للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا أَتْبَاعُ الظَّلَمَةِ فَأَخَسُّ مِنْ الْكُلِّ وَأَمَّا الْوَظَائِفُ فَمِنْ الْحِرَفِ فَصَاحِبُهَا كُفْءٌ لِلتَّاجِرِ لَوْ غَيْرَ دَنِيئَةٍ كَبَوَّابَةٍ وَذُو تَدْرِيسٍ أَوْ نَظَرٍ كُفْءٌ لِبِنْتِ الْأَمِيرِ بِمِصْرَ بَحْرٌ

(وَ) الْكَفَاءَةُ

ــ

[رد المحتار]

الْكَنَّاسُ وَالْحَجَّامُ وَالدَّبَّاغُ وَالْحَارِسُ وَالسَّائِسُ وَالرَّاعِي وَالْقَيِّمُ أَيْ الْبَلَّانُ فِي الْحَمَّامِ لَيْسَ كُفُؤًا لِبِنْتِ الْخَيَّاطِ وَلَا الْخَيَّاطُ لِبِنْتِ الْبَزَّازِ وَالتَّاجِرِ وَلَا هُمَا لِبِنْتِ عَالِمٍ وَقَاضٍ وَالْحَائِكُ لَيْسَ كُفُؤًا لِبِنْتِ الدِّهْقَانِ وَإِنْ كَانَتْ فَقِيرَةً وَقِيلَ هُوَ كُفْءٌ اهـ وَقَدْ غَلَبَ اسْمُ الدِّهْقَانِ عَلَى ذِي الْعَقَارِ الْكَثِيرِ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ. اهـ. .

قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ نَحْوَ الْخَيَّاطِ إذَا كَانَ أُسْتَاذًا يَتَقَبَّلُ الْأَعْمَالَ وَلَهُ أُجَرَاءُ يَعْمَلُونَ لَهُ يَكُونُ كُفُؤًا لِبِنْتِ الْبَزَّازِ وَالتَّاجِرِ فِي زَمَانِنَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْفَتْحِ الْمَارِّ إذْ لَا يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ ذَلِكَ نَقْصًا تَأَمَّلْ وَمَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى عَنْ الْكَافِي مِنْ أَنَّ الْخَفَّافَ لَيْسَ بِكُفْءٍ لِلْبَزَّازِ وَالْعَطَّارِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَنْ يَعْمَلُ الْأَخْفَافَ أَوْ النِّعَالِ بِيَدِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ أُسْتَاذًا لَهُ أُجَرَاءُ أَوْ يَشْتَرِيهَا مَخِيطَةً وَيَبِيعُهَا فِي حَانُوتِهِ فَلَيْسَ فِي زَمَانِنَا أَنْقَصَ مِنْ الْبَزَّازِ وَالْعَطَّارِ قَالَ ط: وَأَطْلَقُوا فِي الْعَالِمِ وَالْقَاضِي وَلَمْ يُقَيِّدُوا الْعَالِمَ بِذِي الْعَمَلِ، وَلَا الْقَاضِيَ بِمَنْ لَا يَقْبَلُ الرِّشْوَةَ وَالظَّاهِرُ التَّقْيِيدُ لِأَنَّ الْقَاضِيَ حِينَئِذٍ ظَالِمٌ وَنَحْوُهُ الْعَالِمُ غَيْرُ الْعَالِمِ وَلْيُحَرَّرْ اهـ.

قُلْت: لَعَلَّهُمْ أَطْلَقُوا ذَلِكَ لِعِلْمِهِ مِنْ ذِكْرِهِمْ الْكَفَاءَةَ فِي الدِّيَانَةِ فَالظَّاهِرُ حِينَئِذٍ أَنَّ الْعَالِمَ وَالْقَاضِيَ الْفَاسِقَيْنِ لَا يَكُونَانِ كُفْأَيْنِ لِصَالِحَةٍ بِنْتِ صَالِحَيْنِ لِأَنَّ شَرَفَ الصَّلَاحِ فَوْقَ شَرَفِ الْعِلْمِ وَالْقَضَاءِ مَعَ الْفِسْقِ (قَوْلُهُ فَأَخَسُّ مِنْ الْكُلِّ) أَيْ وَإِنْ كَانَ ذَا مُرُوءَةٍ وَأَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ لِأَنَّهُ مِنْ آكِلِي دِمَاءِ النَّاسِ وَأَمْوَالِهِمْ كَمَا فِي الْمُحِيطِ نَعَمْ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءُ بَعْضٌ شَرْحُ الْمُلْتَقَى وَفِي النَّهْرِ عَنْ الْبِنَايَةِ فِي مِصْرٍ جِنْسٌ هُوَ أَخَسُّ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ وَهُمْ الطَّائِفَةُ الَّذِينَ يُسَمَّوْنَ بالسراباتية. اهـ.

قُلْت: مَفْهُومُ التَّقْيِيدِ بِالْإِتْبَاعِ أَنَّ الْمَتْبُوعَ كَأَمِيرٍ وَسُلْطَانٍ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْ التَّاجِرِ عُرْفًا كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ عَنْ الْبَحْرِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُوجِبَ هُوَ اسْتِنْقَاصُ أَهْلِ الْعُرْفِ فَيَدُورُ مَعَهُ فَعَلَى هَذَا مَنْ كَانَ أَمِيرًا أَوْ تَابِعًا لَهُ وَكَانَ ذَا مَالٍ وَمُرُوءَةٍ وَحِشْمَةٍ بَيْنَ النَّاسِ لَا شَكَّ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَتَعَيَّرُ بِهِ فِي الْعُرْفِ كَتَعَيُّرِهَا بِدَبَّاغٍ وَحَائِكٍ وَنَحْوِهِمَا فَضْلًا عَنْ سَرَابَاتِيٍّ يَنْزِلُ كُلَّ يَوْمٍ إلَى الْكَنِيفِ، وَيَنْقُلُ نَجَاسَتَهُ فِي بَيْتِ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ، وَإِنْ كَانَ قَاصِدًا بِذَلِكَ تَنْظِيفَ النَّاسِ أَوْ الْمَسَاجِدِ مِنْ النَّجَاسَاتِ وَكَانَ الْأَمِيرُ أَوْ تَابِعُهُ آكِلًا أَمْوَالَ النَّاسِ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى النَّقْصِ وَالرِّفْعَةِ فِي الدُّنْيَا وَلِهَذَا لَمَّا قَالَ مُحَمَّدٌ: لَا تُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ فِي الدِّيَانَةِ لِأَنَّهَا مِنْ أَحْكَامِ الْآخِرَةِ، فَلَا تُبْنَى عَلَيْهَا أَحْكَامُ الدُّنْيَا قَالُوا فِي الْجَوَابِ عَنْهُ إنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مَا اقْتَضَاهُ الدَّلِيلُ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى أَحْكَامِ الْآخِرَةِ وَعَدَمِهِ، بَلْ اعْتِبَارُ الدِّيَانَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ وَهُوَ تَعْيِيرُ بِنْتِ الصَّالِحِينَ بِفِسْقِ الزَّوْجِ.

قُلْت: وَلَعَلَّ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُحِيطِ مِنْ أَنَّ تَابِعَ الظَّالِمِ أَخَسُّ مِنْ الْكُلِّ كَانَ فِي زَمَنِهِمْ الَّذِي الْغَالِبُ فِيهِ التَّفَاخُرُ بِالدِّينِ وَالتَّقْوَى، دُونَ زَمَانِنَا الْغَالِبُ فِيهِ التَّفَاخُرُ بِالدُّنْيَا فَافْهَمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا الْوَظَائِفُ) أَيْ فِي الْأَوْقَافِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَمِنْ الْحِرَفِ) لِأَنَّهَا صَارَتْ طَرِيقًا لِلِاكْتِسَابِ فِي مِصْرَ كَالصَّنَائِعِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لَوْ غَيْرَ دَنِيئَةٍ) أَيْ عُرْفًا كَبِوَابَةٍ وَسِوَاقَةٍ وَفِرَاشَةٍ وَوَقَّادَةٍ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَذُو تَدْرِيسٍ) أَيْ فِي عِلْمٍ شَرْعِيٍّ (قَوْلُهُ أَوْ نَظَرٍ) هُوَ بَحْثٌ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ، لَكِنَّهُ لَيْسَ بِشَرِيفٍ، بَلْ هُوَ كَآحَادِ النَّاسِ وَقَدْ يَكُونُ عَتِيقًا زِنْجِيًّا وَرُبَّمَا أَكَلَ مَالَ الْوَقْفِ وَصَرَفَهُ فِي الْمُنْكَرَاتِ فَكَيْفَ يَكُونُ كُفُؤًا لِمَنْ ذَكَرَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَيِّدَ بِالنَّاظِرِ ذِي الْمُرُوءَةِ وَبِنَاظِرٍ نَحْوِ مَسْجِدٍ بِخِلَافِ نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ، فَإِنَّهُ لَا يَزْدَادُ رِفْعَةً بِذَلِكَ ط (قَوْلُهُ كُفْءٌ لِبِنْتِ الْأَمِيرِ بِمِصْرٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَخْصِيصَ بِنْتِ الْأَمِيرِ بِالذِّكْرِ لِلْمُبَالَغَةِ أَيْ فَيَكُونُ كُفُؤًا لِبِنْتِ التَّاجِرِ بِالْأَوْلَى، فَيُفِيدُ أَنَّ الْأَمِيرَ أَشْرَفُ مِنْ التَّاجِرِ كَمَا هُوَ الْعُرْفُ، وَهَذَا مُؤَيَّدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>