للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلُهُ (وَالْمُحْرِمَةِ) بِحَجٍّ أَوْ عَمْرَةٍ (وَلَوْ بِمُحْرِمٍ) عَطْفٌ

ــ

[رد المحتار]

خَالَفَ الْقَوَاطِعَ الْمَعْلُومَةَ بِالضَّرُورَةِ مِنْ الدِّينِ مِثْلُ الْقَائِلِ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَنَفْيِ الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّاتِ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْمُحَقِّقُونَ وَأَقُولُ: وَكَذَا الْقَوْلُ بِالْإِيجَابِ بِالذَّاتِ وَنَفْيِ الِاخْتِيَارِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَعَ إلْزَامًا فِي الْمَبَاحِثِ مَعْنَاهُ، وَإِنْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِكُفْرِ الْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ عِنْدَ الْبَحْثِ مَعَهُمْ فِي رَدِّ مَذْهَبِهِمْ بِأَنَّهُ كُفْرٌ أَيْ يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ بِكَذَا الْكُفْرُ، وَلَا يَقْتَضِي ذَلِكَ كُفْرَهُمْ؛ لِأَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبِهِمْ وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ مَا قَالُوا ذَلِكَ إلَّا لِشُبْهَةِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ عَلَى زَعْمِهِمْ، وَإِنْ أَخْطَئُوا فِيهِ، وَلَزِمَهُمْ الْمَحْذُورُ عَلَى أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِأَدْنَى حَالًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، بَلْ هُمْ مُقِرُّونَ بِأَشْرَفِ الْكُتُبِ، وَلَعَلَّ الْقَائِلَ بِعَدَمِ حِلِّ مُنَاكَحَتِهِمْ يَحْكُمُ بِرِدَّتِهِمْ بِمَا اعْتَقَدُوهُ، وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَصْلُ اعْتِقَادِهِمْ، فَإِنْ سُلِّمَ أَنَّهُ كُفْرٌ لَا يَكُونُ رِدَّةً. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَيَنْبَغِي أَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ مَذْهَبًا يَكْفُرُ بِهِ إنْ كَانَ قَبْلَ تَقَدُّمِ الِاعْتِقَادِ الصَّحِيحِ فَهُوَ مُشْرِكٌ، وَإِنْ طَرَأَ عَلَيْهِ فَهُوَ مُرْتَدٌّ. اهـ.

وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ الرَّافِضِيَّ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ الْأُلُوهِيَّةَ فِي عَلِيٍّ، أَوْ أَنَّ جِبْرِيلَ غَلِطَ فِي الْوَحْيِ، أَوْ كَانَ يُنْكِرُ صُحْبَةَ الصِّدِّيقِ، أَوْ يَقْذِفُ السَّيِّدَةَ الصِّدِّيقَةَ فَهُوَ كَافِرٌ لِمُخَالَفَتِهِ الْقَوَاطِعَ الْمَعْلُومَةَ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يُفَضِّلُ عَلِيًّا أَوْ يَسُبُّ الصَّحَابَةَ فَإِنَّهُ مُبْتَدِعٌ لَا كَافِرٌ كَمَا أَوْضَحْته فِي كِتَابِي تَنْبِيهُ الْوُلَاةِ وَالْحُكَّامِ عَامَّةَ أَحْكَامِ شَاتِمِ خَيْرِ الْأَنَامِ أَوْ أَحَدِ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

[تَنْبِيهٌ]

قِيلَ: لَا تَجُوزُ مُنَاكَحَةُ مَنْ يَقُولُ أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ كَافِرٌ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يَقُولُهُ شَكًّا فِي إيمَانِهِ وَالشَّافِعِيَّةُ لَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ فَتَجُوزُ الْمُنَاكَحَةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ بِلَا شُبْهَةٍ. اهـ.

وَحَقَّقَ ذَلِكَ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّةَ يُرِيدُونَ بِهِ إيمَانَ الْمُوَافَاةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَهُوَ الَّذِي يُقْبَضُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَهُوَ إخْبَارٌ عَنْ نَفْسِهِ بِفِعْلٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ اسْتِصْحَابُهُ إلَيْهِ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} [الكهف: ٢٣] {إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: ٢٤] غَيْرَ أَنَّهُ عِنْدَنَا خِلَافُ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ تَعْوِيدَ النَّفْسِ بِالْجَزْمِ فِي مِثْلِهِ لِيَصِيرَ مَلَكَةً خَيْرٌ مِنْ إدْخَالِ أَدَاةِ التَّرَدُّدِ فِي أَنَّهُ هَلْ يَكُونُ مُؤْمِنًا عِنْدَ الْمُوَافَاةِ أَوْ لَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا عَابِدَةِ كَوَاكِبَ لَا كِتَابَ لَهَا) هَذَا مَعْنَى الصَّابِئَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمُتُونِ عَلَى أَحَدِ التَّفْسِيرَيْنِ فِيهَا، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَيَجُوزُ تَزَوُّجُ الصَّابِئَاتِ إنْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِدِينِ نَبِيٍّ وَيُقِرُّونَ بِكِتَابٍ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَإِنْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ وَلَا كِتَابَ لَهُمْ لَمْ تَجُزْ مِنَّا مُنَاكَحَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ مُشْرِكُونَ، وَالْخِلَافُ الْمَنْقُولُ فِيهِ مَحْمُولٌ عَلَى اشْتِبَاهِ مَذْهَبِهِمْ فَكُلٌّ أَجَابَ عَلَى مَا وَقَعَ عِنْدَهُ. وَعَلَى هَذَا حَالُ ذَبِيحَتِهِمْ. اهـ.

أَيْ الْخِلَافُ بَيْنَ الْإِمَامِ الْقَائِلِ بِالْحِلِّ، بِنَاءً عَلَى تَفْسِيرِهِ بِأَنَّ لَهُمْ كِتَابًا وَلَكِنَّهُمْ يُعَظِّمُونَ الْكَوَاكِبَ كَتَعْظِيمِ الْمُسْلِمِ الْكَعْبَةَ، وَبَيْنَ صَاحِبَيْهِ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ الْحِلِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَلَوْ اتَّفَقَ عَلَى تَفْسِيرِهِمْ اتَّفَقَ عَلَى الْحُكْمِ فِيهِمْ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ أَنَّ مَنْعَ مُنَاكَحَتِهِمْ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ عِبَادَةِ الْكَوَاكِبِ وَعَدَمِ الْكِتَابِ، فَلَوْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ وَلَهُمْ كِتَابٌ تَجُوزُ مُنَاكَحَتُهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ زَعَمُوا أَنَّ عِبَادَةَ الْكَوَاكِبِ لَا تُخْرِجُهُمْ عَنْ كَوْنِهِمْ أَهْلَ كِتَابٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ إنْ كَانُوا يَعْبُدُونَهَا حَقِيقَةً فَلَيْسُوا أَهْلَ كِتَابٍ.، وَإِنْ كَانُوا يُعَظِّمُونَهَا كَتَعْظِيمِ الْمُسْلِمِينَ لِلْكَعْبَةِ فَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى. اهـ.

فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفُ لَا كِتَابَ لَهَا مَفْهُومٌ لَهُ، لَكِنْ مَا مَرَّ مِنْ حِلِّ النَّصْرَانِيَّةِ، وَإِنْ اعْتَقَدَتْ الْمَسِيحَ إلَهًا يُؤَيِّدُ قَوْلَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَالْمَجُوسِيَّةُ) نِسْبَةٌ إلَى مَجُوسٍ وَهُمْ عَبَدَةُ النَّارِ، وَعَدَمُ جَوَازِ نِكَاحِهِمْ وَلَوْ بِمِلْكِ يَمِينٍ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ خِلَافًا لِدَاوُدَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ وَرُفِعَ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: هَذَا سَاقِطٌ إلَخْ) فِيهِ اعْتِذَارٌ عَنْ تَكْرَارِ الْوَثَنِيَّةِ وَدَفْعُ إيهَامِ الْعَطْفِ فِي الْمُحَرَّمَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمُحْرِمٍ) الْمُنَاسِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>