للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَكَذَا الْحُكْمُ) وَهُوَ لُزُومُ الْوَسَطِ (فِي كُلِّ حَيَوَانٍ ذُكِرَ جِنْسُهُ) هُوَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ الْمَقُولُ عَلَى كَثِيرِينَ مُخْتَلِفِينَ فِي الْأَحْكَامِ (دُونَ نَوْعِهِ) هُوَ الْمَقُولُ عَامُّهُ عَلَى كَثِيرِينَ مُتَّفِقِينَ فِيهَا،

ــ

[رد المحتار]

وَالْعَرْضِ وَالرِّقَّةِ تَعَيَّنَ الثَّوْبُ، وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي الْمَبْسُوطِ، ثُمَّ رَجَّحَ رِوَايَةَ زُفَرَ وَصَرَّحَ فِي الْمَجْمَعِ بِأَنَّهَا الْأَصَحُّ، وَكَذَا فِي دُرَرِ الْبِحَارِ وَأَقَرَّهُ فِي غُرَرِ الْأَذْكَارِ وَابْنِ مَالِكٍ.

ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ فَلَا بُدَّ فِي عَيْنِ الْوَسَطِ أَوْ قِيمَتِهِ مِنْ اعْتِبَارِ الْأَوْصَافِ الَّتِي ذَكَرَهَا الزَّوْجُ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ حَيَوَانٍ إلَخْ) فَذِكْرُ الْفَرَسِ لَيْسَ قَيْدًا؛ وَلَوْ قَالَ أَوَّلًا وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَعْلُومِ جِنْسٍ وَجَبَ الْوَسَطُ أَوْ قِيمَتُهُ لِمَكَانٍ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ فَإِنَّهُ يَعُمُّ نَحْوَ الْعَبْدِ وَالثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ أَفَادَهُ ح (قَوْلُهُ هُوَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ إلَخْ) أَمَّا عِنْدَ الْمَنَاطِقَةِ فَهُوَ الْمَقُولُ عَلَى كَثِيرِينَ مُخْتَلِفِينَ فِي الْحَقَائِقِ فِي مَا هُوَ. وَالنَّوْعُ الْمَقُولُ عَلَى كَثِيرِينَ مُخْتَلِفِينَ فِي الْعَدَدِ (قَوْلُهُ مُخْتَلِفِينَ فِي الْأَحْكَامِ) كَإِنْسَانٍ فَإِنَّهُ مَقُولٌ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَأَحْكَامُهُمَا مُخْتَلِفَةٌ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا شَكَّ أَنَّ الثَّوْبَ تَحْتَهُ الْكَتَّانُ وَالْقُطْنُ وَالْحَرِيرُ وَالْأَحْكَامُ مُخْتَلِفَةٌ فَإِنَّ الثَّوْبَ الْحَرِيرَ لَا يَحِلُّ لُبْسُهُ وَغَيْرُهُ يَحِلُّ، فَهُوَ جِنْسٌ عِنْدَهُمْ، وَكَذَا الْحَيَوَانُ تَحْتَهُ الْفَرَسُ وَالْحِمَارُ، وَأَمَّا الدَّارُ فَتَحْتَهَا مَا يَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا فَاحِشًا بِالْبُلْدَانِ وَالْمَحَالِّ وَالسَّعَةِ وَالضِّيقِ وَكَثْرَةِ الْمَرَافِقِ وَقِلَّتِهَا (قَوْلُهُ مُتَّفِقِينَ فِيهَا) أَيْ فِي الْأَحْكَامِ مَثَّلَ لَهُ الْأُصُولِيُّونَ فِي بَحْثِ الْخَاصِّ بِالرَّجُلِ.

وَأَوْرَدَ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ يَشْمَلُ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ وَالْعَاقِلَ وَالْمَجْنُونَ وَأَحْكَامَهُمْ الْمُخْتَلِفَةَ. فَأَجَابُوا بِأَنَّ اخْتِلَافَ الْأَحْكَامِ بِالْعَرَضِ لَا بِالْأَصَالَةِ بِخِلَافِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَإِنَّ اخْتِلَافَ أَحْكَامِهِمَا بِالْأَصَالَةِ بَحْرٌ

[تَنْبِيهٌ] : عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ نَحْوَ الْحَيَوَانِ وَالدَّابَّةِ وَالْمَمْلُوكِ وَالثَّوْبِ جِنْسٌ. وَأَنَّ نَحْوَ الْفَرَسِ وَالْحِمَارِ وَالْعَبْدِ وَالثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ أَوْ الْكَتَّانِ أَوْ الْقُطْنِ نَوْعٌ. وَأَنَّ الَّذِي تَصِحُّ تَسْمِيَتُهُ وَيَجِبُ فِيهِ الْوَسَطُ أَوْ قِيمَتُهُ الثَّانِي، فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ حَيَوَانٍ ذُكِرَ نَوْعُهُ دُونَ وَصْفِهِ كَمَا قَالَ فِي مَتْنِ الْمُخْتَارِ: زَوَّجَهَا عَلَى حَيَوَانٍ فَإِنْ سَمَّى نَوْعَهُ كَالْفَرَسِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ. وَقَالَ فِي شَرْحِهِ الِاخْتِيَارِ: ثُمَّ الْجَهَالَةُ أَنْوَاعٌ: جَهَالَةُ النَّوْعِ وَالْوَصْفِ كَقَوْلِهِ ثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ دَارٍ فَلَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ هَذِهِ وَمِنْهَا مَا هُوَ مَعْلُومُ النَّوْعِ مَجْهُولُ الصِّفَةِ كَقَوْلِهِ عَبْدٌ أَوْ فَرَسٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ شَاةٌ أَوْ ثَوْبٌ هَرَوِيٌّ فَإِنَّهُ تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ وَيَجِبُ الْوَسَطُ إلَخْ فَقَدْ جَعَلَ الدَّابَّةَ وَالثَّوْبَ مَعْلُومَ الْجِنْسِ مَجْهُولَ النَّوْعِ وَالْوَصْفِ، وَجَعَلَ الْعَبْدَ وَالْفَرَسَ وَالثَّوْبَ الْهَرَوِيَّ مَعْلُومَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ مَجْهُولَ الْوَصْفِ. وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ. فِي تَعْرِيفِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ عِنْدَ النَّوْعِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ.

فَإِنْ قُلْت: قَالَ فِي الْهِدَايَةِ. مَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُسَمِّيَ جِنْسَ الْحَيَوَانِ دُونَ الْوَصْفِ بِأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى فَرَسٍ أَوْ حِمَارٍ. أَمَّا إذَا لَمْ يُسَمِّ الْجِنْسَ بِأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى دَابَّةٍ لَا تَجُوزُ التَّسْمِيَةُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. اهـ. فَقَدْ جَعَلَ الْفَرَسَ وَالْحِمَارَ جِنْسًا.

قُلْت: أَرَادَ بِالْجِنْسِ النَّوْعَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَلِذَا قَابَلَهُ بِالْوَصْفِ. وَأَمَّا قَوْلُ الْبَحْرِ: لَا حَاجَةَ إلَى حَمْلِ الْجِنْسِ عَلَى النَّوْعِ لِأَنَّ الْجِنْسَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ هُوَ الْمَقُولُ عَلَى كَثِيرِينَ إلَخْ فَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ حَمْلُ الْجِنْسِ فِي كَلَامِ الْهِدَايَةِ عَلَى الْجِنْسِ الْفِقْهِيِّ كَمَا لَا يَخْفَى، بَلْ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى النَّوْعِ، وَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ؛ وَلَوْ سَمَّى جِنْسًا بِأَنْ قَالَ هَرَوِيٌّ تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ وَيُخَيَّرُ الزَّوْجُ فَقَدْ سَمَّى الْهَرَوِيَّ جِنْسًا وَلَيْسَ هُوَ جِنْسًا بِالْمَعْنَى الْمَارِّ، وَلَوْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ الْهِدَايَةَ فَقَالَ ذَكَرَ جِنْسَهُ بِدُونِ وَصْفِهِ بَدَلَ قَوْلِهِ دُونَ نَوْعِهِ لَصَحَّ كَلَامُهُ، بِأَنْ يُرَادَ بِالْجِنْسِ النَّوْعُ لِمُقَابَلَتِهِ لَهُ بِالْوَصْفِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>