فَبَيِّنَتُهَا أَوْلَى إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ عَلَى رِضَاهَا أَوْ إجَازَتِهَا (كَمَا لَوْ زَوَّجَهَا أَبُوهَا) مَثَلًا زَاعِمًا عَدَمَ بُلُوغِهَا (فَقَالَتْ أَنَا بَالِغَةٌ وَالنِّكَاحُ لَمْ يَصِحَّ وَهِيَ مُرَاهِقَةٌ وَقَالَ الْأَبُ) أَوْ الزَّوْجُ (بَلْ هِيَ صَغِيرَةٌ) فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهَا إنْ ثَبَتَ أَنَّ سِنَّهَا تِسْعٌ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْمُرَاهِقُ بُلُوغَهُ وَلَوْ بَرْهَنَا فَبَيِّنَةُ الْبُلُوغِ أَوْلَى عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ قَوْلِ الصَّغِيرَةِ رَدَدْتُ حِينَ بَلَغْت وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ فَالْقَوْلُ لَهُ لِإِنْكَارِهِ زَوَالَ مِلْكِهِ هَذَا لَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ زَمَانِ الْبُلُوغِ وَلَوْ حَالَةَ الْبُلُوغِ فَالْقَوْلُ لَهَا شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ فَلْيُحْفَظْ
(وَلِلْوَلِيِّ) الْآتِي بَيَانُهُ (إنْكَاحُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ)
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ، وَبَحْثٌ فِي الثَّانِي أَيْضًا بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي أَيْمَانِ الْهِدَايَةِ مِنْ بَابِ الْيَمِينِ فِي الْحَجِّ وَالصَّلَاةِ. مِنْ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى النَّفْيِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ مُطْلَقًا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ أَوْ لَا اهـ وَكَذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ.
الْحَاصِلُ: أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى النَّفْيِ الْمَقْصُودِ لَا تُقْبَلُ، سَوَاءٌ كَانَ نَفْيًا صُورَةً أَوْ مَعْنًى وَسَوَاءٌ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ أَوْ لَا اهـ
قُلْت: وَهَذَا فِي غَيْرِ الشُّرُوطِ، فَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ الْيَوْمَ فَكَذَا فَشَهِدَا أَنَّهُ دَخَلَهَا تُقْبَلُ (قَوْلُهُ فَبَيِّنَتُهَا أَوْلَى) لِإِثْبَاتِ الزِّيَادَةِ أَعْنِي الرَّدَّ فَإِنَّهُ زَائِدٌ عَلَى السُّكُوتِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ عَلَى رِضَاهَا أَوْ إجَازَتِهَا) أَيْ فَتَرْجَحُ بِبَيِّنَتِهِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْإِثْبَاتِ وَزِيَادَةُ بَيِّنَتِهِ بِإِثْبَاتِ اللُّزُومِ، كَذَا فِي الشُّرُوحِ وَعَزَاهُ فِي النِّهَايَةِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ وَكَذَا هُوَ فِي غَيْرِ كِتَابٍ مِنْ الْفِقْهِ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ أَنَّ بَيِّنَتَهَا أَوْلَى فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَلَعَلَّ وِجْهَةُ أَنَّ السُّكُوتَ لَمَّا كَانَ مِمَّا يَتَحَقَّقُ الْإِجَازَةُ بِهِ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ الشَّهَادَةِ بِالْإِجَازَةِ كَوْنُهَا بِأَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى السُّكُوتِ مَا لَمْ يُصَرِّحُوا بِذَلِكَ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ، وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا صَرَّحَ الشُّهُودُ بِأَنَّهَا قَالَتْ: أَجَزْت أَوْ رَضِيت، وَحَمَلَ الثَّانِي عَلَى مَا إذَا شَهِدُوا بِأَنَّهَا أَجَازَتْ أَوْ رَضِيَتْ لِاحْتِمَالِ إجَازَتِهَا بِالسُّكُوتِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ زَوَّجَهَا إلَخْ) أَيْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْبُلُوغِ كَالِاخْتِلَافِ فِي السُّكُوتِ كَمَا فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ مَثَلًا) فَالْمُرَادُ الْوَلِيُّ الْمُجْبِرُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهَا) لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مُرَاهِقَةً كَانَ الْمُخْبِرُ بِهِ يَحْتَمِلُ الثُّبُوتَ فَيَقْبَلُ خَبَرَهَا لِأَنَّهَا مُنْكِرَةٌ وُقُوعَ الْمِلْكِ عَلَيْهَا عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ إنْ ثَبَتَ أَنَّ سِنَّهَا تِسْعٌ) تَفْسِيرٌ لِلْمُرَاهِقَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمِنَحِ ح (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْمُرَاهِقُ بُلُوغَهُ) بِأَنْ بَاعَ أَبُوهُ مَا لَهُ فَقَالَ الِابْنُ أَنَا بَالِغٌ وَلَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَقَالَ الْمُشْتَرِي وَالْأَبُ إنَّهُ صَغِيرٌ فَالْقَوْلُ لِلِابْنِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ زَوَالَ مِلْكِهِ وَقَدْ قِيلَ بِخِلَافِهِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ بَحْرٌ عَنْ الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَرْهَنَا إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَقِبَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ أَخَّرَهُ لِيُفِيدَ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَافْهَمْ. اسْتَشْكَلَ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ تَصَوُّرَ الْبُرْهَانِ عَلَى الْبُلُوغِ.
قُلْت: وَهُوَ مُمْكِنٌ بِالْحَبَلِ أَوْ الْإِحْبَالِ أَوْ سِنِّ الْبُلُوغِ أَوْ رُؤْيَةِ الدَّمِ أَوْ الْمَنِيِّ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْمُرَاهِقَةِ وَالْمُرَاهِقِ، فَقَدْ نُقِلَ التَّصْحِيحُ فِيهِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ قَوْلِ الصَّغِيرَةِ) أَيْ الَّتِي زَوَّجَهَا غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ أَمَّا مَنْ زَوَّجَاهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا ط (قَوْلُهُ رُدَّتْ حِينَ بَلَغْت إلَخْ) أَيْ قَالَتْ بَعْدَ مَا بَلَغْت: رَدَدْت النِّكَاحَ وَاخْتَرْت نَفْسِي، حِينَ أَدْرَكْت لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا لِأَنَّ الْمِلْكَ ثَابِتٌ عَلَيْهَا وَتُرِيدُ بِذَلِكَ إبْطَالَ الثَّابِتِ عَلَيْهَا كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ فَافْهَمْ. وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهَا ذَلِكَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَكَأَنَّهُ سَمَّاهَا صَغِيرَةً بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ زَمَنَ الْعَقْدِ أَيْ الْمُتَحَقِّقِ صِغَرُهَا وَقْتَهُ بِخِلَافِ الْمُرَاهِقَةِ الْمُحْتَمَلِ بُلُوغُهَا وَقْتَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَالَةَ الْبُلُوغِ) بِأَنْ قَالَتْ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ الشُّهُودِ: أَدْرَكْت الْآنَ وَفَسَخْت فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ
(قَوْلُهُ وَلِلْوَلِيِّ الْآتِي بَيَانُهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ الْوَلِيُّ فِي النِّكَاحِ الْعَصَبَةُ بِنَفْسِهِ إلَخْ، وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْوَلِيِّ الَّذِي لَهُ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ فَإِنَّهُ يَخُصُّ الْعَصَبَةَ كَمَا مَرَّ وَعَنْ الْوَصِيِّ غَيْرُ الْقَرِيبِ كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي أَيْضًا (قَوْلُهُ إنْكَاحُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ) قَيَّدَ بِالْإِنْكَاحِ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهِ عَلَيْهِمَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِشُهُودٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute