وَقَالَتْ رَدَدْت) النِّكَاحَ (وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا) عَلَى ذَلِكَ (وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا طَوْعًا) فِي الْأَصَحِّ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى سُكُوتِهَا لِأَنَّهُ وُجُودِيٌّ بِضَمِّ الشَّفَتَيْنِ وَلَوْ بَرَّ هُنَا
ــ
[رد المحتار]
كَمَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ ط
(قَوْلُهُ وَقَالَتْ رَدَدْت) أَيْ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ ط (قَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ أَيَّهمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ بَحْرٌ وَإِنْ أَقَامَاهَا فَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ بَرْهَنَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا طَوْعًا) بِأَنْ لَمْ يَدْخُلْ أَوْ دَخَلَ كُرْهًا وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا دَخَلَ بِهَا طَوْعًا حَيْثُ لَا تُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ التَّمْكِينَ مِنْ الْوَطْءِ كَالْإِقْرَارِ، وَعَنْ هَذَا صَحَّحَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّهَا لَوْ أَقَامَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الرَّدِّ لَمْ تُقْبَلْ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الْغَزِّيِّ عَلَى الْأَشْبَاهِ أَنَّهُ وَقَعَ اخْتِلَافُ التَّصْحِيحِ فِي قَبُولِ بَيِّنَتِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ رَدَّتْ النِّكَاحَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ، فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْكُتُبِ أَنَّهَا تُقْبَلُ وَصَحَّحَ فِي الْوَاقِعَاتِ عَدَمَهُ لِتَنَاقُضِهَا فِي الدَّعْوَى وَالصَّحِيحُ الْقَبُولُ لِأَنَّهُ وَإِنْ بَطَلَتْ الدَّعْوَى، فَالْبَيِّنَةُ لَا تَبْطُلُ لِقِيَامِهَا عَلَى تَحْرِيمِ الْفَرْجِ وَالْبُرْهَانُ عَلَيْهِ مَقْبُولٌ بِلَا دَعْوَى قَالَ الْغَزِّيِّ: وَقَدْ أَلَّفَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ عَلِيُّ الْمَقْدِسِيَّ فِيهَا رِسَالَةً اعْتَمَدَ فِيهَا تَصْحِيحَ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) لِأَنَّهُ يَدَّعِي لُزُومَ الْعَقْدِ وَمِلْكَ الْبُضْعِ وَالْمَرْأَةُ تَدْفَعُهُ، فَكَانَتْ مُنْكِرَةً، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ وَلِيِّهَا عَلَيْهَا بِالرِّضَا لِأَنَّهُ يُقِرُّ عَلَيْهَا بِثُبُوتِ الْمِلْكِ، وَإِقْرَارُهُ عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ بَعْدَ بُلُوغِهَا غَيْرُ صَحِيحٍ كَذَا فِي الْفَتْحِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ لَوْ شَهِدَ مَعَ آخَرَ بِالرِّضَا لِكَوْنِهِ سَاعِيًا فِي إتْمَامِ مَا صَدَرَ مِنْهُ فَهُوَ مُتَّهَمٌ وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا بَحْرٌ.
قُلْت: وَفِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ فَأَنْكَرَتْ الرِّضَا فَشَهِدَ عَلَيْهَا أَبُوهَا وَأَخُوهَا لَمْ يَجُزْ اهـ فَتَأَمَّلْ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ الْمَهْرِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى النِّكَاحِ الْفَاسِدِ مَا نَصُّهُ: وَإِذَا ادَّعَتْ فَسَادَهُ، وَهُوَ صِحَّتُهُ فَالْقَوْلُ لَهُ وَعَلَى عَكْسِهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ، وَالْكُلُّ إنْ دَخَلَ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ فِي صِغَرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا وَلَا مَهْرَ لَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْإِدْرَاكِ اهـ مَا فِي الْبَحْرِ.
قُلْت: وَقَدْ عَلَّلَ الْأَخِيرَةَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الْمُحِيطِ بِقَوْلِهِ: لِاخْتِلَافِهِمَا فِي وُجُودِ الْعَقْدِ وَعَلَّلَهَا فِي الذَّخِيرَةِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ النِّكَاحَ فِي حَالَهِ الصِّغَر قَبْلَ إجَازَةِ الْوَلِيِّ لَيْسَ بِنِكَاحٍ مَعْنًى إلَخْ وَذَكَرَ قَبْلَهُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ لَوْ فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ بِشَهَادَةِ الظَّاهِرِ، وَلَوْ فِي أَصْلِ وُجُودِ الْعَقْدِ فَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الْوُجُودِ.
قُلْت: وَعَلَى هَذَا فَلَا اسْتِثْنَاءَ لِأَنَّ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْأَوَّلِ وَمَا فِي الْكَافِي مِنْ الثَّانِي وَلَعَلَّ وَجْهَ قَوْلِهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَعَلَى عَكْسِهِ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا إلَخْ كَوْنُهُ مُؤَاخَذًا بِإِقْرَارِهِ فَيَسْرِي عَلَيْهِ وَلِذَا كَانَ لَهَا الْمَهْرُ ثُمَّ إنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ قَبِيلِ الِاخْتِلَافِ فِي أَصْلِ وُجُودِ الْعَقْدِ لِأَنَّ الرَّدَّ صَيَّرَ الْإِيجَابَ بِلَا قَبُولٍ، وَكَذَا الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي.
(قَوْلُهُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ) وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَعِنْدَهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الدَّعْوَى فِي الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ وُجُودِيٌّ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ بَيِّنَتَهُ عَلَى سُكُوتِهَا بَيِّنَةٌ عَلَى النَّفْيِ، وَهِيَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ فَأَجَابَ: بِأَنَّ السُّكُوتَ وُجُودِيٌّ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ ضَمِّ الشَّفَتَيْنِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْكَلَامِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ زَادَ فِي الْبَحْرِ أَوْ هُوَ نَفْيٌ: يُحِيطُ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ، فَيُقْبَلُ كَمَا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا تَكَلَّمَ مِمَّا هُوَ رِدَّةٌ فِي مَجْلِسٍ، فَبَرْهَنَ عَلَى عَدَمِ التَّكَلُّمِ فِيهِ تُقْبَلُ، وَكَذَا إذَا قَالَ الشُّهُودُ كُنَّا عِنْدَهَا وَلَمْ نَسْمَعْهَا تَتَكَلَّمُ ثَبَتَ سُكُوتُهَا كَمَا فِي الْجَوَامِعِ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْجَوَابَ الْأَوَّلَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَنْعِ وَالثَّانِي عَلَى التَّسْلِيمِ وَبَحَثَ فِي الْأَوَّلِ فِي السَّعْدِيَّةِ بِمَا فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ، مِنْ أَنَّ السُّكُوتَ تَرْكُ الْكَلَامِ، وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ فِي النَّهْرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute