للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَجُنُونٌ وَسُكْرٌ) بِأَنْ يَدْخُلَ فِي مَشْيِهِ تَمَايُلٌ وَلَوْ بِأَكْلِ الْحَشِيشَةِ (وَقَهْقَهَةُ) هِيَ مَا يَسْمَعُ جِيرَانُهُ

ــ

[رد المحتار]

الْقُوَى الْمُحَرِّكَةِ وَالْحَسَّاسَةِ لِضَعْفِ الْقَلْبِ مِنْ الْجُوعِ أَوْ غَيْرِهِ قُهُسْتَانِيٌّ، زَادَ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَبِكِسْرَتَيْنِ مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ، وَكَوْنُهُ نَوْعًا مِنْ الْإِغْمَاءِ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْقَامُوسِ وَحُدُودِ الْمُتَكَلِّمِينَ.

قَالَ فِي النَّهْرِ إلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا كَالْأَطِبَّاءِ اهـ أَيْ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ التَّعَطُّلُ لِضَعْفِ الْقَلْبِ وَاجْتِمَاعِ الرُّوحِ إلَيْهِ بِسَبَبٍ يَخْنُقُهُ فِي دَاخِلِهِ فَلَا يَجِدُ مَنْفَذًا فَهُوَ الْغُشْيُ، وَإِنْ لِامْتِلَاءِ بُطُونِ الدِّمَاغِ مِنْ بَلْغَمٍ فَهُوَ الْإِغْمَاءُ. ثُمَّ لَمَا كَانَ سَلْبُ الِاخْتِيَارِ فِي الْإِغْمَاءِ أَشَدَّ مِنْ النَّوْمِ كَانَ نَاقِضًا عَلَى أَيِّ هَيْئَةٍ كَانَ، بِخِلَافِ النَّوْمِ إسْمَاعِيلُ (قَوْلُهُ: وَالْجُنُونُ) صَاحِبُهُ مَسْلُوبُ الْعَقْلِ، بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ فَإِنَّهُ مَغْلُوبٌ، وَالْإِطْلَاقُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْقَلِيلَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا نَاقِضٌ لِأَنَّهُ فَوْقَ النَّوْمِ مُضْطَجِعًا قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ: وَسُكْرٌ) هُوَ حَالَةٌ تَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ مِنْ امْتِلَاءِ دِمَاغِهِ مِنْ الْأَبْخِرَةِ الْمُتَصَاعِدَةِ مِنْ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ، فَيَتَعَطَّلُ مَعَهُ الْعَقْلُ الْمُمَيِّزُ بَيْنَ الْأُمُورِ الْحَسَنَةِ وَالْقَبِيحَةِ إسْمَاعِيلُ عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ (قَوْلُهُ: يَدْخُلَ) أَيْ بِهِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهِ هُنَا وَفِي الْأَيْمَانِ وَالْحُدُودِ؛ فَقَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ سُرُورٌ يُزِيلُ الْعَقْلَ فَلَا يَعْرِفُ بِهِ السَّمَاءَ مِنْ الْأَرْضِ وَلَا الطُّولَ مِنْ الْعَرْضِ وَخُوطِبَ زَجْرًا لَهُ. وَقَالَا: بَلْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ فَيَهْذِي فِي أَكْثَرِ كَلَامِهِ

، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا وَصَلَ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ فَقَدْ دَخَلَ فِي مِشْيَتِهِ اخْتِلَالٌ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْأَكْثَرِ يُفِيدُ أَنَّ النِّصْفَ مِنْ كَلَامِهِ لَوْ اسْتَقَامَ لَا يَكُونُ سَكْرَانَ وَقَدْ رَجَّحُوا قَوْلَهُمَا فِي الْأَبْوَابِ الثَّلَاثَةِ. قَالَ فِي حُدُودِ الْفَتْحِ: وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى قَوْلِهِمَا وَاخْتَارُوهُ لِلْفَتْوَى؛ وَفِي نَوَاقِضِ الْمُجْتَبَى الصَّحِيحُ قَوْلُهُ: مَا اهـ أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي حَدِّهِ أَنْ يَصِلَ إلَى أَنْ لَا يَعْرِفَ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأَكْلِ الْحَشِيشَةِ) ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ بَحْثًا، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ مِنْ أَنَّهُمْ حَكَمُوا بِوُقُوعِ طَلَاقِهِ إذَا سَكِرَ مِنْهَا زَجْرًا لَهُ. قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ الْبُرْجَنْدِيِّ مِنْ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ شَامِلٌ لَهُ إذَا تَعَطَّلَ الْعَقْلُ، وَقَوْلُ الْبَحْرِ بِمُبَاشَرَةِ بَعْضِ الْأَسْبَابِ. اهـ. [فَرْعٌ]

