِ يُرَادُ بِهِ الْوَطْءُ كَمَا فِي - {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢]- فَتَحْرُمُ مَزْنِيَّةُ الْأَبِ عَلَى الِابْنِ بِخِلَافِ - {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠]-
ــ
[رد المحتار]
هُنَاكَ (قَوْلُهُ: وَالْمَحَارِمُ) هَذَا خَارِجٌ بِالْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ أَيْضًا وَكَذَا قَوْلُهُ: وَالْجِنِّيَّةُ، وَإِنْسَانُ الْمَاءِ بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ بِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} [النحل: ٧٢] بَيَّنَ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣] وَهُوَ الْأُنْثَى مِنْ بَنَاتِ آدَمَ فَلَا يَثْبُتُ حِلُّ غَيْرِهَا بِلَا دَلِيلٍ وَلِأَنَّ الْجِنَّ يَتَشَكَّلُونَ بِصُوَرٍ شَتَّى فَقَدْ يَكُونُ ذَكَرًا تَشَكَّلَ بِشَكْلِ أُنْثَى، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ مَنْ سَأَلَ عَنْ جَوَازِ التَّزَوُّجِ بِهَا يُصْفَعُ لِجَهْلِهِ وَحَمَاقَتِهِ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ ذَلِكَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ التَّصَوُّرَ مُمْكِنٌ لِأَنَّ تَشَكُّلَهُمْ ثَابِتٌ بِالْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ وَالْحِكَايَاتِ الْكَثِيرَةِ وَلِذَا ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ بَعْضِ الْحَيَّاتِ كَمَا مَرَّ فِي مَكْرُوهَاتِ الصَّلَاةِ عَلَى أَنَّ عَدَمَ تَصَوُّرِ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى حَمَاقَةِ السَّائِلِ كَمَا قَالَهُ فِي الْأَشْبَاهِ وَقَالَ أَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا اللَّيْثِ ذَكَرَ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّ الْكُفَّارَ لَوْ تَتَرَّسُوا بِنَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ هَلْ يُرْمَى فَقَالَ يُسْأَلُ ذَلِكَ النَّبِيُّ وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بَعْدَ رَسُولِنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ أَجَابَ عَلَى تَقْدِيرِ التَّصَوُّرِ كَذَا هَذَا. اهـ. وَتَمَامُ ذَلِكَ فِي رِسَالَتِنَا الْمُسَمَّاةِ [سَلُّ الْحُسَامِ الْهِنْدِيِّ لِنُصْرَةِ سَيِّدِنَا خَالِدِ النَّقْشَبَنْدِيِّ] .
[تَنْبِيهٌ]
فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ السِّرَاجِيَّةِ: لَا تَجُوزُ الْمُنَاكَحَةُ بَيْنَ بَنِي آدَمَ وَالْجِنِّ، وَإِنْسَانِ الْمَاءِ؛ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ. اهـ. وَمُفَادُ الْمُفَاعَلَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْجِنِّيِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ إنْسِيَّةً أَيْضًا وَهُوَ مُفَادُ التَّعْلِيلِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَأَجَازَ الْحَسَنُ أَيْ الْبَصْرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالْأَوْلَى التَّقْيِيدُ بِهِ لِإِخْرَاجِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ تِلْمِيذِ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ إطْلَاقِهِ هُنَا أَنَّهُ رِوَايَةٌ فِي الْمَذْهَبِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ط لَكِنَّهُ نَقَلَ بَعْدَهُ عَنْ شَرْحِ الْمُنْتَقَى عَنْ زَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ نِكَاحُ آدَمِيٍّ جِنِّيَّةً كَعَكْسِهِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ فَكَانُوا كَبَقِيَّةِ الْحَيَوَانَاتِ. اهـ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ قَوْلُ الْحَسَنِ الْمَذْكُورُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: قَصْدًا) حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ يُفِيدُ وُقُوعَ الْمَصْدَرِ حَالًا، وَإِنْ كَثُرَ سَمَاعِيٌّ ط (قَوْلُهُ: كَشِرَاءِ أَمَةٍ) فَإِنَّ الْمَقْصُودَ فِيهِ مِلْكُ الرَّقَبَةِ وَحِلُّ الِاسْتِمْتَاعِ ضِمْنِيٌّ، وَلِذَا تَخَلَّفَ فِي شِرَاءِ الْمُحَرَّمَةِ نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا أَوْ اشْتِرَاكًا ح (قَوْلُهُ: لِلتَّسَرِّي) خَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهَا لَا لِلتَّسَرِّي كَانَ حِلُّ الِاسْتِمْتَاعِ ضِمْنِيًّا بِالْأَوْلَى وَلَوْ قَالَ وَلَوْ لِلتَّسَرِّي لَكَانَ أَظْهَرَ وَكَلَامُ الْبَحْرِ يَدُلُّ عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ: وَمِلْكُ الْمُتْعَةِ ثَابِتٌ ضِمْنًا، وَإِنْ قَصَدَهُ الْمُشْتَرِي. ح (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ أَهْلِ الْأُصُولِ وَاللُّغَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ: أَنَّ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مَعْنًى عُرْفِيٌّ لِلْفُقَهَاءِ، وَمَا ذَكَرَهُ مَعْنَاهُ شَرْعًا وَلُغَةً؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْأُصُولِ يَبْحَثُونَ عَنْ مَعْنَى النُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ، فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ كَلَامَيْ الْمُصَنِّفِ قَالَ فِي الْبَحْرِ قَدْ تَسَاوَى فِي هَذَا الْمَعْنَى اللُّغَةُ وَالشَّرْعُ، أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ: مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ) وَقِيلَ بِالْعَكْسِ وَنَسَبَهُ الْأُصُولِيُّونَ إلَى الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقِيلَ مُشْتَرَكٌ لَفْظِيٌّ فِيهِمَا وَقِيلَ مَوْضِعٌ لِلضَّمِّ الصَّادِقِ بِالْعَقْدِ وَالْوَطْءِ، فَهُوَ مُشْتَرَكٌ مَعْنَوِيٌّ وَبِهِ صَرَّحَ مَشَايِخُنَا أَيْضًا بَحْرٌ. اهـ.
ح وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ كَمَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ: مُجَرَّدًا عَنْ الْقَرَائِنِ) أَيْ مُحْتَمَلًا لِلْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ بِلَا مُرَجِّحٍ خَارِجٍ وَقَوْلُهُ: يُرَادُ الْوَطْءُ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَجَازَ خَلَفٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ فَتُرَجَّحُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهَا. (قَوْلُهُ: فَتَحْرُمُ مَزْنِيَّةُ الْأَبِ عَلَى الِابْنِ) أَيْ عَلَى فُرُوعِهِ فَتَكُونُ حُرْمَتُهَا عَلَيْهِمْ ثَابِتَةً بِالنَّصِّ، وَأَمَّا حُرْمَةُ الَّتِي عَقَدَ عَلَيْهَا عَقْدًا صَحِيحًا عَلَيْهِمْ فَبِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ نَكَحْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ تَعَلَّقَ بِالْوَطْءِ وَكَذَا لَوْ أَبَانَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا تَطْلُقُ بِهِ لَا بِالْعَقْدِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيَّةِ فَيَتَعَلَّقُ بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّ وَطْأَهَا لَمَّا حَرُمَ عَلَيْهِ شَرْعًا كَانَتْ الْحَقِيقَةُ مَهْجُورَةً فَتَعَيَّنَ الْمَجَازُ كَذَا فِي الْبَحْرِ وَالتَّحْرِيرِ وَشَرْحِهِ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ) حَالٌ مِنْ مَا الْمَوْصُولَةِ فِي قَوْلِهِ كَمَا وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute