للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَجْهُ فِيهِ ظَاهِرٌ وَلِذَا قِيلَ: إنَّ عَائِشَةَ أَفْضَلُ مِنْ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ

وَالْحَنَفِيُّ كُفْءٌ لِبِنْتِ الشَّافِعِيِّ وَمَتَى سَأَلْنَا عَنْ مَذْهَبِهِ أَجَبْنَا بِمَذْهَبِنَا كَمَا بَسَطَهُ الْمُصَنِّفُ مَعْزِيًّا لِجَوَاهِرِ الْفَتَاوَى

(الْقَرَوِيُّ كُفْءُ لِلْمَدَنِيِّ) فَلَا عِبْرَةَ بِالْبَلَدِ كَمَا لَا عِبْرَةَ بِالْجَمَالِ الْخَانِيَّةِ، وَلَا بِالْعَقْلِ وَلَا بِعُيُوبٍ يَفْسَخُ بِهَا الْبَيْعُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، لَكِنْ فِي النَّهْرِ عَنْ الْمَرْغِينَانِيِّ الْمَجْنُونُ لَيْسَ بِكُفْءٍ لِلْعَاقِلَةِ

(وَكَذَا الصَّبِيُّ كُفْءٌ بِغِنَى أَبِيهِ)

ــ

[رد المحتار]

أَقْوَى مِنْ شَرَفِ النَّسَبِ بِدَلَالَةِ الْآيَةِ وَتَسْرِيحِهِمْ بِذَلِكَ اقْتَضَى تَقْيِيدَ مَا أَطْلَقُوهُ هُنَا اعْتِمَادًا عَلَى فَهْمِهِ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ، فَلَمْ يَكُنْ مَا ذَكَرَهُ الْمَشَايِخُ مُخَالِفًا لِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَكَيْفَ يَصِحُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ إنَّ مِثْلَ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ كُفُؤًا لِبِنْتِ قُرَشِيٍّ جَاهِلٍ، أَوْ لِبِنْتِ عَرَبِيٍّ بَوَّالٍ عَلَى عَقِبَيْهِ، فَلَا جَرَمَ إنَّهُ جَزَمَ بِمَا قَالَهُ الْمَشَايِخُ صَاحِبُ الْمُحِيطِ وَغَيْرُهُ كَمَا عَلِمْت وَارْتَضَاهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ، وَصَاحِبُ النَّهْرِ وَتَبِعَهُمْ الشَّارِحُ فَافْهَمْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ وَلِذَا قِيلَ إلَخْ) أَيْ لِكَوْنِ شَرَفِ الْعِلْمِ أَقْوَى قِيلَ إنَّ عَائِشَةَ أَفْضَلُ لِكَثْرَةِ عِلْمِهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُقَالُ إنَّ فَاطِمَةَ أَفْضَلُ مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَسُوقٌ لِبَيَانِ أَنَّ شَرَفَ الْعِلْمِ أَقْوَى مِنْ شَرَفِ النَّسَبِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ بِإِخْرَاجِ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مِنْ ذَلِكَ لِتَحَقُّقِ الْبُضْعِيَّةِ فِيهَا بِلَا وَاسِطَةٍ، وَلِذَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ: إنَّهَا بُضْعَةٌ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أُفَضِّلُ عَلَى بُضْعَةٍ مِنْهُ أَحَدًا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا إطْلَاقُ أَنَّهَا أَفْضَلُ، وَإِلَّا لَزِمَ تَفْضِيلُ سَائِرِ بَنَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عَائِشَةَ بَلْ عَلَى الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ، وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ كَمَا بَسَطَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْفَتَاوَى الْحَدِيثَةِ وَحِينَئِذٍ فَمَا نُقِلَ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ تَفْضِيلِ عَائِشَةَ مَحْمُولٌ عَلَى بَعْضِ الْجِهَاتِ كَالْعِلْمِ، وَكَوْنُهَا فِي الْجَنَّةِ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفَاطِمَةُ مَعَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَلِهَذَا قَالَ فِي بَدْءِ الْأَمَالِي:

وَلِلصِّدِّيقَةِ الرُّجْحَانُ فَاعْلَمْ ... عَلَى الزَّهْرَاءِ فِي بَعْضِ الْخِلَالِ

وَقِيلَ إنَّ فَاطِمَةَ أَفْضَلُ وَيُمْكِنُ إرْجَاعُهُ إلَى الْأَوَّلِ وَقِيلَ بِالتَّوَقُّفِ لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ وَاخْتَارَهُ الْأُسْرُوشَنِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ كَمَا أَوْضَحَهُ مُنْلَا عَلَى الْقَارِئِ فِي شَرْحِ الْفِقْهِ الْأَكْبَرِ وَشَرْحِ بَدْءِ الْأَمَالِي

(قَوْلُهُ وَالْحَنَفِيُّ كُفْءٌ لِبِنْتِ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْكَفَاءَةِ هُنَا صِحَّةُ الْعَقْدِ يَعْنِي لَوْ تَزَوَّجَ حَنَفِيٌّ بِنْتَ شَافِعِيٍّ نَحْكُمُ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ فِي مَذْهَبِ أَبِيهَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ إذَا كَانَتْ بِكْرًا إلَّا بِمُبَاشَرَةِ وَلِيِّهَا لِأَنَّا نَحْكُمُ بِمَا نَعْتَقِدُ صِحَّتَهُ فِي مَذْهَبِنَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَسُئِلَ أَيْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ بِكْرٍ بَالِغَةٍ شَافِعِيَّةٍ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ حَنَفِيٍّ أَوْ شَافِعِيٍّ، بِلَا رِضَا الْأَبِ هَلْ يَصِحُّ؟ أَجَابَ نَعَمْ وَإِنْ كَانَا يَعْتَقِدَانِ عَدَمَ الصِّحَّةِ لِأَنَّا نُجِيبُ بِمَذْهَبِنَا لَا بِمَذْهَبِ الْخَصْمِ لِاعْتِقَادِنَا أَنَّهُ خَطَأٌ يَحْتَمِلُ الصَّوَابَ وَإِنْ سُئِلْنَا كَيْفَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِيهِ لَا نُجِيبُ بِمَذْهَبِهِ اهـ وَقَوْلُهُ: لِاعْتِقَادِنَا إلَخْ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُقَلَّدَ يَلْزَمُهُ تَقْلِيدُ الْأَفْضَلِ لِيَعْتَقِدَ أَرْجَحِيَّةَ مَذْهَبِهِ وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ خِلَافُهُ كَمَا بَسَطْنَاهُ فِي صَدْرِ الْكِتَابِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا مُنَاسَبَةَ لِذِكْرِ هَذَا الْفَرْعِ فِي الْكَفَاءَةِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ الْقَرَوِيُّ) بِفَتْحِ الْقَافِ نِسْبَةٌ إلَى الْقَرْيَةِ (قَوْلُهُ فَلَا عِبْرَةَ بِالْبَلَدِ) أَيْ بَعْدَ وُجُودِ مَا مَرَّ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَفَاءَةِ قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَالتَّاجِرُ فِي الْقُرَى كُفْءٌ لِبِنْتِ التَّاجِرِ فِي الْمِصْرِ لِلتَّقَارُبِ (قَوْلُهُ كَمَا لَا عِبْرَةَ بِالْجَمَالِ) لَكِنَّ النَّصِيحَةَ أَنْ يُرَاعِي الْأَوْلِيَاءُ الْمُجَانِسَةَ فِي الْحُسْنِ وَالْجَمَالِ هِنْدِيَّةٌ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة ط (قَوْلُهُ وَلَا بِالْعَقْلِ) قَالَ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ. وَأَمَّا الْعَقْلُ فَلَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ وَاخْتَلَفَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ اهـ أَيْ فِي أَنَّهُ هَلْ يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَاءَةِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَلَا بِعُيُوبٍ إلَخْ) أَيْ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَاءَةِ السَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي يُفْسَخُ بِهَا الْبَيْعُ كَالْجُذَامِ وَالْجُنُونِ وَالْبَرَصِ وَالْبَخَرِ وَالدَّفَرِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) وَكَذَا لِمُحَمَّدٍ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ إذَا كَانَ بِحَالٍ لَا تُطِيقُ الْمَقَامَ مَعَهُ إلَّا أَنَّ التَّفْرِيقَ أَوْ الْفَسْخَ لِلزَّوْجَةِ لَا لِلْوَلِيِّ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ لَيْسَ بِكُفْءٍ لِلْعَاقِلَةِ) قَالَ فِي النَّهْرِ: لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ مَقَاصِدَ النِّكَاحِ فَكَانَ أَشَدُّ مِنْ الْفَقْرِ دَنَاءَةَ الْحِرْفَةِ، وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ لِأَنَّ النَّاسَ يُعَيِّرُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>