للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَعَمْ يَصِحُّ الْحَطُّ كَزِيَادَةٍ قَبِلْتهَا فِي الْمَجْلِسِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مُضَافًا وَلَا مُعَلَّقًا كَمَا سَيَجِيءُ، وَلَا الْمَنْكُوحَةُ مَجْهُولَةٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِمَعْنَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِيمَا يَسْتَوِي فِيهِ الْجِدُّ وَالْهَزْلُ

ــ

[رد المحتار]

بِأَلْفٍ فَقَالَتْ قَبِلْت النِّكَاحَ وَلَا أَقْبَلُ الْمَهْرَ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ كَانَتْ التَّسْمِيَةُ لَيْسَتْ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَوْجَبَ النِّكَاحَ بِذَلِكَ الْقَدْرِ الْمُسَمَّى، فَلَوْ صَحَّحْنَا قَبُولَهَا يَلْزَمُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ بَلْ بِمَا سَمَّى فَيَلْزَمُهُ مَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُسَمِّ مِنْ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ حَيْثُ سَكَتَ عَنْهُ وَلَوْ قَالَتْ قَبِلْت وَلَمْ تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ صَحَّ النِّكَاحُ بِمَا سَمَّى وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ بِصِحَّةِ الْحَطِّ إلَخْ) أَيْ إذَا قَالَ تَزَوَّجْتُك بِأَلْفٍ فَقَالَتْ قَبِلْت بِخَمْسِمِائَةٍ يَصِحُّ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهَا قَبِلْت الْأَلِفَ وَحَطَّتْ عَنْهُ خَمْسَمِائَةٍ بَحْرٌ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ مِنْهُ لِأَنَّ هَذَا إسْقَاطٌ، وَإِبْرَاءٌ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ كَمَا لَوْ قَالَتْ: زَوَّجْت نَفْسِي مِنْك بِأَلْفٍ فَقَالَ الزَّوْجُ قَبِلْت بِأَلْفَيْنِ صَحَّ النِّكَاحُ بِأَلْفٍ إلَّا إنْ قَبِلَتْ فِي الْمَجْلِسِ، فَيَصِحُّ بِأَلْفَيْنِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، فَصُورَةُ الْحَطِّ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالزِّيَادَةِ مِنْ الزَّوْجِ كَمَا عَلِمْت وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الذَّخِيرَةِ وَالْخُلَاصَةِ. وَقَالَ فِي النَّهْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ بِأَلْفٍ فَقَبِلَهُ بِأَلْفَيْنِ أَوْ بِخَمْسِمِائَةٍ صَحَّ وَتَوَقَّفَ قَبُولُ الزِّيَادَةِ عَلَى قَبُولِهَا فِي الْمَجْلِسِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا أَوْجَبَتْ بِأَلْفٍ وَقَبِلَ الزَّوْجُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْحَطَّ مِمَّنْ لَهُ الْحَقُّ وَهُوَ الْمَرْأَةُ لَا مِمَّنْ عَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِمَّا خَالَفَ فِيهِ الْقَبُولُ الْإِيجَابَ فَلَا يَصِحُّ، يُحَرَّرُ أَفَادَهُ الرَّحْمَتِيُّ.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ مُضَافًا) كَتَزَوَّجْتُك غَدًا وَلَا مُعَلَّقًا أَيْ عَلَى غَيْرِ كَائِنٍ كَتَزَوَّجْتُك إنْ قَدِمَ زَيْدٌ، وَقَوْلُهُ: كَمَا سَيَجِيءُ أَيْ الْكَلَامُ عَلَى الْمُضَافِ وَالْمُعَلَّقِ قَبِيلَ بَابِ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَا الْمَنْكُوحَةُ مَجْهُولَةٌ) فَلَوْ زَوَّجَ بِنْتَهُ مِنْهُ وَلَهُ بِنْتَانِ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا مُتَزَوِّجَةً، فَيَنْصَرِفُ إلَى الْفَارِغَةِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ نَهْرٌ، وَفِي مَعْنَاهُ مَا إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ رَحْمَتِيٌّ وَإِطْلَاقُ قَوْلِهِ لَا يَصِحُّ دَالٌّ عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ، وَلَوْ جَرَتْ مُقَدِّمَاتُ الْخِطْبَةِ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِعَيْنِهَا لِتَتَمَيَّزَ الْمَنْكُوحَةُ عِنْدَ الشُّهُودِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ رَمْلِيٌّ.

قُلْت: وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَوْ جَرَتْ الْمُقَدِّمَاتُ عَلَى مُعَيَّنَةٍ وَتَمَيَّزَتْ عِنْدَ الشُّهُودِ أَيْضًا يَصِحُّ الْعَقْدُ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ الْجَهَالَةِ، وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِتَعَيُّنِهَا عِنْدَ الْعَاقِدَيْنِ وَالشُّهُودِ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِهَا كَمَا إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا مُتَزَوِّجَةً، وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ غَائِبَةً وَزَوَّجَهَا وَكِيلُهَا فَإِنْ عَرَفَهَا الشُّهُودُ وَعَلِمُوا أَنَّهُ أَرَادَهَا كَفَى ذِكْرُ اسْمِهَا، وَإِلَّا لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ أَيْضًا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ زَوَّجْت بِنْتِي وَلَهُ بِنْتَانِ أَقَلُّ إبْهَامًا مِنْ قَوْلِ الْوَكِيلِ زَوَّجْت فَاطِمَةَ وَيَأْتِي تَمَامُ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَحُضُورُ شَاهِدَيْنِ حُرَّيْنِ وَعِنْدَ قَوْلِهِ غَلِطَ وَكِيلُهَا إلَخْ.

[تَنْبِيهٌ]

لَمْ يَذْكُرْ اشْتِرَاطَ تَمْيِيزِ الرَّجُلِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَقْتَ الْعَقْدِ لِلْخِلَافِ لِمَا فِي النَّوَازِلِ فِي صَغِيرَيْنِ قَالَ أَبُو أَحَدِهِمَا زَوَّجْت بِنْتِي هَذِهِ مِنْ ابْنِك هَذَا وَقَبِلَ ثُمَّ ظَهَرَتْ الْجَارِيَةُ غُلَامًا وَالْغُلَامُ جَارِيَةً جَازَ ذَلِكَ، وَقَالَ الْعَتَّابِيُّ لَا يَجُوزُ بَحْرٌ قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَالْأَكْثَرُ عَلَى الْأَوَّلِ. قُلْت: وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ زَوَّجْت وَتَزَوَّجْت يَصْلُحُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْفَتْحِ عَنْ الْمُنْيَةِ، وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ فِيمَا كَانَ بِلَفْظٍ وَنِكَاحٍ بِخِلَافِ مَا كَانَ كِنَايَةً لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ وَفَهْمِ الشُّهُودِ لَكِنْ قَيَّدَ فِي الدُّرَرِ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ بِمَا إذَا عَلِمَا أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا حَقِيقَةَ مَعْنَاهُ قَالَ فِي الْفَتْحِ لَوْ لُقِّنَتْ الْمَرْأَةُ زَوَّجْت نَفْسِي بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَا تَعْلَمُ مَعْنَاهُ وَقَبِلَ وَالشُّهُودُ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ أَوْ لَا يَعْلَمُونَ صَحَّ كَالطَّلَاقِ، وَقِيلَ لَا كَالْبَيْعِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَمِثْلُ هَذَا فِي جَانِبِ الرَّجُلِ إذَا لَقَّنَهُ وَلَا يَعْلَمُ مَعْنَاهُ وَهَذِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَسَائِلِ الطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، وَالتَّدْبِيرِ، وَالنِّكَاحِ، وَالْخُلْعِ، فَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ وَاقِعَةٌ فِي الْحَكَمِ ذَكَرَهُ فِي عَتَاقِ الْأَصْلِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ، وَإِذَا عَرَفَ الْجَوَابَ قَالَ قَاضِي خَانْ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِمَضْمُونِ

<<  <  ج: ص:  >  >>