للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالتَّوْكِيلُ بِالْبَيْعِ يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ، وَبِالنِّكَاحِ لَا، وَالْيَمِينُ عَلَى نِكَاحٍ وَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَحَجٍّ وَبَيْعٍ، إنْ كَانَتْ عَلَى الْمَاضِي يَتَنَاوَلُهُ، وَإِنْ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ لَا.

(وَلَوْ زَوَّجَ عَبْدًا لَهُ مَأْذُونًا مَدْيُونًا صَحَّ وَسَاوَتْ) الْمَرْأَةُ (الْغُرَمَاءَ فِي مَهْرِ مِثْلِهَا) وَالْأَقَلُّ (وَالزَّائِدُ) عَلَيْهِ (تُطَالِبُ بِهِ) بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْغُرَمَاءِ (كَدَيْنِ الصِّحَّةِ مَعَ) دَيْنِ (الْمَرَضِ) إلَّا إذَا بَاعَهُ مِنْهَا

ــ

[رد المحتار]

وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَهُ أَهْلِيَّةُ التَّصَرُّفِ فِي نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا حُجِرَ عَنْهُ لِحَقِّ الْمَوْلَى فَبِالْإِذْنِ يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ بِأَهْلِيَّتِهِ. وَعِنْدَ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ هُوَ تَوْكِيلٌ وَإِنَابَةٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ خَاصٍّ بِالْعَبْدِ لِأَنَّهُ يُقَالُ أَذِنْت لِزَيْدٍ بِأَكْلِ طَعَامِي أَوْ بِسُكْنَى دَارِي فَفِيهِ فَكُّ حِجْرٍ وَإِسْقَاطُ حَقٍّ، وَكَذَا يُقَالُ أَذِنْت لَهُ بِبَيْعِ دَارِي فَيَكُونُ بِمَعْنَى الْإِحْلَالِ وَالْإِعَارَةِ وَالتَّوْكِيلِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ الْإِذْنُ لِلْعَبْدِ تَوْكِيلًا عِنْدَنَا لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهُ بِالْإِذْنِ يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ لَا بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ الْمَوْلَى.

(قَوْلُهُ وَالتَّوْكِيلُ بِالْبَيْعِ) أَيْ تَوْكِيلُ أَجْنَبِيٍّ بِهِ. وَقَوْلُ الْبَحْرِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ الْإِذْنَ بِالْبَيْعِ وَهُوَ التَّوْكِيلُ وَبِهِ يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ بِالْأَوْلَى اتِّفَاقًا يُوهِمُ أَنَّ الْإِذْنَ هُوَ التَّوْكِيلُ، وَلَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَيْسَ عَيْنَهُ مُطْلَقًا بَلْ قَدْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ، فَمُرَادُهُ الْإِذْنُ الَّذِي بِمَعْنَى تَوْكِيلِ الْأَجْنَبِيِّ لَا إذْنِ الْعَبْدِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَبِالنِّكَاحِ لَا) أَيْ وَالتَّوْكِيلُ بِالنِّكَاحِ لَا يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ وَالْيَمِينُ عَلَى نِكَاحٍ) كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالصَّحِيحِ. وَأَمَّا إذَا حَلَفَ أَنَّهُ مَا تَزَوَّجَ فِي الْمَاضِي فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ أَيْضًا لِأَنَّ الْمُرَادَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الْإِعْفَافُ وَفِي الْمَاضِي وُقُوعُ الْعَقْدِ بَحْرٌ عَنْ الْمَبْسُوطِ.

(قَوْلُهُ وَصَلَاةٍ) يُقَالُ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ يَمِينَهُ فِي الْمَاضِي مُنْعَقِدَةٌ عَلَى صُورَةِ الْفِعْلِ وَقَدْ وُجِدَتْ، بِخِلَافِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَمُنْعَقِدَةٌ عَلَى الْمُتَهَيِّئَةِ لِلثَّوَابِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِالْفَاسِدِ، وَمِثْلُهَا الصَّوْمُ وَالْحَجُّ ط.

