إجْمَاعًا خُلَاصَةً (وَلَا يَبْطُلُ تَزْوِيجُهُ) السَّابِقُ (بِعَوْدِ الْأَقْرَبِ) لِحُصُولِهِ بِوِلَايَةٍ تَامَّةٍ
(وَوَلِيُّ الْمَجْنُونَةِ) وَالْمَجْنُونِ وَلَوْ عَارِضًا (فِي النِّكَاحِ) أَمَّا التَّصَرُّفُ فِي الْمَالِ فَلِلْأَبِ اتِّفَاقًا (ابْنُهَا) وَإِنْ سَفَلَ (دُونَ أَبِيهَا) كَمَا مَرَّ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَأْمُرَ الْأَبُ بِهِ لِيَصِحَّ اتِّفَاقًا (وَلَوْ أَقَرَّ وَلِيُّ صَغِيرٍ أَوْ صَغِيرَةٍ أَوْ) أَقَرَّ (وَكِيلُ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ مَوْلًى لِعَبْدٍ النِّكَاحَ لَمْ يَنْفُذْ) لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ بِخِلَافِ مَوْلَى الْأَمَةِ حَيْثُ يَنْفُذُ إجْمَاعًا لِأَنَّ مَنَافِعَ بَعْضِهَا مِلْكُهُ (إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى النِّكَاحِ) بِأَنْ يُنَصِّبَ الْقَاضِي خَصْمًا عَنْ الصَّغِيرِ، حَتَّى يُنْكِرَ فَتُقَامَ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ (أَوْ يُدْرِكَ الصَّغِيرُ أَوْ الصَّغِيرَةُ فَيُصَدِّقَهُ) أَيْ الْوَلِيَّ الْمُقِرَّ (أَوْ يُصَدِّقَ الْمُوَكِّلُ أَوْ الْعَبْدُ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ
ــ
[رد المحتار]
عِنْدَ غَيْبَةِ الْأَقْرَبِ كَمَا مَرَّ. نَعَمْ لَوْ كَانَ الْكُفْءُ الْآخَرُ حَاضِرًا أَيْضًا وَامْتَنَعَ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ مِنْ تَزْوِيجِهَا مِنْ الْكُفْءِ الْأَوَّلِ لَا يَكُونُ عَاضِلًا لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ شَفَقَتِهِ عَلَى الصَّغِيرَةِ أَنَّهُ اخْتَارَ لَهَا الْأَنْفَعَ لِتَفَاوُتِ الْأَكْفَاءِ أَخْلَاقًا وَأَوْصَافًا فَيَتَعَيَّنُ الْعَمَلُ بِهَذَا التَّفْصِيلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَلَا يَبْطُلُ تَزْوِيجُهُ) يَعْنِي تَزْوِيجَ الْأَبْعَدِ حَالَ غَيْبَةِ الْأَقْرَبِ، وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلِلْوَلِيِّ الْأَبْعَدِ التَّزْوِيجُ بِغَيْبَةِ الْأَقْرَبِ ط (قَوْلُهُ السَّابِقَ) أَيْ الْمُتَحَقِّقَ سَبَقَهُ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ زَوَّجَهَا الْغَائِبَ الْأَقْرَبَ قَبْلَ الْحَاضِرِ الْأَبْعَدِ، فَإِنَّهُ يَلْغُو الْمُتَأَخِّرُ وَعَمَّا لَوْ جَهِلَ التَّارِيخَ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنَاءً عَلَى بَقَاءِ وِلَايَةِ الْغَائِبِ، أَمَّا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ انْقِطَاعِ وِلَايَتِهِ فَالْعِبْرَةُ لِعَقْدِ الْحَاضِرِ مُطْلَقًا
(قَوْلُهُ وَوَلِيِّ الْمَجْنُونَةِ وَالْمَجْنُونِ) أَيْ جُنُونًا مُطْبَقًا وَهُوَ شَهْرٌ كَمَا مَرَّ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا أَنَّ الْمَعْتُوهَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَارِضًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ جُنُونُهُمَا عَارِضًا بَعْدَ الْبُلُوغِ خِلَافًا لِزُفَرَ (قَوْلُهُ اتِّفَاقًا) أَيْ بِخِلَافِ الْوِلَايَةِ فِي النِّكَاحِ، فَفِيهَا خِلَافُ مُحَمَّدٍ، فَهِيَ عِنْدَهُ لِلْأَبِ أَيْضًا وَعِنْدَهُمَا لِلِابْنِ (قَوْلُهُ دُونَ أَبِيهَا) أَيْ أَوْ جَدِّهَا وَالْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمَجْنُونَةُ أَبُوهَا أَوْ جَدُّهَا مَعَ ابْنِهَا، فَالْوِلَايَةُ لِلِابْنِ عِنْدَهُمَا دُونَ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَكَذَا الْبَاقِي الْعَصَبَاتِ تَزْوِيجُهَا عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَارِّ فِيهِمْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ (وَقَوْلُهُ وَلَوْ أَقَرَّ إلَخْ) قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي الْجَامِعِ لِكُتُبِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِذَا أَقَرَّ الْأَبُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ عَلَى الصَّغِيرِ أَوْ الصَّغِيرَةِ بِالنِّكَاحِ أَمْسِ لَمْ يَصْدُقْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِشُهُودٍ أَوْ تَصْدِيقٍ مِنْهُمَا بَعْدَ الْإِدْرَاكِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَلِكَ إقْرَارُ الْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ، وَأَمَّا إقْرَارُهُ عَلَى أَمَتِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَجَائِزٌ مَقْبُولٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: الْإِقْرَارُ مِنْ هَؤُلَاءِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ إقْرَارُ الْوَكِيلِ عَلَى مُوَكِّلِهِ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ اهـ.
