للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ (وَمُكَاتَبَةٌ) وَلَوْ حُكْمًا كَمُعْتَقَةِ بَعْضٍ (عَتَقَتْ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ وَلَوْ كَانَ النِّكَاحُ بِرِضَاهَا) دَفْعًا لِزِيَادَةِ الْمِلْكِ عَلَيْهَا بِطَلْقَةٍ ثَالِثَةٍ، فَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا أَوْ زَوْجَهَا فَالْمَهْرُ لِسَيِّدِهَا، وَلَوْ صَغِيرَةً تُؤَخَّرُ لِبُلُوغِهَا، وَلَيْسَ لَهَا خِيَارُ بُلُوغٍ فِي الْأَصَحِّ (أَوْ) (كَانَتْ) الْأَمَةُ (عِنْدَ النِّكَاحِ حُرَّةً ثُمَّ صَارَتْ أَمَةً) بِأَنْ ارْتَدَّا وَلَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ سُبِيَا مَعًا فَأُعْتِقَتْ خُيِّرَتْ عِنْدَ الثَّانِي خِلَافًا لِلثَّالِثِ مَبْسُوطٌ (وَالْجَهْلُ بِهَذَا الْخِيَارِ) خِيَارِ الْعِتْقِ (عُذْرٌ)

ــ

[رد المحتار]

الزَّوْجِ يَصِحُّ، وَقِيلَ لَا يَصِحُّ بِغَيْبَتِهِ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ) أَيْ أَوْ مُدَبَّرَةً، وَشَمِلَ الْكَبِيرَةَ وَالصَّغِيرَةَ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ وَمُكَاتَبَةً) خَالَفَ زُفَرُ فَقَالَ لَا خِيَارَ لَهَا، وَقَوَّاهُ فِي الْفَتْحِ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ النِّكَاحُ بِرِضَاهَا) وَكَذَا بِدُونِ رِضَاهَا بِالْأَوْلَى. وَعِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ. وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِرِضَاهَا أَوْ بِغَيْرِهِ. اهـ. وَهَذَا التَّعْمِيمُ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ لِمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ قَرِيبًا مِنْ أَنَّ لَهُ إجْبَارَ قِنِّهِ عَلَى النِّكَاحِ لَا مُكَاتَبِهِ وَلَا مُكَاتَبَتِهِ. وَفِي الْمِعْرَاجِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إجْبَارُهُمَا بِالْإِجْمَاعِ، وَبِهِ تَأَيَّدَ قَوْلُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ إنَّ نَفْيَ رِضَا الْمُكَاتَبَةِ مَنْفِيٌّ فَإِنَّهُ كَمَا لَا يَنْفُذُ تَزْوِيجُهَا نَفْسَهَا بِدُونِ إذْنِ مَوْلَاهَا لِبَقَاءِ مِلْكِهِ لِرَقَبَتِهَا لَا يَنْفُذُ تَزْوِيجُهُ إيَّاهَا بِدُونِ إذْنِهَا لِمُوجِبِ الْكِتَابَةِ، وَتَمَامُهُ هُنَاكَ.

(قَوْلُهُ دَفْعًا لِزِيَادَةِ الْمِلْكِ عَلَيْهَا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ خُيِّرَتْ، وَذَلِكَ أَنَّ الزَّوْجَ كَانَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا طَلْقَتَيْنِ فَلَمَّا صَارَتْ حُرَّةً صَارَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا طَلْقَةً ثَالِثَةً وَفِيهِ ضَرَرٌ لَهَا فَمَلَكَتْ رَفْعَ أَصْلِ الْعَقْدِ لِدَفْعِ الزِّيَادَةِ الْمُضِرَّةِ لَهَا، وَلِهَذَا لَمْ يَثْبُتْ خِيَارُ الْعِتْقِ لِلْعَبْدِ الذَّكَرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الطَّلَاقِ.

(قَوْلُهُ فَلَا مَهْرَ لَهَا) أَيْ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا الزَّوْجُ لِأَنَّ اخْتِيَارَهَا نَفْسَهَا فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَالْمَهْرُ لِسَيِّدِهَا لِأَنَّ الدُّخُولَ بِحُكْمِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ فَتَقَرَّرَ بِهِ الْمُسَمَّى بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ أَوْ زَوْجَهَا) بِالنِّصْفِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ نَفْسَهَا.

(قَوْلُهُ فَالْمَهْرُ لِسَيِّدِهَا) أَيْ سَوَاءٌ دَخَلَ الزَّوْجُ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ لِأَنَّ الْمَهْرَ وَاجِبٌ بِمُقَابِلِ مَا مَلَكَ الزَّوْجُ مِنْ الْبُضْعِ وَقَدْ مَلَكَهُ عَنْ الْمَوْلَى فَيَكُونُ بَدَلُهُ لِلْمَوْلَى بَحْرٌ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ.

قُلْت: وَقَوْلُهُ سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ لَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي مَتْنًا مِنْ التَّفْصِيلِ، بِأَنَّهُ لَوْ وَطِئَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْعِتْقِ فَالْمَهْرُ لِلْمَوْلَى أَوْ بَعْدَهُ فَلَهَا لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا كَانَ النِّكَاحُ بِدُونِ إذْنِ الْمَوْلَى وَنَفَذَ النِّكَاحُ بِالْعِتْقِ وَبِهِ تَمْلِكُ مَنَافِعَهَا فَإِذَا وَطِئَ بَعْدَهُ فَالْمَهْرُ لَهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ النِّكَاحَ بِالْإِذْنِ فَنَفَذَ النِّكَاحُ فِي حَالِ قِيَامِ الرِّقِّ كَمَا سَيَأْتِي فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ صَغِيرَةً) أَيْ لَوْ كَانَتْ الْمُعْتَقَةُ صَغِيرَةً وَقَدْ زَوَّجَهَا مَوْلَاهَا قَبْلَ الْعِتْقِ تَأَخَّرَ خِيَارُهَا إلَى بُلُوغِهَا. قَالَ فِي الْبَحْرِ لِأَنَّ فَسْخَ النِّكَاحِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمُتَرَدِّدَةِ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ فَلَا تَمْلِكُهُ الصَّغِيرَةُ وَلَا يَمْلِكُهُ وَلِيُّهَا لِقِيَامِهِ مَقَامَهَا، كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، فَإِذَا بَلَغْت كَانَ لَهَا خِيَارُ الْعِتْقِ لَا خِيَارُ الْبُلُوغِ عَلَى الْأَصَحِّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ اهـ. وَقِيلَ يَثْبُتُ لَهَا خِيَارُ الْبُلُوغِ أَيْضًا، وَيَدْخُلُ تَحْتَ خِيَارِ الْعِتْقِ. وَأَمَّا لَوْ زَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ ثُمَّ بَلَغَتْ فَإِنَّ لَهَا خِيَارَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْمَوْلَى عَلَيْهَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى كَوِلَايَةِ الْأَبِ بَلْ أَقْوَى، وَفِي هَذِهِ كَوِلَايَةِ الْأَخِ وَالْعَمِّ بَلْ أَضْعَفُ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي بَابِ الْوَلِيِّ.

(قَوْلُهُ مَعًا) قَيْدٌ فِي الْجُمَلِ الثَّلَاثَةِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ بِارْتِدَادِ أَحَدِهِمَا أَوْ لِحَاقِهِ أَوْ سَبْيِهِ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ اهـ ح.

(قَوْلُهُ خُيِّرَتْ عِنْدَ الثَّانِي) لِأَنَّهَا بِالْعِتْقِ مَلَكَتْ أَمْرَ نَفْسِهَا وَازْدَادَ مِلْكُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا ح عَنْ الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ خِلَافًا لِلثَّالِثِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ لَا خِيَارَ لَهَا لِأَنَّ بِأَصْلِ الْعَقْدِ ثَبَتَ عَلَيْهَا مِلْكٌ كَامِلٌ بِرِضَاهَا ثُمَّ انْتَقَصَ الْمِلْكُ، فَإِذَا أُعْتِقَتْ عَادَ إلَى أَصْلِهِ كَمَا كَانَ، وَلَا يَخْفَى تَرْجِيحُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لِدُخُولِهِ تَحْتَ النَّصِّ كَذَا فِي الْبَحْرِ، وَمُرَادُهُ بِالنَّصِّ «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَرِيرَةَ حِينَ أُعْتِقَتْ مَلَكْت بُضْعَك فَاخْتَارِي» . اهـ. ح أَيْ حَيْثُ أَفَادَ قَوْلُهُ فَاخْتَارِي أَنَّ عِلَّةَ الِاخْتِيَارِ مِلْكُ الْبُضْعِ عَلَى وَجْهٍ زَادَ مِلْكُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا مِثْلَ زَنَى فَرُجِمَ وَسَرَقَ فَقُطِعَ حَيْثُ أَفَادَتْ الْفَاءُ أَنَّ الْعِلَّةَ الزِّنَا وَالسَّرِقَةُ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ، فَلَا يَرِدُ مَا أَوْرَدَهُ الرَّحْمَتِيُّ مِنْ أَنَّ النَّصَّ لَا عُمُومَ فِيهِ لِأَنَّهُ خِطَابٌ لِمُعَيَّنَةٍ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ خِيَارِ الْعِتْقِ) بَدَلٌ مِنْ هَذَا الْخِيَارِ ح.

(قَوْلُهُ عُذْرٌ) أَيْ لِاشْتِغَالِهَا بِخِدْمَةِ الْمَوْلَى فَلَا تَتَفَرَّغُ لِلتَّعَلُّمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>