وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى فِي عَدَمِ عَدِّهَا خَامِسَةً، وَنَحْوُهُ مِنْ عَدَمِ الِاحْتِيَاطِ.
(وَ) حَرُمَ نِكَاحُ (الْوَثَنِيَّةِ) بِالْإِجْمَاعِ (وَصَحَّ نِكَاحُ كِتَابِيَّةٍ) ، وَإِنْ كُرِهَ تَنْزِيهًا (مُؤْمِنَةٍ بِنَبِيٍّ) مُرْسَلٍ (مُقِرَّةٍ بِكِتَابٍ) مُنَزَّلٍ، وَإِنْ اعْتَقَدُوا الْمَسِيحَ إلَهًا، وَكَذَا حِلُّ ذَبِيحَتِهِمْ عَلَى الْمَذْهَبِ بَحْرٌ. وَفِي النَّهْرِ مُنَاكَحَةُ الْمُعْتَزِلَةِ لِأَنَّا لَا نُكَفِّرُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ إنْ وَقَعَ إلْزَامًا فِي الْمَبَاحِثِ.
(لَا) يَصِحُّ نِكَاحُ (عَابِدَةِ كَوْكَبٍ لَا كِتَابَ لَهَا) وَلَا وَطْؤُهَا بِمِلْكِ يَمِينٍ (وَالْمَجُوسِيَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ) هَذَا سَاقِطٌ مِنْ نُسَخِ الشَّرْحِ ثَابِتٌ فِي نُسَخِ الْمَتْنِ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى عَابِدَةِ كَوْكَبٍ.
ــ
[رد المحتار]
هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْجِهَادِ.
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ إلَخْ) هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ الشُّرُنْبُلَالِيُّ، وَقَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ أَيْ كَعَدَمِ الْقَسْمِ لَهَا وَعَدَمِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا، وَعَدَمِ ثُبُوتِ نَسَبِ وَلَدِهَا بِلَا دَعْوَى، لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِي الْعَقْدِ عَلَيْهَا إنَّمَا هُوَ عِنْدَ احْتِمَالِ عَدَمِ صِحَّةِ الْمِلْكِ احْتِمَالًا قَوِيًّا لِيَقَعَ الْوَطْءُ حَلَالًا بِلَا شُبْهَةٍ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْعَقْدِ عَلَيْهَا لِذَلِكَ أَنْ لَا يَعُدَّهَا عَلَى نَفْسِهِ خَامِسَةً وَنَحْوُهُ، بَلْ نَقُولُ يَنْبَغِي لَهُ الِاحْتِيَاطُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: وَحَرُمَ نِكَاحُ الْوَثَنِيَّةِ) نِسْبَةٌ إلَى عِبَادَةِ الْوَثَنِ وَهُوَ مَا لَهُ جُثَّةٌ أَيْ صُورَةُ إنْسَانٍ مِنْ خَشَبٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ جَوْهَرٍ تُنْحَتُ وَالْجَمْعُ أَوْثَانٌ، وَالصَّنَمُ صُورَةٌ بِلَا جُثَّةٍ هَكَذَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَقِيلَ لَا فَرْقَ، وَقِيلَ يُطْلَقُ الْوَثَنُ عَلَى غَيْرِ الصُّورَةِ كَذَا فِي الْبِنَايَةِ نَهْرٌ، وَفِي الْفَتْحِ: وَيَدْخُلُ فِي عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ عَبَدَةُ الشَّمْسِ وَالنُّجُومِ وَالصُّوَرِ الَّتِي اسْتَحْسَنُوهَا وَالْمُعَطِّلَةُ وَالزَّنَادِقَةُ وَالْبَاطِنِيَّةُ وَالْإِبَاحِيَّةُ. وَفِي شَرْحِ الْوَجِيزِ وَكُلُّ مَذْهَبٍ يَكْفُرُ بِهِ مُعْتَقِدُهُ. اهـ.
قُلْت: وَشَمَلَ ذَلِكَ الدُّرُوزَ وَالنُّصَيْرِيَّةَ وَالتَّيَامِنَةَ، فَلَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ، وَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ كِتَابٌ سَمَاوِيٌّ وَأَفَادَ بِحُرْمَةِ النِّكَاحِ حُرْمَةَ الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ كَمَا يَأْتِي، وَالْمُرَادُ الْحُرْمَةُ عَلَى الْمُسْلِمِ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ: وَتَحِلُّ الْمَجُوسِيَّةُ وَالْوَثَنِيَّةُ لِكُلِّ كَافِرٍ إلَّا الْمُرْتَدَّ. (قَوْلُهُ: كِتَابِيَّةٍ) أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ الْحَرْبِيَّةَ وَالذِّمِّيَّةَ وَالْحُرَّةَ وَالْأَمَةَ ح عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كُرِهَ تَنْزِيهًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ ذِمِّيَّةً أَوْ حَرْبِيَّةً، فَإِنَّ صَاحِبَ الْبَحْرِ اسْتَظْهَرَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي الْكِتَابِيَّةِ الْحَرْبِيَّةِ تَنْزِيهِيَّةٌ فَالذِّمِّيَّةُ أَوْلَى. اهـ.
ح قُلْت: عَلَّلَ ذَلِكَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ التَّحْرِيمِيَّةَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ نَهْيٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّهَا فِي رُتْبَةِ الْوَاجِبِ. اهـ. وَفِيهِ أَنَّ إطْلَاقَهُمْ الْكَرَاهَةَ فِي الْحَرْبِيَّةِ يُفِيدُ أَنَّهَا تَحْرِيمِيَّةٌ، وَالدَّلِيلُ عِنْدَ الْمُجْتَهِدِ عَلَى أَنَّ التَّعْلِيلَ يُفِيدُ ذَلِكَ، فَفِي الْفَتْحِ وَيَجُوزُ تَزَوُّجُ الْكِتَابِيَّاتِ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ، وَلَا يَأْكُلَ ذَبِيحَتَهُمْ إلَّا لِلضَّرُورَةِ، وَتُكْرَهُ الْكِتَابِيَّةُ الْحَرْبِيَّةُ إجْمَاعًا؛ لِافْتِتَاحِ بَابِ الْفِتْنَةِ مِنْ إمْكَانِ التَّعَلُّقِ الْمُسْتَدْعِي لِلْمُقَامِ مَعَهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَتَعْرِيضِ الْوَلَدِ عَلَى التَّخَلُّقِ بِأَخْلَاقِ أَهْلِ الْكُفْرِ، وَعَلَى الرِّقِّ بِأَنْ تُسْبَى وَهِيَ حُبْلَى فَيُولَدَ رَقِيقًا، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا. اهـ.
فَقَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ يُفِيدُ كَرَاهَةَ التَّنْزِيهِ فِي غَيْرِ الْحَرْبِيَّةِ، وَمَا بَعْدَهُ يُفِيدُ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ فِي الْحَرْبِيَّةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مُؤْمِنَةٍ بِنَبِيٍّ) تَفْسِيرٌ لِلْكِتَابِيَّةِ لَا تَقْيِيدٌ ط (قَوْلُهُ: مُقِرَّةٌ بِكِتَابٍ) فِي النَّهْرِ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ: وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ دِينًا سَمَاوِيًّا وَلَهُ كِتَابٌ مُنَزَّلٌ كَصُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَشِيثٍ وَزَبُورِ دَاوُد فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَتَجُوزُ مُنَاكَحَتُهُمْ وَأَكْلُ ذَبَائِحِهِمْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي الْمُسْتَصْفَى مِنْ تَقْيِيدِ الْحِلِّ بِأَنْ لَا يَعْتَقِدُوا ذَلِكَ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ يَجِبُ أَنْ لَا يَأْكُلُوا ذَبَائِحَ أَهْلِ الْكِتَابِ إذَا اعْتَقَدُوا أَنَّ الْمَسِيحَ إلَهٌ، وَأَنَّ عُزَيْرًا إلَهٌ، وَلَا يَتَزَوَّجُوا نِسَاءَهُمْ قِيلَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَلَكِنْ بِالنَّظَرِ إلَى الدَّلِيلِ يَنْبَغِي أَنَّهُ يَجُوزُ الْأَكْلُ وَالتَّزَوُّجُ. اهـ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْإِطْلَاقُ لِمَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ أَنَّ ذَبِيحَةَ النَّصْرَانِيِّ حَلَالٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَالَ بِثَالِثِ ثَلَاثَةٍ أَوْ لَا لِإِطْلَاقِ الْكِتَابِ هُنَا وَالدَّلِيلِ وَرَجَّحَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّ الْقَائِلَ بِذَلِكَ طَائِفَتَانِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى انْقَرَضُوا لَا كُلُّهُمْ مَعَ أَنَّ مُطْلَقَ لَفْظِ الشِّرْكِ إذَا ذُكِرَ فِي لِسَانِ الشَّرْعِ لَا يَنْصَرِفُ إلَى أَهْلِ الْكِتَابِ، وَإِنْ صَحَّ لُغَةً فِي طَائِفَةٍ أَوْ طَوَائِفَ لِمَا عُهِدَ مِنْ إرَادَتِهِ بِهِ مَنْ عَبَدَ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرَهُ مِمَّنْ لَا يَدَّعِي اتِّبَاعَ نَبِيٍّ وَكِتَابٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفِي النَّهْرِ إلَخْ) مَأْخُوذٌ مِنْ الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَمُقْتَضَى الْوَجْهِ حِلُّ مُنَاكَحَتِهِمْ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ عَدَمُ تَكْفِيرِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، وَإِنْ وَقَعَ إلْزَامًا فِي الْمَبَاحِثِ، بِخِلَافِ مَنْ