للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ.

(وَإِذَا وَصَلَ الْإِيجَابَ بِالتَّسْمِيَةِ) لِلْمَهْرِ (كَانَ مِنْ تَمَامِهِ) أَيْ الْإِيجَابِ (فَلَوْ قَبِلَ الْآخَرُ قَبْلَهُ لَمْ يَصِحَّ) لِتَوَقُّفِ أَوَّلِ الْكَلَامِ عَلَى آخِرِهِ لَوْ فِيهِ مَا يُغَيِّرُ أَوَّلَهُ.

وَمِنْ شَرَائِطِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ: اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ لَوْ حَاضِرَيْنِ، وَإِنْ طَالَ كَمُخَيَّرَةٍ، وَأَنْ لَا يُخَالِفَ الْإِيجَابُ الْقَبُولَ كَقَبِلْتُ النِّكَاحَ لَا الْمَهْرَ

ــ

[رد المحتار]

أَنَّهُ لَوْ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى ظَهْرِهَا وَبَطْنِهَا لَا يَقَعُ وَكَذَا الْعِتْقُ، فَلَوْ أَضَافَ النِّكَاحَ إلَى ظَهْرِهَا وَبَطْنِهَا ذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ قَالَ مَشَايِخُنَا الْأَشْبَهُ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ، وَذَكَرَ رُكْنُ الْإِسْلَامِ وَالسَّرَخْسِيُّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. اهـ.

أَقُول: وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ أَيْضًا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، وَإِنْ قَالَ ظَهْرُك طَالِقٌ أَوْ بَطْنُك قَالَ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِهِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَقَعُ، وَاسْتَدَلَّ بِمَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا فِي الْأَصْلِ إذَا قَالَ ظَهْرُك عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ بَطْنُك عَلَيَّ كَبَطْنِ أُمِّي أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُظَاهِرًا، وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِهِ الْأَشْبَهُ بِمَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ قَالَ: وَهُوَ نَظِيرُ مَا قَالَ مَشَايِخُنَا فِيمَا إذَا أُضِيفَ عَقْدُ النِّكَاحِ إلَى ظَهْرِ الْمَرْأَةِ أَوْ إلَى بَطْنِهَا أَنَّ الْأَشْبَهَ بِمَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ) كَذَا قَالَ فِي النَّهْرِ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت مِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنْ الذَّخِيرَةِ أَوَّلًا وَثَانِيًا أَنَّ الْحَلْوَانِيَّ الَّذِي صَحَّحَ انْعِقَادَ النِّكَاحِ صَحَّحَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ، وَأَنَّ السَّرَخْسِيَّ الَّذِي لَمْ يُصَحِّحْ الِانْعِقَادَ لَمْ يُصَحِّحْ الْوُقُوعَ بَلْ صَحَّحَ عَدَمَهُ عَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ لِلْفَرْقِ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ قَوْلٌ ثَالِثٌ مُلَفَّقٌ عَنْ الْقَوْلَيْنِ وَلَا يَظْهَرُ وَجْهُهُ (قَوْلُهُ: كَانَ) أَيْ التَّسْمِيَةُ وَكَذَا ضَمِيرُ قَبْلَهُ ح أَيْ وَتَذْكِيرُ الضَّمِيرِ بِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ أَوْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّسْمِيَةِ الْمُسَمَّى أَيْ الْمَهْرُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَبِلَ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: كَامْرَأَةٍ قَالَتْ لِرَجُلٍ زَوَّجْت نَفْسِي مِنْك بِمِائَةِ دِينَارٍ فَقَبِلَ أَنْ تَقُولَ بِمِائَةِ دِينَارٍ قَبْلَ الزَّوْجِ لَا يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ الْكَلَامِ يَتَوَقَّفُ عَلَى آخِرِهِ إذَا كَانَ فِي آخِرِهِ مَا يُغَيِّرُ أَوَّلَهُ وَهُنَا كَذَلِكَ فَإِنَّ مُجَرَّدَ زَوَّجْت يَنْعَقِدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَذَكَرَ الْمُسَمَّى مَعَهُ يُغَيِّرُ ذَلِكَ إلَى تَعْيِينِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَعْمَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ: اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ لَمْ يَنْعَقِدْ، فَلَوْ أَوْجَبَ أَحَدُهُمَا فَقَامَ الْآخَرُ أَوْ اشْتَغَلَ بِعَمَلٍ آخَرَ بَطَلَ الْإِيجَابُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الِارْتِبَاطِ اتِّحَادُ الزَّمَانِ فَجُعِلَ الْمَجْلِسُ جَامِعًا تَيْسِيرًا؛ وَأَمَّا الْفَوْرُ فَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ؛ وَلَوْ عَقَدَا وَهُمَا يَمْشِيَانِ أَوْ يَسِيرَانِ عَلَى الدَّابَّةِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى سَفِينَةٍ سَائِرَةٍ جَازَ. اهـ. أَيْ؛ لِأَنَّ السَّفِينَةَ فِي حُكْمِ مَكَان وَاحِدٍ.

[فَرْعٌ]

قَالَ فِي الْمُنْيَةِ: قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي فَسَكَتَ الْخَاطِبُ فَقَالَ الصِّهْرُ أَيْ أَبُو الْبِنْتِ ادْفَعْ الْمَهْرَ فَقَالَ نَعَمْ فَهُوَ قَبُولٌ وَقِيلَ لَا. اهـ. وَهَذَا يُوهِمُ أَنَّ عِنْدَنَا قَوْلًا بِاشْتِرَاطِ الْفَوْرِ، وَأَنْ الْمُخْتَارَ عَدَمُهُ. وَأَجَابَ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَنْشَأُ هَذَا الْقَوْلِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ كَانَ مُتَّصِفًا بِكَوْنِهِ خَاطِبًا فَحَيْثُ سَكَتَ وَلَمْ يُجِبْ عَلَى الْفَوْرِ كَانَ ظَاهِرًا فِي رُجُوعِهِ، فَقَوْلُهُ: نَعَمْ بَعْدَهُ لَا يُفِيدُ بِمُفْرَدِهِ لَا؛ لِأَنَّ الْفَوْرَ شَرْطٌ مُطْلَقًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَوْ حَاضِرِينَ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ كِتَابَةِ الْغَائِبِ لِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْكِتَابِ وَالْخِطَابِ أَنَّ فِي الْخِطَابِ لَوْ قَالَ: قَبِلْت فِي مَجْلِسٍ آخَرَ لَمْ يَجُزْ وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ كَمَا وُجِدَ تَلَاشَى فَلَمْ يَتَّصِلْ الْإِيجَابُ بِالْقَبُولِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَأَمَّا الْكِتَابُ فَقَائِمٌ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ، وَقِرَاءَتُهُ بِمَنْزِلَةِ خِطَابِ الْحَاضِرِ فَاتَّصَلَ الْإِيجَابُ بِالْقَبُولِ فَصَحَّ. اهـ.

وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ قِرَاءَةَ الْكِتَابِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ لَا بُدَّ مِنْهَا لِيَحْصُلَ الِاتِّصَالُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَحِينَئِذٍ فَاتِّحَادُ الْمَجْلِسِ شَرْطٌ فِي الْكِتَابِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا الْفَرْقُ هُوَ الْكِتَابُ، وَإِمْكَانُ قِرَاءَتِهِ ثَانِيًا، فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ حَاضِرِينَ كَالنَّهْرِ لَكَانَ أَوْلَى وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَكَانَ الْكِتَابِ رَسُولٌ بِالْإِيجَابِ فَلَمْ تَقْبَلْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ أَعَادَ الرَّسُولُ الْإِيجَابَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَقَبِلَتْ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ رِسَالَتَهُ انْتَهَتْ أَوَّلًا بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ؛ لِبَقَائِهَا أَفَادَهُ الرَّحْمَتِيُّ. اهـ.

(قَوْلُهُ: كَقَبِلْتُ النِّكَاحَ لَا الْمَهْرَ) تَمْثِيلٌ لِلْمَنْفِيِّ أَيْ إذَا قَالَ تَزَوَّجْتُك

<<  <  ج: ص:  >  >>