الْمَصْرُوعُ إذَا أَفَاقَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَقَهْقَهَةٌ) قِيلَ: إنَّهَا مِنْ الْأَحْدَاثِ، وَقِيلَ: لَا وَإِنَّمَا وَجَبَ الْوُضُوءُ بِهَا عُقُوبَةً وَزَجْرًا. وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي مَسِّ الْمُصْحَفِ يَجُوزُ عَلَى الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَظْهَرَ أَيْضًا فِي كِتَابَةِ الْقُرْآنِ.

وَأَمَّا حِلُّ الطَّوَافِ بِهَذَا الْوُضُوءِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، وَإِلْحَاقُ الطَّوَافِ بِالصَّلَاةِ يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَتَدَبَّرْهُ. وَرَجَّحَ فِي الْبَحْرِ الْقَوْلَ الثَّانِيَ بِمُوَافَقَتِهِ لِلْقِيَاسِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ خَارِجًا نَجَسًا بَلْ هِيَ صَوْتٌ كَالْكَلَامِ وَالْبُكَاءِ وَبِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَحَادِيثِ الْمَرْوِيَّةِ فِيهَا، إذْ لَيْسَ فِيهَا إلَّا الْأَمْرُ بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ كَوْنُهَا حَدَثًا اهـ وَأَيَّدَهُ فِي النَّهْرِ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ بَالِغٌ وَلَوْ كَانَتْ حَدَثًا لَاسْتَوَى فِيهَا الْبَالِغُ وَغَيْرُهُ وَبِتَرْجِيحِهِمْ عَدَمَ النَّقْضِ بِقَهْقَهَةِ النَّائِمِ أَيْ لِعَدَمِ الْجِنَايَةِ مِنْهُ كَالصَّبِيِّ.

أَقُولُ: ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى الْقَوْلِ الثَّانِي بُطْلَانُ الْوُضُوءِ بِالْقَهْقَهَةِ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ زَجْرًا كَبُطْلَانِ الْإِرْثِ بِالْقَتْلِ وَإِنْ لَمْ يَبْطُلْ فِي حَقِّ غَيْرِهَا لِعَدَمِ الْحَدَثِ؛ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْوُضُوءَ لَمْ يَبْطُلْ وَإِنَّمَا أُمِرَ بِإِعَادَتِهِ زَجْرًا، حَتَّى يَرِدَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى بِهِ صَحَّتْ الصَّلَاةُ مَعَ الْحُرْمَةِ وَوُجُوبِ الْإِعَادَةِ فَيَكُونُ مُخَالِفًا لِأَصْلِ الْمَذْهَبِ، فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: هِيَ مَا يَسْمَعُ جِيرَانُهُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: هِيَ فِي اللُّغَةِ مَعْرُوفَةٌ، وَهِيَ أَنْ يَقُولَ قِهْ قِهْ. وَاصْطِلَاحًا مَا يَكُونُ مَسْمُوعًا لَهُ وَلِجِيرَانِهِ بَدَتْ أَسْنَانُهُ أَوْ لَا. اهـ. وَفِي الْمُنْيَةِ: وَحَدُّ الْقَهْقَهَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: مَا يُظْهِرُ الْقَافَ وَالْهَاءَ وَيَكُونُ مَسْمُوعًا لَهُ وَلِجِيرَانِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ، إذَا بَدَتْ نَوَاجِذُهُ وَمَنَعَهُ مِنْ الْقِرَاءَةِ اهـ لَكِنْ قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: لَمْ أَقِفْ عَلَى التَّصْرِيحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>