للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِإِسْنَادِهِ إلَيْهَا وَالْمُتَصَوَّرُ مِنْهَا الْعَقْدُ لَا الْوَطْءُ إلَّا مَجَازًا.

(وَيَكُونُ وَاجِبًا عِنْدَ التَّوَقَانِ) فَإِنْ تَيَقَّنَ الزِّنَا إلَّا بِهِ فُرِضَ نِهَايَةٌ وَهَذَا إنْ مَلَكَ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ، وَإِلَّا فَلَا إثْمَ بِتَرْكِهِ بَدَائِعُ

ــ

[رد المحتار]

ح مِنْ وَلَا تَنْكِحُوا أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مُخَالِفًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى تَنْكِحَ} [البقرة: ٢٣٠] حَيْثُ لَمْ يُرَدْ بِهِ الْوَطْءُ بَلْ أُرِيدَ الْعَقْدُ لِعَدَمِ تَجَرُّدِهِ عَنْ الْقَرَائِنِ بَلْ وُجِدَتْ فِيهِ قَرِينَةٌ، وَهِيَ اسْتِحَالَةُ الْوَطْءِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِعْلٌ وَهِيَ مُنْفَعِلَةٌ لَا فَاعِلَةٌ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَالْمُتَصَوَّرُ إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ لِإِسْنَادِهِ إلَيْهَا) عِلَّةٌ لِمَا اُسْتُفِيدَ مِنْ الْمَقَامِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الْعَقْدُ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُ وَطْءِ الْمَحَلِّ فَمَأْخُوذٌ مِنْ حَدِيثِ الْعُسَيْلَةِ ط (قَوْلُهُ: إلَّا مَجَازًا) قَدْ يُقَالُ إذَا كَانَ لَا انْفِكَاكَ عَنْ الْمَجَازِ عَنْ التَّقْدِيرَيْنِ فَمَا الْمُرَجِّحُ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. اهـ.

ح يَعْنِي أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالنِّكَاحِ فِي الْآيَةِ الْوَطْءُ كَانَ مَجَازًا عَقْلِيًّا؛ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الْفِعْلِ مِنْهَا، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْعَقْدُ كَانَ مَجَازًا لُغَوِيًّا؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ الْوَطْءِ فَحَمْلُ الْآيَةِ عَلَى أَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ بَلْ قَدْ يُقَالُ إنَّ حَمْلَهَا عَلَى الْوَطْءِ أَنْسَبُ بِالْوَاقِعِ، فَإِنَّ الْمُطَلِّقَ ثَلَاثًا لَا تَحِلُّ بِدُونِ وَطْءِ الْمُحَلِّلِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَجِّحُ كَثْرَةُ الِاسْتِعْمَالِ ط.

أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مَانِعَ هُنَا مِنْ إرَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَكِنْ لَمَّا كَانَ النِّزَاعُ فِي أَنَّ النِّكَاحَ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ أَوْ فِي الْعَقْدِ وَكَانَ الرَّاجِحُ عِنْدَنَا الْأَوَّلَ قَالُوا إنَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَجَازٌ لُغَوِيٌّ بِمَعْنَى الْعَقْدِ؛ لِكَوْنِهِ أَصْرَحَ فِي الرَّدِّ عَلَى الْقَائِلِ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِ، وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ فِي الْإِسْنَادِ لَصَحَّ أَيْضًا، كَمَا يَصِحُّ فِي قَوْلِك جَرَى النَّهْرُ أَنْ تَجْعَلَهُ مِنْ الْمَجَازِ فِي الْإِسْنَادِ وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ مَجَازٌ لُغَوِيٌّ بِعَلَاقَةِ الْحَالِيَّةِ وَالْمَحَلِّيَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يَمْنَعُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَالْمُتَصَوَّرُ مِنْهَا الْعَقْدُ لَا الْوَطْءُ إلَّا مَجَازًا يُمْكِنُ حَمْلُهُ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ مَجَازٌ فِي الْإِسْنَادِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ لِإِسْنَادِهِ إلَيْهَا أَيْ أَنَّهُ مِنْ إسْنَادِ الشَّيْءِ إلَى غَيْرِ مَنْ هُوَ لَهُ وَقَوْلُهُ: وَالْمُتَصَوَّرُ إلَخْ بَيَانٌ؛ لِكَوْنِ إسْنَادِهِ إلَيْهَا غَيْرَ حَقِيقِيٍّ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: عِنْدَ التَّوَقَانِ) مَصْدَرُ تَاقَتْ نَفْسُهُ إلَى كَذَا إذَا اشْتَاقَتْ مِنْ بَابِ طَلَبَ بَحْرٌ عَنْ الْمُغْرِبِ وَهُوَ بِالْفَتَحَاتِ الثَّلَاثِ كَالْمَيَلَانِ وَالسَّيَلَانِ، وَالْمُرَادُ شِدَّةُ الِاشْتِيَاقِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ: أَيْ بِحَيْثُ يَخَافُ الْوُقُوعَ فِي الزِّنَا لَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِاشْتِيَاقِ إلَى الْجِمَاعِ الْخَوْفُ الْمَذْكُورُ بَحْرٌ.

قُلْت: وَكَذَا فِيمَا يَظْهَرُ لَوْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ مَنْعُ نَفْسِهِ عَنْ النَّظَرِ الْمُحَرَّمِ أَوْ عَنْ الِاسْتِمْنَاءِ بِالْكَفِّ، فَيَجِبُ التَّزَوُّجُ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْوُقُوعَ فِي الزِّنَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَيَقَّنَ الزِّنَا إلَّا بِهِ فُرِضَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْ الزِّنَا إلَّا بِهِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يُتَوَصَّلُ إلَى تَرْكِ الْحَرَامِ إلَّا بِهِ يَكُونُ فَرْضًا بَحْرٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ التَّرْكُ قَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ النِّكَاحِ وَهُوَ التَّسَرِّي، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ وُجُوبُهُ إلَّا لَوْ فَرَضْنَا الْمَسْأَلَةَ بِأَنَّهُ لَيْسَ قَادِرًا عَلَيْهِ نَهْرٌ لَكِنْ قَوْلُهُ: لَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ إلَّا بِهِ ظَاهِرٌ فِي فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ فِي عَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّسَرِّي وَكَذَا فِي عَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الصَّوْمِ الْمَانِعِ مِنْ الْوُقُوعِ فِي الزِّنَا فَلَوْ قَدَرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَبْقَ النِّكَاحُ فَرْضًا أَوْ وَاجِبًا عَيْنًا، بَلْ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ مِمَّا يَمْنَعُهُ عَنْ الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا إنْ مَلَكَ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ) هَذَا الشَّرْطُ رَاجِعٌ إلَى الْقِسْمَيْنِ أَعْنِي الْوَاجِبَ وَالْفَرْضَ وَزَادَ فِي الْبَحْرِ شَرْطًا آخَرَ فِيهِمَا وَهُوَ عَدَمُ خَوْفِ الْجَوْرِ أَيْ الظُّلْمِ قَالَ: فَإِنْ تَعَارَضَ خَوْفُ الْوُقُوعِ فِي الزِّنَا لَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ وَخَوْفُ الْجَوْرِ لَوْ تَزَوَّجَ قَدَّمَ الثَّانِيَ فَلَا افْتِرَاضَ، بَلْ يُكْرَهُ أَفَادَهُ الْكَمَالُ فِي الْفَتْحِ وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ الْجَوْرَ مَعْصِيَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعِبَادِ، وَالْمَنْعُ مِنْ الزِّنَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقُّ الْعَبْدِ مُقَدَّمٌ عِنْدَ التَّعَارُضِ لِاحْتِيَاجِهِ وَغِنَى الْمَوْلَى تَعَالَى. اهـ.

قُلْت: وَمُقْتَضَاهُ الْكَرَاهَةُ أَيْضًا عِنْدَ عَدَمِ مِلْكِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ لِأَنَّهُمَا حَقُّ عَبْدٍ أَيْضًا، وَإِنْ خَافَ الزِّنَا لَكِنْ يَأْتِي أَنَّهُ يُنْدَبُ الِاسْتِدَانَةُ لَهُ قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَإِنَّ اللَّهَ ضَامِنٌ لَهُ الْأَدَاءَ فَلَا يَخَافُ الْفَقْرَ إذَا كَانَ مِنْ نِيَّتِهِ التَّحْصِينُ وَالتَّعَفُّفُ. اهـ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَجِبُ إذَا خَافَ الزِّنَا، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ الْمَهْرَ إذَا قَدَرَ عَلَى اسْتِدَانَتِهِ وَهَذَا مُنَافٍ لِلِاشْتِرَاطِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>