(وَصَحَّ لَوْ رَاجَعَهَا) أَيْ الْأَمَةَ (عَلَى حُرَّةٍ) لِبَقَاءِ الْمِلْكِ (وَلَوْ تَزَوَّجَ أَرْبَعًا مِنْ الْإِمَاءِ وَخَمْسًا مِنْ الْحَرَائِرِ فِي عَقْدٍ) وَاحِدٍ (صَحَّ نِكَاحُ الْإِمَاءِ) لِبُطْلَانِ الْخَمْسِ (وَ) صَحَّ (نِكَاحُ أَرْبَعٍ مِنْ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ فَقَطْ لِلْحُرِّ) لَا أَكْثَرُ (وَلَهُ التَّسَرِّي بِمَا شَاءَ مِنْ الْإِمَاءِ) فَلَوْ لَهُ أَرْبَعٌ وَأَلْفٌ سُرِّيَّةٍ وَأَرَادَ شِرَاءَ أُخْرَى فَلَامَهُ رَجُلٌ خِيفَ عَلَيْهِ الْكُفْرَ وَلَوْ أَرَادَ فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ أَقْتُلُ نَفْسِي لَا يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ مَشْرُوعٌ، لَكِنْ لَوْ تَرَكَ لِئَلَّا يَغُمَّهَا يُؤْجَرُ لِحَدِيثِ «مَنْ رَقَّ لِأُمَّتِي رَقَّ اللَّهُ لَهُ» بَزَّازِيَّةٌ (وَنِصْفُهَا لِلْعَبْدِ) وَلَوْ مُدَبَّرًا (وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ) فَلَا يَحِلُّ لَهُ التَّسَرِّي أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ.
إلَّا الطَّلَاقَ (وَ) صَحَّ نِكَاحُ (حُبْلَى مِنْ زِنًى لَا) حُبْلَى (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ الزِّنَى لِثُبُوتِ نَسَبِهِ وَلَوْ مِنْ حَرْبِيٍّ أَوْ سَيِّدِهَا
ــ
[رد المحتار]
بِهِ إلَى خِلَافِ قَوْلِهِمَا بِجَوَازِهِ وَاتَّفَقُوا عَلَى الْمَنْعِ فِي الرَّجْعِيِّ (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ الْمِلْكِ) أَيْ مِلْكِ نِكَاحِ الْأَمَةِ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ بِالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ عَنْ النِّكَاحِ فَالْحُرَّةُ هِيَ الدَّاخِلَةُ عَلَى الْأَمَةِ (قَوْلُهُ: فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ) أَيْ عَلَى التِّسْعِ ح (قَوْلُهُ: لِبُطْلَانِ الْخُمُسِ) مُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْحَرَائِرُ أَرْبَعًا صَحَّ فِيهِنَّ وَبَطَلَ فِي الْإِمَاءِ كَمَا فِي جَمْعِ الْحُرَّةِ مَعَ الْأَمَةِ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ، يُوَضِّحُهُ مَا نَقَلَهُ الرَّحْمَتِيُّ عَنْ كَافِي الْحَاكِمِ أَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ أَنَّهُ يَنْظُرُ فِي نِكَاحِ الْحَرَائِرِ، فَإِنْ كَانَ جَائِزًا لَوْ كُنَّ وَحْدَهُنَّ أَجْزَأَهُ وَأَبْطَلْت نِكَاحَ الْإِمَاءِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ أَبْطَلْته وَأَجَزْت نِكَاحَ الْإِمَاءِ إنْ كَانَ يَجُوزُ لَوْ كُنَّ وَحْدَهُنَّ. اهـ.
قُلْت: وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ مَا لَوْ كَانَ جُمْلَةُ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ لَمْ تَزِدْ عَلَى أَرْبَعٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي الْحَرَائِرِ فَقَطْ، وَهُوَ صَرِيحُ مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ لَا يَصِحُّ عَكْسُهُ (قَوْلُهُ: سُرِّيَّةٍ) نِسْبَةٌ إلَى السِّرِّ وَهُوَ النِّكَاحُ، وَالْتُزِمَ ضَمُّ السِّينِ كَضَمِّ الدَّالِ فِي دُهْرِيَّةٍ نِسْبَةٌ إلَى الدَّهْرِ أَوْ إلَى السُّرُورِ لِحُصُولِهِ بِهَا ط (قَوْلُهُ: خِيفَ عَلَيْهِ الْكُفْرُ) {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: ٦]- بَزَّازِيَّةٌ -، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مِثْلَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى التَّزَوُّجِ عَلَى امْرَأَتِهِ، وَمَا فَرَّقَ بِهِ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَرَائِرِ مَشَقَّةً بِسَبَبِ وُجُوبِ الْعَدْلِ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ الْجَمْعِ بَيْنَ السَّرَارِيِّ فَإِنَّهُ لَا قَسْمَ بَيْنَهُنَّ مِمَّا لَا أَثَرَ لَهُ مَعَ النَّصِّ نَهْرٌ أَيْ لِأَنَّ النَّصَّ نَفْيُ اللَّوْمِ عَنْ الْجِهَتَيْنِ.
وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ اللَّوْمِ عَلَى التَّسَرِّي هُوَ اللَّوْمُ عَلَى أَصْلِ الْفِعْلِ بِخِلَافِ اللَّوْمِ عَلَى تَزَوُّجِ أُخْرَى، فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ اللَّوْمُ عَلَى مَا يَلْحَقُهُ مِنْ خَوْفِ الْجَوْرِ لَا عَلَى أَصْلِ الْفِعْلِ، فَيَكُونُ عَمَلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النساء: ٣] فَهَذَا وَجْهُ مَا فَرَّقَ بِهِ فِي الْبَحْرِ أَخْذًا مِنْ تَنْصِيصِهِمْ عَلَى اللَّوْمِ عَلَى التَّسَرِّي فَقَطْ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ اللَّوْمَ عَلَى أَصْلِ الْفِعْلِ بِمَعْنَى أَنَّك فَعَلْت أَمْرًا قَبِيحًا فَهُوَ كَافِرٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى أَنَّك فَعَلْت مَا تَرَكَهُ لَك أَوْلَى لِمَا يَلْحَقُك مِنْ التَّعَبِ فِي النَّفَقَةِ وَكَثْرَةِ الْعِيَالِ، وَإِضْرَارِ الزَّوْجَةِ بِالتَّسَرِّي أَوْ بِالتَّزَوُّجِ عَلَيْهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا كُفْرَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَلْحَظْ شَيْئًا مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ فَلَا كُفْرَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَيْضًا، لَكِنْ قَالُوا يُخْشَى عَلَيْهِ الْكُفْرُ فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ اللَّوْمُ عَلَى أَصْلِ الْفِعْلِ دُونَ الثَّانِي لِتَبَادُرِ خِلَافِهِ كَمَا قُلْنَا، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: لِحَدِيثِ «مَنْ رَقَّ لِأُمَّتِي» ) أَيْ رَحِمَهَا «رَقَّ اللَّهُ لَهُ» أَيْ أَثَابَهُ وَأَحْسَنَ إلَيْهِ ط (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُدَبَّرًا) مِثْلُهُ الْمُكَاتَبُ وَابْنُ أُمِّ الَّذِي مِنْ غَيْرِ مَوْلَاهَا كَمَا فِي الْغَايَةِ ط (قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَبْدِ وَلَوْ مُكَاتَبًا كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: أَصْلًا) أَيْ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ بِهِ الْمَوْلَى (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ) أَيْ فِي هَذَا الْبَابِ إلَّا الطَّلَاقَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَمْلِكُ غَيْرَهُ كَالْإِقْرَارِ عَلَى نَفْسِهِ وَنَحْوِهِ.
(قَوْلُهُ: وَصَحَّ نِكَاحُ حُبْلَى مِنْ زِنًى) أَيْ عِنْدَهُمَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَصِحُّ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُحِيطِ. وَذَكَرَ التُّمُرْتَاشِيُّ أَنَّهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا وَقِيلَ لَهَا ذَلِكَ، وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْوَطْءِ مِنْ جِهَتِهَا بِخِلَافِ الْحَيْضِ لِأَنَّهُ سَمَاوِيٌّ بَحْرٌ عَنْ الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: حُبْلَى مِنْ غَيْرٍ إلَخْ) شَمَلَ الْحُبْلَى مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ، وَمَا لَوْ كَانَ الْحَبَلُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ حَرْبِيٍّ (قَوْلُهُ:؛ لِثُبُوتِ نَسَبِهِ) فَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَنِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ لَا يَصِحُّ ط (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ حَرْبِيٍّ) كَالْمُهَاجِرَةِ وَالْمَسْبِيَّةِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَصِحُّ وَصَحَّحَ الزَّيْلَعِيُّ الْمَنْعَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute