وَلَوْ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ مُسْتَوِيَانِ قُدِّمَ السَّابِقُ فَإِنْ لَمْ يَدْرِ أَوْ وَقَعَا مَعًا بَطَلَا
(وَلِلْوَلِيِّ الْأَبْعَدِ التَّزْوِيجُ بِغَيْبَةِ الْأَقْرَبِ) فَلَوْ زَوَّجَ الْأَبْعَدُ حَالَ قِيَامِ الْأَقْرَبِ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِ وَلَوْ تَحَوَّلَتْ الْوِلَايَةُ إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِجَازَتِهِ بَعْدَ التَّحَوُّلِ قُهُسْتَانِيٌّ وَظَهِيرِيَّةٌ (مَسَافَةَ الْقَصْرِ) وَاخْتَارَ فِي الْمُلْتَقَى مَا لَمْ يَنْتَظِرْ الْكُفْءُ الْخَاطِبُ جَوَابَهُ وَاعْتَمَدَهُ الْبَاقَانِيُّ وَنَقَلَ ابْنُ الْكَمَالِ أَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَنْ اخْتَفَى فِي الْمَدِينَةِ هَلْ تَكُونُ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً (وَلَوْ زَوَّجَهَا الْأَقْرَبُ حَيْثُ هُوَ جَازَ) النِّكَاحُ (عَلَى) الْقَوْلِ (الظَّاهِرِ) ظَهِيرِيَّةٌ
ــ
[رد المحتار]
وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي آخِرِ الْبَابِ الْآتِي وَقَدْ أَطَلْنَا الْكَلَامَ فِي تَحْرِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي تَنْقِيحِ الْفَتَاوَى الْحَامِدِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْمَأْذُونِ (قَوْلُهُ وَلِيَّانِ مُسْتَوِيَانِ) كَأَخَوَيْنِ شَقِيقَيْنِ فَلَوْ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ أَقْرَبُ مِنْ الْآخَرِ، فَلَا وِلَايَةَ لِلْأَبْعَدِ مَعَ الْأَقْرَبِ إلَّا إذَا غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً، فَنِكَاحُ الْأَبْعَدِ يَجُوزُ إذَا وَقَعَ قَبْلَ عَقْدِ الْأَقْرَبِ بَحْرٌ: أَيْ يَجُوزُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَفِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَدْرِ) يَنْبَغِي أَنَّهَا لَوْ بَلَغْت وَادَّعَتْ أَنَّ أَحَدَهُمَا هُوَ الْأَوَّلُ يُقْبَلُ لِمَا فِي الْفَتْحِ وَلَوْ زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَهِيَ بِكْرٌ بَالِغَةٌ بِأَمْرِهَا وَزَوَّجَتْ هِيَ نَفْسَهَا مِنْ آخَرَ فَأَيُّهُمَا قَالَتْ هُوَ الْأَوَّلُ فَالْقَوْلُ لَهَا وَهُوَ الزَّوْجُ لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ بِمِلْكِ النِّكَاحِ لَهُ عَلَى نَفْسِهَا، وَإِقْرَارُهَا حُجَّةٌ تَامَّةٌ عَلَيْهَا وَإِنْ قَالَتْ: لَا أَدْرِي الْأَوَّلَ وَلَا يُعْلَمُ مِنْ غَيْرِهَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَكَذَا لَوْ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ بِأَمْرِهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ وَلِلْوَلِيِّ الْأَبْعَدِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْأَبْعَدِ مَنْ يَلِي الْغَائِبَ فِي الْقُرْبِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي كَافِي الْحَاكِمِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الْغَائِبُ أَبَاهَا وَلَهَا جَدٌّ وَعَمٌّ، فَالْوِلَايَةُ لِلْجَدِّ لَا لِلْعَمِّ قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ: وَلَا تَنْتَقِلُ إلَى السُّلْطَانِ لِأَنَّ السُّلْطَانَ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ وَهَذِهِ لَهَا أَوْلِيَاءُ إذْ الْكَلَامُ فِيهِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْأَبْعَدِ هُنَا الْقَاضِيَ وَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْقَاضِي دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ دَفْعِ الظُّلْمِ. اهـ. إنَّمَا قَالَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ أَيْ مَسْأَلَةِ عَضْلِ الْأَقْرَبِ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ بِدَفْعِ الظُّلْمِ فَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ فِي الْغَيْبَةِ بِخِلَافِ الْعَضْلِ فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِمُخَالَفَتِهَا لِإِطْلَاقِ الْمُتُونِ نَاشِئٌ عَنْ اشْتِبَاهِ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ بِالْأُخْرَى فَافْهَمْ (قَوْلُهُ حَالَ قِيَامِ الْأَقْرَبِ) أَيْ حُضُورِهِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ أَمَّا لَوْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا جَازَ نِكَاحُ الْأَبْعَدِ ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْبَالِغَةَ لَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا غَيْرَ كُفْءٍ، فَلِلْوَلِيِّ الِاعْتِرَاضُ مَا لَمْ يَرْضَ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً كَقَبْضِ الْمَهْرِ وَنَحْوِهِ، فَلَمْ يَجْعَلُوا سُكُوتَهُ إجَازَةً وَالظَّاهِرُ أَنَّ سُكُوتَهُ هُنَا كَذَلِكَ فَلَا يَكُونُ سُكُوتُهُ إجَازَةً لِنِكَاحِ الْأَبْعَدِ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ مَا لَمْ يَرْضَ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَحَوَّلَتْ الْوِلَايَةُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْأَبْعَدِ بِمَوْتِ الْأَقْرَبِ أَوْ غَيْبَتِهِ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً ط (قَوْلُهُ مَسَافَةَ الْقَصْرِ إلَخْ) اُخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْغَيْبَةِ فَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْكَنْزِ أَنَّهَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَنَسَبَهُ فِي الْهِدَايَةِ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالزَّيْلَعِيُّ لِأَكْثَرِهِمْ قَالَ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ. وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَوْ انْتَظَرَ حُضُورَهُ أَوْ اسْتِطْلَاعَ رَأْيِهِ فَاتَ الْكُفْءُ الَّذِي حَضَرَ فَالْغَيْبَةُ مُنْقَطِعَةٌ وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْكِتَابِ. اهـ.
وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى وَالْمَبْسُوطِ: أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَفِي النِّهَايَةِ وَاخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْفَضْلِ، وَفِي الْهِدَايَةِ أَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْفِقْهِ. وَفِي الْفَتْحِ أَنَّهُ الْأَشْبَهُ بِالْفِقْهِ وَأَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ أَكْثَرِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَكْثَرِ الْمَشَايِخِ أَيْ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْمَشَايِخِ الْمُتَقَدِّمُونَ وَفِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى عَنْ الْحَقَائِقِ أَنَّهُ أَصَحُّ الْأَقَاوِيلِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ. وَعَلَيْهِ مَشَى فِي الِاخْتِيَارِ وَالنُّقَايَةِ وَيُشِيرُ كَلَامُ النَّهْرِ إلَى اخْتِيَارِهِ وَفِي الْبَحْرِ وَالْأَحْسَنُ الْإِفْتَاءُ بِمَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ (قَوْلُهُ هَلْ تَكُونُ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً) أَيْ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا وَعَلَى الثَّانِي نَعَمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ مَسَافَةَ السَّفَرِ.
قُلْت: لَكِنْ فِيهِ أَنَّ الثَّانِيَ اعْتَبَرَ فَوَاتَ الْكُفْءِ الَّذِي حَضَرَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ هُنَا إلَى الْكُفْءِ إنْ رَضِيَ بِالِانْتِظَارِ مُدَّةً يُرْجَى فِيهَا ظُهُورُ الْأَقْرَبِ الْمُخْتَفِي لَمْ يَجُزْ نِكَاحُ الْأَبْعَدِ وَإِلَّا جَازَ وَلَعَلَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ الِانْتِظَارِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ جَازَ عَلَى الظَّاهِرِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ وِلَايَةَ الْأَقْرَبِ بَاقِيَةٌ مَعَ الْغَيْبَةِ. وَذُكِرَ فِي الْبَدَائِعِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute