وَ) الْعَبْدِ (سَيِّدَتَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمَمْلُوكِيَّةَ تُنَافِي الْمَالِكِيَّةَ، نَعَمْ لَوْ فَعَلَهُ الْمَوْلَى احْتِيَاطًا كَانَ حَسَنًا،
ــ
[رد المحتار]
أَيْ وَلَوْ مَلَكَ بَعْضَهَا وَكَذَا الْمَرْأَةُ لَوْ لَمْ تَمْلِكْ سِوَى سَهْمٍ وَاحِدٍ مِنْهُ فَتْحٌ. زَادَ فِي الْجَوْهَرَةِ: وَكَذَا إذَا مَلَك أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ أَوْ بَعْضَهَا فَسَدَ النِّكَاحُ، وَأَمَّا الْمَأْذُونُ وَالْمُدَبَّرُ إذَا اشْتَرَيَا زَوْجَتَهُمَا لَمْ يَفْسُدْ النِّكَاحُ لِأَنَّهُمَا لَا يَمْلِكَانِهِمَا بِالْعَقْدِ؛ وَكَذَا الْمُكَاتَبُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا بِالْعَقْدِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ فِيهَا حَقُّ الْمِلْكِ، وَكَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ، وَهُوَ فِيهَا بِالْخِيَارِ لَمْ يَفْسُدْ نِكَاحُهَا عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ خِيَارَ الْمُشْتَرِي لَا يَدْخُلُ الْمَبِيعُ فِي مِلْكِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمَمْلُوكِيَّةَ إلَخْ) عِلَّةُ الْمَسْأَلَتَيْنِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: لِأَنَّ النِّكَاحَ مَا شُرِعَ إلَّا مُثْمِرًا ثَمَرَاتٍ فِي الْمِلْكِ بَيْنَ الْمُتَنَاكِحَيْنِ، مِنْهَا: مَا تَخْتَصُّ هِيَ بِمِلْكِهِ كَالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى وَالْقَسْمِ وَالْمَنْعِ مِنْ الْعَزْلِ إلَّا بِإِذْنِ، وَمِنْهَا: مَا يَخْتَصُّ هُوَ بِمِلْكِهِ كَوُجُوبِ التَّمْكِينِ، وَالْقَرَارِ فِي الْمَنْزِلِ وَالتَّحَصُّنِ عَنْ غَيْرِهِ، وَمِنْهَا: مَا يَكُونُ الْمِلْكُ فِي كُلٍّ مِنْهَا مُشْتَرَكًا كَالِاسْتِمْتَاعِ مُجَامَعَةً، وَمُبَاشَرَةً وَالْوَلَدُ فِي حَقِّ الْإِضَافَةِ، وَالْمَمْلُوكِيَّةُ تُنَافِي الْمَالِكِيَّةَ فَقَدْ نَافَتْ لَازِمَ عَقْدِ النِّكَاحِ، وَمُنَافِي اللَّازِمِ مُنَافٍ لِلْمَلْزُومِ وَبِهِ سَقَطَ مَا قِيلَ يَجُوزُ كَوْنُهَا مَمْلُوكَةً مِنْ وَجْهِ الرِّقِّ مَالِكَةً مِنْ وَجْهِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ لَازِمَ النِّكَاحِ مِلْكُ كُلِّ وَاحِدٍ لِمَا ذَكَرْنَا عَلَى الْخُلُوصِ، وَالرِّقُّ يَمْنَعُهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ فَعَلَهُ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُرْمَةِ فِي قَوْلِهِ وَحَرُمَ مُطْلَقُ الْمَنْعِ لَا خُصُوصُ مَا يُتَبَادَرُ مِنْهَا مِنْ الْمَنْعِ عَلَى وَجْهٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْإِثْمُ، وَإِلَّا امْتَنَعَ فِعْلُ الْحَرَامِ لِلتَّنَزُّهِ عَنْ أَمْرٍ مَوْهُومٍ فِي تَزْوِيجِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ أَوْ الْمُرَادُ بِهَا نَفْيُ وُجُودِ الْعَقْدِ الشَّرْعِيِّ الْمُثْمِرِ لِثَمَرَاتِهِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ مَا مَرَّ عَنْ الْفَتْحِ، وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي الْجَوْهَرَةِ، وَكَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ: الْمُرَادُ بِهِ فِي أَحْكَامِ النِّكَاحِ مِنْ ثُبُوتِ الْمَهْرِ فِي ذِمَّةِ الْمَوْلَى وَبَقَاءِ النِّكَاحِ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ، وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ. أَمَّا إذَا تَزَوَّجَهَا مُتَنَزِّهًا عَنْ وَطْئِهَا حَرَامًا عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِمَالِ فَهُوَ حَسَنٌ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ حُرَّةً أَوْ مُعْتَقَةَ الْغَيْرِ أَوْ مَحْلُوفًا عَلَيْهَا بِعِتْقِهَا، وَقَدْ حَنِثَ الْحَالِفُ وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ لَا سِيَّمَا إذَا تَدَاوَلَتْهَا الْأَيْدِي. اهـ.
مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي وَطْءِ السَّرَارِيِّ اللَّاتِي يُؤْخَذْنَ غَنِيمَةً فِي زَمَانِنَا. قُلْت: وَلَا سِيَّمَا السَّرَارِيُّ اللَّاتِي يُؤْخَذْنَ غَنِيمَةً فِي زَمَانِنَا لِلتَّيَقُّنِ بِعَدَمِ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ، فَيَبْقَى فِيهِنَّ حَقُّ أَصْحَابِ الْخُمُسِ وَبَقِيَّةِ الْغَانِمِينَ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْجِهَادِ عَنْ الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ مِنْ أَنَّهُ فِي زَمَانِهِ وَقَعَ مِنْ السُّلْطَانِ التَّنْفِيلُ الْعَامُّ فَبَعْدَ إعْطَاءِ الْخُمُسِ لَا تَبْقَى شُبْهَةٌ فِي حِلِّ وَطْئِهِنَّ. اهـ.
فَهُوَ غَيْرُ مُفِيدٍ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ التَّنْفِيلَ الْعَامَّ غَيْرُ صَحِيحٍ سَوَاءٌ شَرَطَ فِيهِ السُّلْطَانُ أَخْذَ الْخُمُسِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ السِّهَامِ الْمُقَدَّرَةِ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ السَّيْرِ الْكَبِيرِ، وَأَمَّا ثَانِيًا: فَلِأَنَّ تَنْفِيلَ سُلْطَانِ زَمَانِهِ وَلَا يَبْقَى إلَى زَمَانِنَا، وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّهُ نَفَى الشُّبْهَةَ بِإِعْطَاءِ الْخُمُسِ. وَمِنْ الْمَعْلُومِ فِي زَمَانِنَا أَنَّ كُلَّ مَنْ وَصَلَتْ يَدُهُ مِنْ الْعَسْكَرِ إلَى شَيْءٍ يَأْخُذُهُ وَلَا يُعْطِي خُمُسَهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ وَاجِبًا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إنَّ وَطْءَ السَّرَارِيِّ اللَّاتِي يُجْلَبْنَ الْيَوْمَ مِنْ الرُّومِ وَالْهِنْدِ وَالتُّرْكِ حَرَامٌ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: فِي الْأَشْبَاهِ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْهُ فِي قَاعِدَةِ الْأَصْلُ فِي الْأَبْضَاعِ التَّحْرِيمُ أَنَّ هَذَا وَرَعٌ لَا حُكْمٌ لَازِمٌ فَإِنَّ الْجَارِيَةَ الْمَجْهُولَةَ الْحَالِ الْمَرْجِعُ فِيهَا إلَى صَاحِبِ الْيَدِ إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً، وَإِلَى إقْرَارِهَا إنْ كَانَتْ كَبِيرَةً، وَإِنْ عُلِمَ حَالُهَا فَلَا إشْكَالَ. اهـ. فَهَذَا إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ مَا عُلِمَ أَنَّهَا أُخِذَتْ مِنْ الْغَنِيمَةِ، أَمَّا مَا عُلِمَ فِيهَا ذَلِكَ فَفِيهَا مَا ذَكَرْنَاهُ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَاعَهَا الْإِمَامُ أَوْ أَحَدٌ مِنْ الْعَسْكَرِ وَأَجَازَ الْإِمَامُ بَيْعَهُ، أَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَقَدْ نَصَّ فِي شَرْحِ السَّيْرِ الْكَبِيرِ عَلَى بَيْعِ الْغَازِيِّ سَهْمَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بَاطِلٌ كَإِعْتَاقِهِ لَكِنْ الْعَقْدُ عَلَيْهَا لَا يَرْفَعُ الشُّبْهَةَ؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ غَنِيمَةً تَكُونُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَأَصْحَابِ الْخُمُسِ فَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهَا نَفْسَهَا، بَلْ الرَّافِعُ لِلشُّبْهَةِ شِرَاؤُهَا مِنْ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ التَّصَدُّقُ بِهَا عَلَى فَقِيرٍ ثُمَّ شِرَاؤُهَا مِنْهُ، وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَمَامُ تَحْرِيرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute