للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ يُفْتَى كَنَاعِسٍ يَفْهَمُ أَكْثَرَ مَا قِيلَ عِنْدَهُ. وَالْعَتَهُ لَا يَنْقُضُ كَنَوْمِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَهَلْ يَنْقُضُ إغْمَاؤُهُمْ وَغَشِيَهُمْ؟ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَبْسُوطِ نَعَمْ.

(وَ) يَنْقُضُهُ (إغْمَاءٌ) وَمِنْهُ الْغُشْيُ

ــ

[رد المحتار]

فَصْلٍ شَرْحُ مُنْيَةٍ، وَكَذَا قَبْلَ السُّقُوطِ أَوْ فِي حَالِ السُّقُوطِ، أَمَّا لَوْ اسْتَقَرَّ ثُمَّ انْتَبَهَ نُقِضَ لِأَنَّهُ وُجِدَ النَّوْمُ مُضْطَجِعًا حِلْيَةٌ (قَوْلُهُ: بِهِ يُفْتَى) كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَقِيلَ: إنْ ارْتَفَعَتْ مَقْعَدَتُهُ قَبْلَ انْتِبَاهِهِ نُقِضَ وَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ. وَفِي الْخَانِيَّةِ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ مَشَى فِي [نُورِ الْإِيضَاحِ] قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ الِاسْتِرْخَاءُ بَعْدَ مُزَايَلَةِ الْمَقْعَدَةِ حَيْثُ انْتَبَهَ فَوْرًا (قَوْلُهُ: كَنَاعِسٍ) أَيْ إذَا كَانَ غَيْرَ مُتَمَكِّنٍ، وَقَوْلُهُ: يَفْهَمُ عَبَّرَ بِهِ فِي الْبَحْرِ مَعْزِيًّا إلَى شُرُوحِ الْهِدَايَةِ وَعَبَّرَ فِي السِّرَاجِ وَالزَّيْلَعِيِّ والتتارخانية بِيَسْمَعُ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ: النُّعَاسُ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَهُوَ قَلِيلُ نَوْمٍ لَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مَا يُقَالُ عِنْدَهُ. قَالَ الرَّحْمَتِيُّ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَغْتَرَّ الْإِنْسَانُ بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَسْتَغْرِقُهُ النَّوْمِ وَيَظُنُّ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: وَالْعَتَهُ) هُوَ آفَةٌ تُوجِبُ الِاخْتِلَالَ بِالْعَقْلِ بِحَيْثُ يَصِيرُ مُخْتَلِطَ الْكَلَامِ فَاسِدَ التَّدْبِيرِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَضْرِبُ وَلَا يَشْتِمُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: لَا يَنْقُضُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ أَقْوَالَ الْأُصُولِيِّينَ فِي حُكْمِ الْعَتَهِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْكُلِّ الِاتِّفَاقُ عَلَى صِحَّةِ أَدَائِهِ الْعِبَادَاتِ، أَمَّا مَنْ جَعَلَهُ مُكَلَّفًا بِهَا فَظَاهِرٌ، وَكَذَا مَنْ جَعَلَهُ كَالصَّبِيِّ الْعَاقِلِ؛ وَقَدْ صَرَّحُوا بِصِحَّةِ عِبَادَاتِ الصَّبِيِّ، فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْعَتَهَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ. مَطْلَبٌ نَوْمُ الْأَنْبِيَاءِ غَيْرُ نَاقِضٍ

(قَوْلُهُ: كَنَوْمِ الْأَنْبِيَاءِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: صَرَّحَ فِي الْقُنْيَةِ بِأَنَّهُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِذَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَامَ حَتَّى نَفَخَ ثُمَّ قَامَ إلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» لِمَا وَرَدَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ «وَإِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي» .

وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَامَ لَيْلَةَ التَّعْرِيسِ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ» لِأَنَّ الْقَلْبَ يَقْظَانُ يُحِسُّ بِالْحَدَثِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْبَدَنِ وَيَشْعُرُ بِهِ الْقَلْبُ، وَلَيْسَ طُلُوعُ الْفَجْرِ وَالشَّمْسِ مِنْ ذَلِكَ وَلَا هُوَ مِمَّا يُدْرَكُ بِالْقَلْبِ، وَإِنَّمَا يُدْرَكُ بِالْعَيْنِ وَهِيَ نَائِمَةٌ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي كِتَابِ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ، كَذَا فِي شَرْحِ التَّهْذِيبِ. اهـ.

وَأَجَابَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الشِّفَاءِ بِأَجْوِبَةٍ أُخَرَ، مِنْهَا أَنَّ ذَلِكَ إخْبَارٌ عَنْ أَغْلَبِ أَحْوَالِهِ، أَوْ أَنَّهُ لَا يَنَامُ نَوْمًا مُسْتَغْرِقًا نَاقِضًا لِلْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَبْسُوطِ نَعَمْ) كَذَا فِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ عَنْ شَرْحِ الْكَنْزِ لِابْنِ الشَّلَبِيِّ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فِيهِ أَنَّ عِلَّةَ عَدَمِ النَّقْضِ بِنَوْمِهِمْ هِيَ حِفْظُ قُلُوبِهِمْ مِنْهُ، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ حَالَةَ إغْمَائِهِمْ. قَالَ فِي الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ: نَبَّهَ السُّبْكِيُّ عَلَى أَنَّ إغْمَاءَهُمْ يُخَالِفُ إغْمَاءَ غَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ غَلَبَةِ الْأَوْجَاعِ لِلْحَوَاسِّ الظَّاهِرَةِ دُونَ الْقَلْبِ، وَقَدْ وَرَدَ " تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ لَا قُلُوبُهُمْ " فَإِذَا حُفِظَتْ قُلُوبُهُمْ مِنْ النَّوْمِ الَّذِي هُوَ أَخَفُّ مِنْ الْإِغْمَاءِ فَمِنْهُ بِالْأَوْلَى. اهـ. ابْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: لَا نَقْضَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَمُقْتَضَاهُ التَّعْمِيمُ فِي كُلِّ النَّوَاقِضِ، لَكِنْ نَقَلَ ط عَنْ شَرْحِ الشِّفَاءِ لَمُلَّا عَلِيٌّ الْقَارِي الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ كَالْأُمَّةِ إلَّا مَا صَحَّ مِنْ اسْتِثْنَاءِ النَّوْمِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيَنْقُضُهُ إغْمَاءٌ) هُوَ كَمَا فِي التَّحْرِيرِ: آفَةٌ فِي الْقَلْبِ أَوْ الدِّمَاغِ تُعَطِّلُ الْقُوَى الْمُدْرِكَةَ وَالْمُحَرِّكَةَ عَنْ أَفْعَالِهَا مَعَ بَقَاءِ الْعَقْلِ مَغْلُوبًا نَهْرٌ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ الْغُشْيُ) بِالضَّمِّ وَالسُّكُونِ: تَعَطُّلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>