قُلْت: وَسَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ حَلَفَ لَا يَصُومُ حَنِثَ بِصَوْمِ سَاعَةٍ بِنِيَّةٍ وَإِنْ أَفْطَرَ لِوُجُودِ شَرْطِهِ، وَلَوْ قَالَ صَوْمًا أَوْ يَوْمًا حَنِثَ بِيَوْمٍ، وَحَنِثَ فِي لَا يُصَلِّي بِرَكْعَةٍ، وَفِي لَا يُصَلِّي صَلَاةً بِشَفْعٍ، وَفِي: لَا يَحُجُّ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَقِفَ بِعَرَفَةَ عَنْ الثَّالِثِ أَوْ حَتَّى يَطُوفَ أَكْثَرَ الطَّوَافِ عَنْ الثَّانِي. اهـ. وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّحِيحِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الْفِعْلُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ شَرْعًا مَعَ شَرَائِطِهِ، وَذَلِكَ فِي الصَّوْمِ بِسَاعَةٍ، وَفِي الصَّلَاةِ بِرَكْعَةٍ وَإِنْ أَفْسَدَهُ بَعْدَهُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ صَحَّ) أَيْ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ يُبْتَنَى عَلَى مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَهُوَ بَاقٍ بَعْدَ الدَّيْنِ كَمَا هُوَ قَبْلَهُ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ وَسَاوَتْ الْغُرَمَاءَ) أَيْ أَصْحَابَ الدُّيُونِ، وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْمَهْرَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ، فَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ وَكَانَ لَهُ كَسْبٌ يُوَفَّى مِنْهُ. وَمَا فِي الْفَتْحِ عَنْ التُّمُرْتَاشِيِّ: لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ سَقَطَ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ يَجِبُ حَمْلُهُ فِي الْمَهْرِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا نَهْرٌ، وَأَصْلُ هَذَا الِاسْتِخْرَاجِ وَالتَّوْفِيقُ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ وَالْأَقَلِّ) أَيْ إنْ كَانَ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ تَسَاوَى الْغُرَمَاءُ فِيهِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ لِعِلْمِهِ بِالْأُولَى.

(قَوْلُهُ وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ الْمُسَمَّى أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنَّهَا تُسَاوِيهِمْ فِي قَدْرِهِ وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ يُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْغُرَمَاءِ بَحْرٌ: أَيْ فَيَسْعَى لَهَا بِهِ إنْ بَقِيَ فِي مِلْكِ مَوْلَاهُ أَوْ تَصْبِرَ إلَى أَنْ يُعْتَقَ، وَلَوْ بَاعَهُ الْغُرَمَاءُ مَعَهَا لَيْسَ لَهَا بَيْعُهُ ثَانِيًا لِأَخْذِ الزَّائِدِ لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ فِي الْمَهْرِ مَرَّتَيْنِ كَمَا حَرَّرْنَاهُ فِيمَا مَرَّ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ كَدَيْنِ الصِّحَّةِ) أَيْ إذَا كَانَ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنُ صِحَّةٍ وَهُوَ مَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ مُطْلَقًا أَوْ بِإِقْرَارِهِ صَحِيحًا قُدِّمَ عَلَى دَيْنِ الْمَرَضِ وَهُوَ مَا أَقَرَّ بِهِ مَرِيضًا لِأَنَّ فِيهِ إضْرَارًا بِالْغُرَمَاءِ فَيُقْضَى بَعْدَ قَضَاءِ دُيُونِهِمْ.

(قَوْلُهُ إلَّا إذَا بَاعَهُ مِنْهَا) فِي الْخَانِيَّةِ: زَوَّجَهُ بِأَلْفٍ وَبَاعَهُ مِنْهَا بِتِسْعِمِائَةٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَلْفٌ فَأَجَازَ الْغَرِيمُ الْبَيْعَ كَانَتْ التِّسْعُمِائَةِ بَيْنَهُمَا يَضْرِبُ الْغَرِيمُ فِيهَا بِأَلْفٍ وَالْمَرْأَةُ بِأَلْفٍ، وَلَا تَتْبَعُهُ الْمَرْأَةُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَتْبَعُهُ الْغَرِيمُ بِمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ إذَا عَتَقَ اهـ وَقَوْلُهُ وَلَا تَتْبَعُهُ بِتَاءَيْنِ ثُمَّ بَاءٍ مُوَحَّدَةٍ: أَيْ لَا تُطَالِبُهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ مَهْرِهَا لِأَنَّهُ صَارَ مِلْكَهَا وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ وَالسَّيِّدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>