بِخِلَافِ قَوْلِ الْجِنْسِ كَثَوْبٍ وَدَابَّةٍ لِأَنَّهُ لَا وَسَطَ لَهُ -
ــ
[رد المحتار]
أَمَّا مَعَ مُقَابَلَتِهِ بِالنَّوْعِ فَلَا يَصِحُّ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَجْهُولِ الْجِنْسِ) أَيْ مَا ذُكِرَ جِنْسُهُ بِلَا تَقْيِيدٍ بِنَوْعٍ كَثَوْبٍ وَدَابَّةٍ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ تَسْمِيَتُهُ، فَلَا يَجِبُ الْوَسَطُ أَوْ قِيمَتُهُ بَلْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ.
[تَنْبِيهٌ] حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُسَمَّى إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ النُّقُودِ بِأَنْ كَانَ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا إمَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا بِإِشَارَةٍ أَوْ إضَافَةٍ فَيَجِبُ بِعَيْنِهِ أَوْ لَا يَكُونُ مُعَيَّنًا؛ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ، فَإِنْ جُهِلَ نَوْعُهُ كَدَابَّةٍ أَوْ ثَوْبٍ فَسَدَتْ التَّسْمِيَةُ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ عُلِمَ نَوْعُهُ وَجَهِلَ وَصْفُهُ كَفَرَسٍ أَوْ ثَوْبٍ هَرَوِيٌّ أَوْ عَبْدٍ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ وَتَخَيَّرَ بَيْنَ الْوَسَطِ أَوْ قِيمَتِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ عُلِمَ وَصْفُ الثَّوْبِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَعَلَى مَا مَرَّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ يَتَعَيَّنُ الْوَسَطُ لِأَنَّهُ يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ كَالسَّلَمِ، بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ فِي السَّلَمِ؛ وَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا، فَإِنْ عُلِمَ نَوْعُهُ وَوَصْفُهُ كَإِرْدَبِّ قَمْحٍ جَيِّدٍ خَالٍ مِنْ الشَّعِيرِ صَعِيدِيٍّ تَعَيَّنَ الْمُسَمَّى وَصَارَ كَالْعَرْضِ الْمُشَارِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ حَالًّا كَالْقَرْضِ وَمُؤَجَّلًا كَالسَّلَمِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ وَصْفُهُ تَخَيَّرَ الزَّوْجُ بَيْنَ الْوَسَطِ أَوْ قِيمَتِهِ كَمَا فِي ذِكْرِ الْفَرَسِ أَوْ الْحِمَارِ، هَذَا خُلَاصَةُ مَا فِي الِاخْتِيَارِ وَالْفَتْحِ وَالْبَحْرِ مَطْلَبٌ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَثَوْبٍ لَكِنْ يُشْكِلُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَثَوْبٍ وَلَمْ يَصِفْهُ كَانَ لَهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا كَانَ لَهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُتْعَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. اهـ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ فِيمَا إذَا سَمَّى مَجْهُولَ الْجِنْسِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مُسَمًّى مَعْلُومٌ، لَكِنْ يَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ لَا يُنْظَرَ إلَى الْمُتْعَةِ أَصْلًا لِأَنَّ الْمُسَمَّى هُنَا عَشَرَةٌ فَقَطْ وَذِكْرُ الثَّوْبِ لَغْوٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يُكَمِّلْ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ قَبْلَ الطَّلَاقِ اهـ.
وَأَجَابَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ الثَّوْبَ مَحْمُولٌ عَلَى الْعِدَّةِ وَالتَّبَرُّعِ كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي التَّسْمِيَةِ، إذْ لَوْ دَخَلَ لَأَوْجَبَ فَسَادَهَا لِفُحْشِ الْجَهَالَةِ. وَقَالَ فِي فَتَاوَاهُ الْخَيْرِيَّةِ: إنَّهُ زَاغَ فَهْمُ صَاحِبِ الْبَحْرِ وَأَخِيهِ فِي جَعْلِ الثَّوْبِ لَغْوًا وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ. اهـ. قُلْت حَمْلُهُ عَلَى الْعِدَّةِ وَالتَّبَرُّعِ هُوَ بِمَعْنَى إلْغَائِهِ فِي التَّسْمِيَةِ. وَوَجْهُ إشْكَالِ هَذَا الْفَرْعِ أَنَّ الثَّوْبَ إنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي التَّسْمِيَةِ لَزِمَ أَنْ يَجِبَ لَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِلَا نَظَرٍ إلَى الْمُتْعَةِ لِصِحَّةِ تَسْمِيَةِ الْعَشَرَةِ وَإِنْ دَخَلَ فِيهَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْطَى حُكْمَ مَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَكَرَامَتِهَا أَوْ يُهْدِيَ لَهَا هَدِيَّةً، فَقَدْ صَرَّحَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ فِي الْمَبْسُوطِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ عِبَارَةَ مُحَمَّدٍ: لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَكَرَامَتِهَا أَوْ يُهْدِي لَهَا هَدِيَّةً فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا يَنْقُصُ عَنْ الْأَلْفِ. قَالَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ أَكْرَمَهَا وَأَهْدَى لَهَا هَدِيَّةً فَلَهَا الْمُسَمَّى، وَإِلَّا فَمَهْرُ الْمِثْلِ اهـ.
قُلْت: فَهُوَ مِثْلُ مَا لَوْ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ.
وَفِي الْبَدَائِعِ: لَوْ شَرَطَ مَعَ الْمُسَمَّى شَيْئًا مَجْهُولًا كَأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَنْ يُهْدِيَ لَهَا هَدِيَّةً ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَفِ بِالْكَرَامَةِ وَالْهِدَايَةِ يَجِبُ تَمَامُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ اهـ لَكِنْ قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ: وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَكَرَامَتِهَا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لَا يَنْقُصُ عَنْ أَلْفٍ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَهَا نِصْفُ الْأَلْفِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ الْمُتْعَةِ. اهـ. وَنُقِلَ نَحْوُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute