للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الْفَتْحِ عَنْ الْكَافِي أَنَّهُ الْأَصَحُّ، وَاعْتَمَدَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ. وَفِي الْقُنْيَةِ وَجَامِعِ الْفَتَاوَى أَنَّهُ الْأَشْبَهُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ الْأَشْبَهُ بِالْمَنْصُوصِ رِوَايَةً وَالرَّاجِحُ دِرَايَةً؛ فَيَكُونُ الْفَتْوَى عَلَيْهِ.

(وَ) يَنْقُضُهُ (قَيْءٌ مَلَأَ فَاهُ) بِأَنْ يُضْبَطَ بِتَكَلُّفٍ (مِنْ مِرَّةٍ) بِالْكَسْرِ: أَيْ صَفْرَاءَ (أَوْ عَلَقٍ) أَيْ سَوْدَاءَ؛ وَأَمَّا الْعَلَقُ النَّازِلُ مِنْ الرَّأْسِ فَغَيْرُ نَاقِضٍ (أَوْ طَعَامٌ أَوْ مَاءٌ) إذَا وَصَلَ إلَى مَعِدَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ،

ــ

[رد المحتار]

خُرُوجُ النَّجَسِ وَهَذَا إخْرَاجٌ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِخْرَاجَ مُسْتَلْزِمٌ لِلْخُرُوجِ فَقَدْ وُجِدَ، لَكِنْ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: إنَّ الْإِخْرَاجَ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يَسْتَلْزِمُهُ، فَكَانَ ثُبُوتُهُ غَيْرَ قَصْدِيٍّ وَلَا مُعْتَبَرَ بِهِ. اهـ.

وَفِيهِ أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ يَظْهَرُ لِلْإِخْرَاجِ وَعَدَمِهِ بَلْ لِكَوْنِهِ خَارِجًا نَجَسًا، وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ مَعَ الْإِخْرَاجِ كَمَا يَتَحَقَّقُ مَعَ عَدَمِهِ، فَصَارَ كَالْفَصْدِ؛ كَيْفَ وَجَمِيعُ الْأَدِلَّةِ الْمُورَدَةِ مِنْ السُّنَّةِ وَالْقِيَاسِ تُفِيدُ تَعْلِيقَ النَّقْضِ بِالْخَارِجِ النَّجَسِ، وَهُوَ ثَابِتٌ فِي الْمُخْرَجِ. اهـ. فَتْحٌ. وَاسْتَوْجَهَهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ فِي الْحِلْيَةِ، وَكَذَا شَارِحُ الْمُنْيَةِ وَالْمَقْدِسِيُّ. وَارْتَضَى فِي الْبَحْرِ مَا فِي الْعِنَايَةِ حَيْثُ ضَعَّفَ بِهِ مَا فِي الْفَتْحِ.

وَلَك أَنْ تَجْعَلَ مَا فِي الْفَتْحِ مُضَعِّفٌ لَهُ كَمَا قَرَّرْنَاهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّاقِضَ الْخَارِجُ النَّجَسُ لَا الْخُرُوجُ.

وَفِي حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ: لَا يَذْهَبُ عَنْك أَنَّ تَضْعِيفَ الْعِنَايَةِ لَا يُصَادِمُ قَوْلَ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ) حَيْثُ جَعَلَ الْقَوْلَ بِعَدَمِ النَّقْضِ فَاسِدًا لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ الرِّيحَ أَوْ الْغَائِطَ أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ السَّبِيلَيْنِ لَكَانَ غَيْرَ نَاقِضٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَعْنَاهُ إلَخْ) نَقَلَهُ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَقَدَّمْنَاهُ فِي رَسْمِ الْمُفْتِي (قَوْلُهُ: بِالْمَنْصُوصِ رِوَايَةً) أَيْ بِاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الرِّوَايَةِ لِلْأَدِلَّةِ الْمُوْرَدَةِ مِنْ السُّنَّةِ أَوْ بِالْفُرُوعِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ الْمُجْتَهِدِ (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ دِرَايَةً) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى الْأَشْبَهِ: أَيْ الرَّاجِحُ مِنْ جِهَةِ الدِّرَايَةِ: أَيْ إدْرَاكِ الْعَقْلِ بِالْقِيَاسِ عَلَى غَيْرِهِ كَمَسْأَلَةِ الْفَصْدِ وَمَصِّ الْعَلَقَةِ؛ فَإِنَّهَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ وَكَإِخْرَاجِ الرِّيحِ وَنَحْوِهِ، وَهَذَا التَّقْرِيرُ مَعْنَى مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْفَتْحِ: فَالْمُرَادُ بِالرِّوَايَةِ النُّصُوصُ مِنْ السُّنَّةِ أَوْ مِنْ الْمُجْتَهِدِ، وَبِالدِّرَايَةِ الْقِيَاسُ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: فَيَكُونُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَمَعْنَاهُ إلَخْ إذْ هُوَ مِنْ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ: وَيَنْقُضُهُ قَيْءٌ) أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ مَعَ دُخُولِهِ فِي خُرُوجِ نَجَسٍ لِمُخَالَفَتِهِ لَهُ فِي حَدِّ الْخُرُوجِ، وَأَمَّا السَّيَلَانُ فِي غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ فَمُسْتَفَادٌ مِنْ الْخُرُوجِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَضْبِطَ) أَيْ يُمْسِكَ بِتَكَلُّفٍ، وَهَذَا مَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالِاخْتِيَارِ وَالْكَافِي وَالْخُلَاصَةِ وَصَحَّحَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَقَاضِي خَانْ، وَقِيلَ: مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى إمْسَاكِهِ. قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الشَّيْخُ أَبُو مَنْصُورٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ.

وَفِي الْحِلْيَةِ: الْأَوَّلُ: الْأَشْبَهُ (قَوْلُهُ: بِالْكَسْرِ) أَيْ مَعَ تَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَهِيَ أَحَدُ الْأَخْلَاطِ الْأَرْبَعَةِ: الدَّمِ، وَالْمِرَّةِ السَّوْدَاءِ، وَالْمِرَّةِ الصَّفْرَاءِ، وَالْبَلْغَمِ. اهـ. غَايَةُ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَقٍ إلَخْ) الْعَلَقُ لُغَةً: دَمٌ مُنْعَقِدٌ كَمَا هُوَ أَحَدُ مَعَانِيه، لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا سَوْدَاءُ مُحْتَرِقَةٌ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَيْسَ بِدَمٍ حَقِيقَةً كَمَا فِي الْكَافِي، وَلِهَذَا اُعْتُبِرَ فِيهِ مِلْءَ الْفَمِ، وَإِلَّا فَخُرُوجُ الدَّمِ نَاقِضٌ بِلَا تَفْصِيلٍ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ اهـ أَخِي جَلَبِي وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: فَغَيْرُ نَاقِضٍ) أَيْ اتِّفَاقًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ. وَذُكِرَ فِي الْحِلْيَةِ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْكَثِيرَ مِنْهُ وَهُوَ مَا مَلَأَ الْفَمَ نَاقِضٌ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ الرَّأْسِ أَوْ مِنْ الْجَوْفِ، عَلَقًا أَوْ سَائِلًا، فَالنَّازِلُ مِنْ الرَّأْسِ إنْ عَلَقًا لَمْ يَنْقُضْ اتِّفَاقًا، وَإِنْ سَائِلًا نَقَضَ اتِّفَاقًا. وَالصَّاعِدُ مِنْ الْجَوْفِ إنْ عَلَقًا فَلَا اتِّفَاقًا مَا لَمْ يَمْلَأْ الْفَمَ، وَإِنْ سَائِلًا فَعِنْدَهُ يَنْقُضُ مُطْلَقًا. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا مَا لَمْ يَمْلَأْ الْفَمَ كَذَا فِي الْمُنْيَةِ وَشَرْحِهَا والتتارخانية.

وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ الْإِمَامِ وَقَالَ: وَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فَصَحَّحَ فِي الْبَدَائِعِ قَوْلَهُمَا. قَالَ: وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ. وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: إنَّهُ الْمُخْتَارُ، وَصَحَّحَ فِي الْمُحِيطِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَكَذَا فِي السِّرَاجِ مَعْزِيًّا إلَى الْوَجِيزِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>