للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(اعْتِبَارُهَا عِنْدَ) ابْتِدَاءِ (الْعَقْدِ فَلَا يَضُرُّ زَوَالُهَا بَعْدَهُ) فَلَوْ كَانَ وَقْتَهُ كُفُؤًا ثُمَّ فَجَرَ لَمْ يَفْسَخْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ دَبَّاغًا فَصَارَ تَاجِرًا فَإِنْ بَقِيَ عَارُهَا لَمْ يَكُنْ كُفُؤًا وَإِلَّا لَا. نَهْرٌ بَحْثًا

(الْعَجَمِيُّ لَا يَكُونُ كُفُؤًا لِلْعَرَبِيَّةِ وَلَوْ) كَانَ الْعَجَمِيُّ (عَالِمًا) أَوْ سُلْطَانًا (وَهُوَ الْأَصَحُّ) فَتْحٌ عَنْ الْيَنَابِيعِ وَادَّعَى فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ لَكِنْ فِي النَّهْرِ فَسَّرَ الْحَسِيبَ بِذِي الْمَنْصِبِ وَالْجَاهِ فَغَيْرُ كُفْءٍ لِلْعَلَوِيَّةِ كَمَا فِي الْيَنَابِيعِ وَإِنْ بِالْعَالِمِ فَكُفْءٌ لِأَنَّ شَرَفَ الْعِلْمِ فَوْقَ شَرَفِ النَّسَبِ وَالْمَالِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَزَّازِيُّ وَارْتَضَاهُ الْكَمَالُ وَغَيْرُهُ

ــ

[رد المحتار]

لِبَحْثِنَا السَّابِقِ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ

(وَقَوْلُهُ اعْتِبَارُهَا عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ) قُلْت: يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا فِي الذَّخِيرَةِ حَجَّامٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مَجْهُولَةَ النَّسَبِ ادَّعَاهَا قُرَشِيٌّ وَأَثْبَتَ أَنَّهَا بِنْتَه لَهُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا لَوْ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ لِرَجُلٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ إبْطَالُ النِّكَاحِ. اهـ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ لَمَّا وَقَعَ، مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ كَانَ عَدَمُ الْكَفَاءَةِ مَوْجُودًا وَقْتَ الْعَقْدِ لَا أَنَّهَا كَانَتْ مَوْجُودَةً ثُمَّ زَالَتْ حَتَّى يُنَافِيَ كَوْنَ الْعِبْرَةِ لِوَقْتِ الْعَقْدِ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ فَلِأَنَّ إقْرَارَهَا يَقْتَصِرُ عَلَيْهَا، فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجُ بِمُوجِبِهِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمُقِرِّ (قَوْلُهُ ثُمَّ فَجَرَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: ثُمَّ زَالَتْ كَفَاءَتُهُ لِأَنَّ الْفُجُورَ يُقَابِلُ الدِّيَانَةَ وَهِيَ إحْدَى مَا يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَاءَةِ ط (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ دَبَّاغًا إلَخْ) هَذَا فَرَّعَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كُفُؤًا ثُمَّ اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ بِمُخَالَفَتِهِ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الصَّنْعَةَ وَإِنْ أَمْكَنَ تَرْكُهَا يَبْقَى عَارُهَا وَوَفَّقَ فِي النَّهْرِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ إنْ بَقِيَ عَارُهَا لَمْ يَكُنْ كُفُؤًا وَإِنْ تَنَاسَى أَمْرَهَا لِتَقَادُمِ زَمَانِهَا كَانَ كُفُؤًا لَكَانَ حَسَنًا اهـ.

(قَوْلُهُ لَكِنْ فِي النَّهْرِ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ وَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْعَرَبِيِّ لَا يُكَافِئُ الْعَرَبِيَّ، وَإِنْ كَانَ حَسِيبًا لَكِنْ فِي جَامِعِ قَاضِي خَانْ قَالُوا الْحَسِيبُ يَكُونُ كُفُؤًا لِلنَّسِيبِ، فَالْعَالِمُ الْعَجَمِيُّ يَكُونُ كُفُؤًا لِلْجَاهِلِ الْعَرَبِيِّ وَالْعَلَوِيَّةِ لِأَنَّ شَرَفَ الْعِلْمِ فَوْقَ شَرَفِ النَّسَبِ وَارْتَضَاهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَجَزَمَ بِهِ الْبَزَّازِيُّ وَزَادَ وَالْعَالِمُ الْفَقِيرُ يَكُونُ كُفُؤًا لِلْغَنِيِّ الْجَاهِلِ وَالْوَجْهُ فِيهِ ظَاهِرٌ لِأَنَّ شَرَفَ الْعِلْمِ فَوْقَ شَرَفِ النَّسَبِ فَشَرَفُ الْمَالِ أَوْلَى. نَعَمْ الْحَسَبُ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْمَنْصِبُ وَالْجَاهُ كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ فِي الْمُحِيطِ عَنْ صَدْرِ الْإِسْلَامِ هَذَا لَيْسَ كُفُؤًا لِلْعَرَبِيَّةِ كَمَا فِي الْيَنَابِيعِ. اهـ. كَلَامُ النَّهْرِ مُلَخَّصًا.

أَقُولُ: حَيْثُ كَانَ مَا فِي الْيَنَابِيعِ مِنْ تَصْحِيحِ عَدَمِ كَفَاءَةِ الْحَسِيبِ لِلْعَرَبِيَّةِ مَبْنِيًّا عَلَى تَفْسِيرِ الْحَسِيبِ بِذِي الْمَنْصِبِ وَالْجَاهِ لَمْ يَصِحَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَصْحِيحِ عَدَمِ الْكَفَاءَةِ فِي الْعَالِمِ، وَعَزْوِهِ فِي شَرْحِهِ إلَى الْيَنَابِيعِ، وَذَكَرَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ مَجْمَعِ الْفَتَاوَى: الْعَالِمُ يَكُونُ كُفُؤًا لِلْعَلَوِيَّةِ لِأَنَّ شَرَفَ الْحَسَبِ أَقْوَى مِنْ شَرَفِ النَّسَبِ وَعَنْ هَذَا قِيلَ إنَّ عَائِشَةَ أَفْضَلُ مِنْ فَاطِمَةَ لِأَنَّ لِعَائِشَةَ شَرَفُ الْعِلْمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْفَيْضِ وَجَامِعِ الْفَتَاوَى وَصَاحِبِ الدُّرَرِ ثُمَّ نَقَلَ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ هُنَا ثُمَّ قَالَ: فَتَحَرَّرَ أَنَّ فِيهِ اخْتِلَافًا وَلَكِنْ حَيْثُ صَحَّ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يُكَافِئُهَا، فَهُوَ الْمَذْهَبُ خُصُوصًا وَقَدْ نَصَّ فِي الْيَنَابِيعِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ. اهـ.

أَقُولُ: قَدْ عَلِمْت أَنَّ مَا صَحَّحَهُ فِي الْيَنَابِيعِ غَيْرُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَقَدْ تَبِعَ فِيهِ الْبَحْرَ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَادَّعَى فِي الْبَحْرِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ كَوْنَهُ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ مُجَرَّدُ دَعْوَى لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا سِوَى قَوْلِهِمْ فِي الْمُتُونِ وَغَيْرِهَا وَالْعَرَبُ أَكْفَاءٌ أَيْ فَلَا يُكَافِئُهُمْ غَيْرُهُمْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقَ، وَلَكِنْ قَيَّدَهُ الْمَشَايِخُ بِغَيْرِ الْعَالِمِ وَكَمْ لَهُ مِنْ نَظِيرٍ فَإِنَّ شَأْنَ مَشَايِخِ الْمَذْهَبِ إفَادَةُ قُيُودٍ وَشَرَائِطَ لِعِبَارَاتٍ مُطْلَقَةٍ اسْتِنْبَاطًا مِنْ قَوَاعِدَ كُلِّيَّةٍ أَوْ مَسَائِلَ فَرْعِيَّةٍ أَوْ أَدِلَّةٍ نَقْلِيَّةٍ وَهُنَا كَذَلِكَ، فَقَدْ ذُكِرَ فِي آخِرِ الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ فِي قُرَشِيٍّ جَاهِلٍ تَقَدَّمَ فِي الْمَجْلِسِ عَلَى عَالِمٍ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إذَا كَتَبَ الْعُلَمَاءُ طَافِحَةً بِتَقَدُّمِ الْعَالِمِ عَلَى الْقُرَشِيِّ، وَلَمْ يُفَرِّقْ سُبْحَانَهُ بَيْنَ الْقُرَشِيِّ وَغَيْرِهِ فِي قَوْلِهِ {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩] إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ فَرَاجِعْهُ فَحَيْثُ كَانَ شَرَفُ الْعِلْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>