وَنُقِلَ فِي الْفَتْحِ عَنْ الْمُصَفَّى عَنْ أُسْتَاذِهِ الشَّيْخِ حَمِيدِ الدِّينِ: أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا أَقَرَّ الْوَلِيُّ فِي صِغَرِهِمَا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْمَبْسُوطِ وَغَيْرِهِ قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقِيلَ فِيمَا إذَا بَلَغَا وَأَنْكَرَا فَأَقَرَّ الْوَلِيُّ، أَمَّا لَوْ أَقَرَّ فِي صِغَرِهِمَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا وَاسْتَظْهَرَهُ فِي الْفَتْحِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَأَنَّهُ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَوْلَى الْأَمَةِ) أَيْ إذَا ادَّعَى رَجُلٌ نِكَاحَهَا فَأَقَرَّ لَهُ مَوْلَاهَا يَقْضِي بِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَتَصْدِيقُ دُرَرٍ أَيْ لَوْ عَتَقَتْ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَصْدِيقِهَا، وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يُنَصِّبَ الْقَاضِي إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْأَبَ مُقِرٌّ، وَالصَّغِيرُ لَا يَصِحُّ إنْكَارُهُ وَلَا بُدَّ فِي الدَّعْوَى عَنْ خَصْمٍ فَيُنَصِّبُ عَنْهُ خَصْمًا حَتَّى يُنْكِرَ فَتُقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، فَيَثْبُتَ النِّكَاحُ عَلَى الصَّغِيرِ أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ أَيْ الْوَلِيَّ الْمُقِرَّ) بِالنَّصْبِ تَفْسِيرًا لِلضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ (قَوْلُهُ أَوْ يُصَدِّقَ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى يُدْرِكَ، وَقَوْلُهُ الْمُوَكِّلُ أَوْ الْعَبْدُ مَرْفُوعَانِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ يَصْدُقُ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ أَوْ الْعَبْدُ الْمَوْلَى (قَوْلُهُ وَقَالَا يَصْدُقُ فِي ذَلِكَ) أَيْ يَصْدُقُ الْمُقِرُّ فِي جَمِيعِ فُرُوعِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ مِثْلُ إقْرَارِ الْمَوْلَى عَلَى أَمَتِهِ كَمَا سَمِعْت التَّصْرِيحَ بِهِ فِي عِبَارَةِ الْكَافِي وَمِثْلُهُ فِي الْبَدَائِعِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ) أَيْ مَسْأَلَةُ عَدَمِ قَبُولِ الْإِقْرَارِ مِنْ وَلِيِّ الصَّغِيرِ أَوْ الصَّغِيرَةِ، وَمِنْ الْوَكِيلِ وَمَوْلَى الْعَبْدِ مُخْرَجَةٌ أَيْ مُسْتَثْنَاةٌ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مِنْ قَاعِدَةِ مَنْ مَلَكَ إنْشَاءَ عَقْدٍ مَلَكَ الْإِقْرَارَ بِهِ كَالْمَوْلَى إذَا أَقَرَّ بِالْفَيْءِ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ وَزَوْجُ الْمُعْتَدَّةِ إذَا قَالَ فِي الْعِدَّةِ رَاجَعْتُك، وَهُوَ وَجْهُ قَوْلِهِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute