للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْجَدِّ، وَفِي الْفَتْحِ وَلَا يَبْعُدُ مُكَافَأَةُ مُسْلِمٍ بِنَفْسِهِ لِمُعْتَقٍ بِنَفْسِهِ وَأَمَّا مُعْتَقُ الْوَضِيعِ، فَلَا يُكَافِئُ مُعْتَقَةَ الشَّرِيفَ. وَأَمَّا مُرْتَدٌّ أَسْلَمَ فَكُفْءٌ لِمَنْ لَمْ يَرْتَدَّ، وَأَمَّا الْكَفَاءَةُ بَيْنَ الذِّمِّيِّينَ فَلَا تُعْتَبَرُ إلَّا لِفِتْنَةٍ

(وَ) تُعْتَبَرُ فِي الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ (دِيَانَةً)

ــ

[رد المحتار]

قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَأَلْحَقَ أَبُو يُوسُفَ الْوَاحِدَ بِالْمُثَنَّى كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُ فِي التَّعْرِيفِ أَيْ فِي الشَّهَادَاتِ وَالدَّعْوَى قِيلَ كَانَ أَبُو يُوسُفَ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُعَدُّ كُفْرَ الْجَدِّ عَيْبًا بَعْدَ أَنْ كَانَ الْأَبُ مُسْلِمًا وَهُمَا قَالَاهُ فِي مَوْضِعٍ يُعَدُّ عَيْبًا، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا جَمِيعًا إنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَيْبًا فِي حَقِّ الْعَرَبِ لِأَنَّهُمْ لَا يُعَيَّرُونَ فِي ذَلِكَ، هَذَا حَسَنٌ وَبِهِ يَنْتَفِي الْخِلَافُ اهـ وَتَبِعَهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ وَلَا يَبْعُدُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ قَالَهُ تَفَقُّهًا، وَقَدْ رَأَيْته فِي الذَّخِيرَةِ وَنَصُّهُ ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي الرَّجُلِ يُسْلِمُ وَالْمَرْأَةُ مُعْتَقَةٌ أَنَّهُ كُفْءٌ لَهَا. اهـ.

وَوَجْهُهُ: أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ وَهُوَ حُرٌّ وَعَتَقَتْ وَهِيَ مُسْلِمَةٌ يَكُونُ فِيهِ أَثَرُ الْكُفْرِ وَفِيهَا أَثَرُ الرِّقِّ وَهُمَا مُنْقِصَانِ وَفِيهِ شَرَفُ حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ وَفِيهَا شَرَفُ إسْلَامِ الْأَصْلِ وَهُمَا مُكَمِّلَانِ فَتَسَاوَيَا بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ بِالْعَكْسِ بِأَنْ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ وَعَتَقَ الرَّجُلُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ إسْلَامُهُ طَارِئًا وَإِلَّا فَفِيهِ أَثَرُ الْكُفْرِ، وَأَثَرُ الرِّقِّ مَعًا فَلَا يَكُونُ كُفُؤًا لِمَنْ فِيهَا أَثَرُ الْكُفْرِ فَقَطْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مُعْتَقُ الْوَضِيعِ إلَخْ) عَزَاهُ فِي الْبَحْرِ إلَى الْمُجْتَبِي وَمِثْلُهُ فِي الْبَدَائِعِ قَالَ حَتَّى لَا يَكُونَ مَوْلَى الْعَرَبِ كُفُؤًا لِمَوْلَاةِ بَنِي هَاشِمٍ حَتَّى لَوْ زَوَّجَتْ مَوْلَاةُ بَنِي هَاشِمٍ نَفْسَهَا مِنْ مَوْلَى الْعَرَبِ كَانَ لِمُعْتِقِهَا حَقُّ الِاعْتِرَاضِ، لِأَنَّ الْوَلَاءَ بِمَنْزِلَةِ النَّسَبِ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» اهـ وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَذَكَرَ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ الْكَفَاءَةُ تُعْتَبَرُ فِي وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ فَمُعْتَقَة التَّاجِرِ كُفْءٌ لِمُعْتَقِ الْعَطَّارِ دُونَ الدَّبَّاغِ اهـ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا قَبْلَ مَا قَدَّمْنَاهُ، حَيْثُ قَالَ: وَمَوَالِي الْعَرَبِ أَكْفَاءٌ لِمَوَالِي قُرَيْشٍ لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَالْمَوَالِي بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ» اهـ فَتَأَمَّلْ.

[تَنْبِيهٌ] مَوْلَى الْمُوَالَاةِ لَا يُكَافِئُ مَوْلَاةَ الْعَتَاقَةِ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: رَوَى الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ إنْسَانٍ لَا يَكُونُ كُفُؤًا لِمَوَالِي الْعَتَاقَةِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: مُعْتَقَةُ أَشْرَفِ الْقَوْمِ تَكُونُ كُفُؤًا لِلْمَوَالِي لِأَنَّ لَهَا شَرَفَ الْوَلَاءِ وَلِلْمَوَالِي شَرَفُ إسْلَامِ الْآبَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا مُرْتَدٌّ أَسْلَمَ إلَخْ) نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ، وَسَكَتَ عَلَيْهِ وَكَأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مُرْتَدٍّ لَمْ يَطُلْ زَمَنُ رِدَّتِهِ وَلِذَا لَمْ يُقَيِّدْهُ بِاللَّحَاقِ بِدَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ يُقْتَلُ إنْ لَمْ يُسْلِمْ، أَمَّا مَنْ ارْتَدَّ وَطَالَ زَمَنُ رِدَّتِهِ حَتَّى اشْتَهَرَ بِذَلِكَ وَلَحِقَ أَوَّلًا ثُمَّ أَسْلَمَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ كُفُؤًا لِمَنْ لَمْ تَرْتَدَّ فَإِنَّ الْعَارَ الَّذِي يَلْحَقُهَا بِهَذَا أَعْظَمُ مِنْ الْعَارِ بِكَافِرٍ أَصْلِيٍّ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إلَّا لِفِتْنَةٍ) أَيْ لِدَفْعِهَا قَالَ فِي الْفَتْحِ عَنْ الْأَصْلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَسَبًا مَشْهُورًا كَبِنْتِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِهِمْ خَدَعَهَا حَائِكٌ أَوْ سَائِسٌ فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ لَا لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ بَلْ لِتَسْكِينِ الْفِتْنَةِ وَالْقَاضِي مَأْمُورٌ بِتَسْكِينِهَا بَيْنَهُمْ كَمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَتُعْتَبَرُ فِي الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ التَّقْوَى مُعْتَبَرَةٌ فِي حَقِّ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، فَلَا يَكُونُ الْعَرَبِيُّ الْفَاسِقُ كُفُؤًا لِصَالِحَةٍ عَرَبِيَّةً كَانَتْ أَوْ عَجَمِيَّةً هـ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَصَرَّحَ بِهَذَا فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ اهـ وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ الْكَفَاءَةِ مَا لَا فِيهِمَا أَيْضًا.

قُلْت وَكَذَا حِرْفَةٌ كَمَا يَظْهَرُ مِمَّا نَذْكُرُهُ عَنْ الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ دِيَانَةً) أَيْ عِنْدَهُمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تُعْتَبَرُ إلَّا إذَا كَانَ يَصْفَعُ وَيَسْخَرُ مِنْهُ، أَوْ يَخْرُجُ إلَى الْأَسْوَاقِ سَكْرَانَ، وَيَلْعَبُ بِهِ الصِّبْيَانُ لِأَنَّهُ مُسْتَخَفٌّ بِهِ هِدَايَةٌ، وَنُقِلَ فِي الْفَتْحِ عَنْ الْمُحِيطِ: أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَكِنَّ الَّذِي فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ قِيلَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَكَذَا الْمَقْدِسِيَّ عَنْ الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَتَصْحِيحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>