وَكَذَا أَنَا مُتَزَوِّجُك أَوْ جِئْتُك خَاطِبًا لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْمُسَاوَمَةِ فِي النِّكَاحِ أَوْ هَلْ أَعْطَيْتنِيهَا إنْ الْمَجْلِسُ لِلنِّكَاحِ، وَإِنْ لِلْوَعْدِ فَوَعْدٌ؛ وَلَوْ قَالَ لَهَا يَا عَرُوسِي فَقَالَتْ لَبَّيْكَ انْعَقَدَ عَلَى الْمَذْهَبِ (فَلَا يَنْعَقِدُ) بِقَبُولٍ بِالْفِعْلِ كَقَبْضِ مَهْرٍ وَلَا بِتَعَاطٍ وَلَا بِكِتَابَةِ حَاضِرٍ بَلْ غَائِبٌ بِشَرْطِ إعْلَامِ الشُّهُودِ بِمَا فِي الْكِتَابِ مَا لَمْ يَكُنْ بِلَفْظِ الْأَمْرِ فَيَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ فَتْحٌ
ــ
[رد المحتار]
تَرَى أَنَّهُ يَنْعَقِدُ مَعَ الْهَزْلِ وَالْهَازِلُ لَمْ يَنْوِ النِّكَاحَ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ نِيَّةُ الِاسْتِقْبَالِ فِي الْمَبْدُوءِ بِالتَّاءِ لِأَنَّ تَقْدِيرَ حَرْفِ الِاسْتِفْهَامِ فِيهِ شَائِعٌ كَثِيرٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ. اهـ. وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْمَبْدُوءَ بِالْهَمْزَةِ كَمَا لَا يَصِحُّ فِيهِ الِاسْتِيعَادُ لَا يَصِحُّ فِيهِ الْوَعْدُ بِالتَّزَوُّجِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عِنْدَ قِيَامِ الْقَرِينَةِ عَلَى قَصْدِ التَّحْقِيقِ وَالرِّضَا كَمَا قُلْنَاهُ آنِفًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا أَنَا مُتَزَوِّجُك) ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ بَحْثًا حَيْثُ قَالَ وَالِانْعِقَادُ بِقَوْلِهِ أَنَا مُتَزَوِّجُك يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْمُضَارِعِ الْمَبْدُوءِ بِالْهَمْزَةِ سَوَاءٌ. اهـ.
قَالَ ح: لِأَنَّ مُتَزَوِّجٌ اسْمُ فَاعِلٍ وَهُوَ مَوْضُوعٌ لِذَاتٍ قَامَ بِهَا الْحَدَثُ وَتَحَقَّقَ فِي وَقْتِ التَّكَلُّمِ فَكَانَ دَالًّا عَلَى الْحَالِ، وَإِنْ كَانَتْ دَلَالَتُهُ عَلَيْهِ الْتِزَامِيَّةً.
(قَوْلُهُ: أَوْ جِئْتُك خَاطِبًا) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَوْ قَالَ بِاسْمِ الْفَاعِلِ كَجِئْتُك خَاطِبًا ابْنَتَك أَوْ لَتُزَوِّجنِي ابْنَتَك فَقَالَ الْأَبُ زَوَّجْتُك فَالنِّكَاحُ لَازِمٌ وَلَيْسَ لِلْخَاطِبِ أَنْ لَا يَقْبَلَ لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْمُسَاوَمَةِ فِيهِ اهـ.
قَالَ ح: فَإِنْ قُلْت: إنَّ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ فِي هَذَا مَاضِيَانِ فَلَا مَعْنَى لِذِكْرِهِ هُنَا: قُلْت: الْمُعْتَبَرُ قَوْلُهُ: خَاطِبًا لَا قَوْلُهُ: جِئْتُك؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ وَلَا دَخْلَ لَهُ فِيهِ (قَوْلُهُ:؛ لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْمُسَاوَمَةِ فِي النِّكَاحِ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْبَيْعِ، فَلَوْ قَالَ أَنَا مُشْتَرٍ أَوْ جِئْتُك مُشْتَرِيًا لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ لِجَرَيَانِ الْمُسَاوَمَةِ فِيهِ ط (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمَجْلِسَ لِلنِّكَاحِ) أَيْ لِإِنْشَاءِ عَقْدِهِ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ التَّحْقِيقُ فِي الْحَالِ فَإِذَا قَالَ الْآخَرُ أَعْطَيْتُكهَا أَوْ فَعَلْت لَزِمَ وَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ أَنْ لَا يَقْبَلَ (قَوْلُهُ: انْعَقَدَ عَلَى الْمَذْهَبِ) صَوَابُهُ لَمْ يَنْعَقِدْ، فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الصَّيْرَفِيَّةِ بِأَنَّ الِانْعِقَادَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَمِثْلُهُ فِي النَّهْرِ، وَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ عَنْ فَوَائِدِ تَاجِ الشَّرِيعَةِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ لِامْرَأَةٍ بِمَحْضَرٍ مِنْ الرِّجَالِ يَا عَرُوسِي قَالَتْ لَبَّيْكَ فَنِكَاحٌ قَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ إنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْعَقِدُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ انْعِقَادِهِ بِلَفْظِ إلَخْ ح (قَوْلُهُ: كَقَبْضِ مَهْرٍ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهَلْ يَكُونُ الْقَبُولُ بِالْفِعْلِ كَالْقَبُولِ بِاللَّفْظِ كَمَا فِي الْبَيْعِ؟ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَجَابَ صَاحِبُ الْبِدَايَةِ فِي امْرَأَةٍ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِأَلْفٍ مِنْ رَجُلٍ عِنْدَ الشُّهُودِ، فَلَمْ يَقُلْ الزَّوْجُ شَيْئًا لَكِنْ أَعْطَاهَا الْمَهْرَ فِي الْمَجْلِسِ أَنَّهُ يَكُونُ قَبُولًا، وَأَنْكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحِيطِ وَقَالَ الْإِمَامُ مَا لَمْ يَقُلْ بِلِسَانِهِ قَبِلْت بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي وَالنِّكَاحُ لِخَطَرِهِ لَا يَنْعَقِدُ حَتَّى يَتَوَقَّفَ عَلَى الشُّهُودِ وَبِخِلَافِ إجَازَةِ نِكَاحِ الْفُضُولِيِّ بِالْفِعْلِ لِوُجُودِ الْقَوْلِ ثَمَّةَ. اهـ. ح (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَعَاطَ) تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ بِالْفِعْلِ كَقَبْضِ مَهْرٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي وَلَا بِتَعَاطٍ، فَإِنَّ مَسْأَلَةَ قَبْضِ الْمَهْرِ الَّتِي قَدَّمْنَا نَقْلَهَا عَنْ الْبَحْرِ بِعَيْنِهَا شَرَحَ بِهَا الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ وَلَا بِتَعَاطٍ ح. مَطْلَبُ التَّزَوُّجِ بِإِرْسَالِ كِتَابٍ
(قَوْلُهُ: وَلَا بِكِتَابَةِ حَاضِرٍ) فَلَوْ كَتَبَ تَزَوَّجْتُك فَكَتَبَتْ قَبِلْت لَمْ يَنْعَقِدْ بَحْرٌ وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ فَقَالَتْ قَبِلْت إلَخْ إذْ الْكِتَابَةُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ بِلَا قَوْلٍ لَا تَكْفِي وَلَوْ فِي الْغَيْبَةِ، تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بَلْ غَائِبٌ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْغَائِبُ عَنْ الْمَجْلِسِ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ ط (قَوْلُهُ: فَتْحٌ) فَإِنَّهُ قَالَ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِالْكِتَابِ كَمَا يَنْعَقِدُ بِالْخِطَابِ. وَصُورَتُهُ: أَنْ يَكْتُبَ إلَيْهَا يَخْطُبُهَا فَإِذَا بَلَغَهَا الْكِتَابُ أَحْضَرْت الشُّهُودَ وَقَرَأَتْهُ عَلَيْهِمْ وَقَالَتْ زَوَّجْت نَفْسِي مِنْهُ أَوْ تَقُولُ إنَّ فُلَانًا كَتَبَ إلَيَّ يَخْطُبُنِي فَاشْهَدُوا أَنِّي زَوَّجْت نَفْسِي مِنْهُ، أَمَّا لَوْ لَمْ تَقُلْ بِحَضْرَتِهِمْ سِوَى زَوَّجْت نَفْسِي مِنْ فُلَانٍ لَا يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ سَمَاعَ الشَّطْرَيْنِ شَرْطُ صِحَّةِ النِّكَاحِ، وَبِإِسْمَاعِهِمْ الْكِتَابَ أَوْ التَّعْبِيرَ عَنْهُ مِنْهَا قَدْ سَمِعُوا الشَّطْرَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute