للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى كِتَابِيَّةٍ فَتَنَبَّهْ (وَالْأَمَةِ وَلَوْ) كَانَتْ (كِتَابِيَّةً أَوْ مَعَ طَوْلِ الْحُرَّةِ) الْأَصْلُ عِنْدَنَا أَنَّ كُلَّ وَطْءٍ يَحِلُّ بِمِلْكِ يَمِينٍ يَحِلُّ بِنِكَاحٍ، وَمَا لَا فَلَا (وَإِنْ كُرِهَ) تَحْرِيمًا فِي الْمُحْرِمَةِ وَتَنْزِيهًا فِي الْأَمَةِ (وَحُرَّةٍ عَلَى أَمَةٍ لَا) يَصِحُّ (عَكْسُهُ وَلَوْ) أُمَّ وَلَدٍ (فِي عِدَّةِ حُرَّةٍ) وَلَوْ مِنْ بَائِنٍ

ــ

[رد المحتار]

لِمُحْرِمٍ بِاللَّامِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ الْمُقَدَّرَ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لَا يَتَعَدَّى بِالْبَاءِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ تَضَمُّنَهُ مَعْنَى التَّزَوُّجِ فَإِنَّهُ يَتَعَدَّى بِالْبَاءِ فِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ طَوْلِ الْحُرَّةِ) أَيْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَهْرِهَا وَنَفَقَتِهَا وَهُوَ بِالْفَتْحِ فِي الْأَصْلِ الْفَضْلُ، وَيُعَدَّى بِعَلَى، وَإِلَى فَطَوْلُ الْحُرَّةِ مُتَّسَعٌ فِيهِ بِحَذْفِ الصِّلَةِ، ثُمَّ الْإِضَافَةِ إلَى الْمَفْعُولِ عَلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُطَرِّزِيُّ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ: الْأَصْلُ إلَخْ) قَدْ يُنَاقَشُ فِيهِ بِالْأَمَةِ الْمَمْلُوكَةِ بَعْدَ الْحُرَّةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَطْؤُهَا مِلْكًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْكِحَ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ ط (قَوْلُهُ: تَحْرِيمًا فِي الْمُحَرَّمَةِ وَتَنْزِيهًا فِي الْأَمَةِ) أَمَّا الثَّانِي فَهُوَ مَا اسْتَظْهَرَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ كَلَامِ الْبَدَائِعِ، وَمِثْلُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ، وَأَيَّدَهُ بِقَوْلِ الْمَبْسُوطِ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ.

وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ مَا فَهِمَهُ فِي النَّهْرِ مِنْ كَلَامِ الْفَتْحِ، وَهُوَ فَهْمٌ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ فَإِنَّهُ فِي الْفَتْحِ ذَكَرَ دَلِيلَ الْمَسْأَلَةِ لَنَا، وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ السِّتَّةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَبَنَى بِهَا وَهُوَ حَلَالٌ» وَذَكَرَ دَلِيلَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ» أَيْ بِفَتْحِ الْيَاءِ فِي الْأَوَّلِ وَضَمِّهَا فِي الثَّانِي مَعَ كَسْرِ الْكَافِ، وَمَنْ فَتَحَهَا فِي الثَّانِي فَقَدْ صَحَّفَ بَحْرٌ. زَادَ مُسْلِمٌ «وَلَا يَخْطُبُ» ثُمَّ أَجَابَ بِتَرْجِيحِ الْأَوَّلِ مِنْ وُجُوهٍ. ثُمَّ أَجَابَ عَلَى تَسْلِيمِ التَّعَارُضِ بِحَمْلِ الثَّانِي إمَّا عَلَى نَهْيِ التَّحْرِيمِ وَالنِّكَاحُ فِيهِ لِلْوَطْءِ أَوْ عَلَى نَهْيِ الْكَرَاهِيَةِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلَائِلِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ فِي شُغُلٍ عَنْ مُبَاشَرَةِ عُقُودِ الْأَنْكِحَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ شَغْلَ قَلْبِهِ عَنْ إحْسَانِ الْعِبَادَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ خِطْبَةٍ، وَمُرَاوِدَاتٍ وَدَعْوَةٍ وَاجْتِمَاعَاتٍ، وَيَتَضَمَّنُ تَنْبِيهَ النَّفْسِ بِطَلَبِ الْجِمَاعِ، وَهَذَا مَحْمَلُ قَوْلِهِ وَلَا يَخْطُبُ، وَلَا يَلْزَمُ كَوْنُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاشَرَ الْمَكْرُوهَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمَنُوطَ بِهِ الْكَرَاهَةُ هُوَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مُنَزَّهٌ عَنْهُ، وَلَا بُعْدَ فِي اخْتِلَافِ حُكْمٍ فِي حَقِّنَا وَحَقِّهِ لِاخْتِلَافِ الْمَنَاطِ فِينَا وَفِيهِ كَالْوِصَالِ نَهَانَا عَنْهُ وَفَعَلَهُ. اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنْ لَا يَنْكِحَ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْوَطْءَ فَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ، وَهَذَا قَطْعِيٌّ لَا شُبْهَةَ فِيهِ أَوْ الْعَقْدَ فَالنَّهْيُ لِلْكَرَاهِيَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْوَجْهِ لَا يَقْتَضِي كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ، وَإِلَّا حَرُمَ تِجَارَةُ الْمُحْرِمِ فِي الْإِمَاءِ، فَإِنَّ فِيهِ أَيْضًا شَغْلَ الْقَلْبِ وَتَنْبِيهَ النَّفْسِ لِلْجِمَاعِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: وَهَذَا مَحْمَلُ قَوْلِهِ: وَلَا يَخْطُبُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ بِأَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ. وَقَوْلُ الْكَنْزِ: وَحَلَّ تَزَوُّجُ الْكِتَابِيَّةِ وَالصَّابِئَةِ وَالْمُحْرِمَةِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَكْرُوهَ تَحْرِيمًا لَا يَحِلُّ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ عَكْسُهُ) أَيْ وَلَا جَمْعُهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، بَلْ يَصِحُّ فِي الْجَمْعِ نِكَاحُ الْحُرَّةِ لَا الْأَمَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ. وَمَا فِي الْأَشْبَاهِ فِي قَاعِدَةِ إذَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ، وَأَنَّهُ يَبْطُلُ فِيهِمَا سَبْقُ قَلَمٍ. هَذَا وَحُرْمَةُ إدْخَالِ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ إذَا كَانَ نِكَاحُ الْحُرَّةِ صَحِيحًا، فَلَوْ دَخَلَ بِالْحُرَّةِ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ لَا يَمْنَعُ الْأَمَةَ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ.

[فَرْعٌ]

تَزَوَّجَ أَمَةً بِلَا إذْنِ مَوْلَاهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى تَزَوَّجَ حُرَّةً ثُمَّ أَجَازَ الْمَوْلَى لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ إنَّمَا يَثْبُتُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ فَكَانَتْ فِي حُكْمِ الْإِنْشَاءِ فَيَصِيرُ مُتَزَوِّجًا أَمَةً عَلَى حُرَّةٍ، وَلَوْ تَزَوَّجَ ابْنَتَهَا الْحُرَّةَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ جَازَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ الْمَوْقُوفَ عَدَمٌ فِي حَقِّ الْحِلِّ فَلَا يَمْنَعُ نِكَاحَ غَيْرِهَا بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ) شَمَلَ الْمُدَبَّرَةَ وَالْمُكَاتَبَةَ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: فِي عِدَّةِ حُرَّةٍ) مِنْ مَدْخُولِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ وَلَوْ فِي عِدَّةِ حُرَّةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ بَائِنٍ) أَشَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>