فَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِهِ حَتَّى ارْتَدَّا وَلَحِقَا فَعَلِمَتْ فَفَسَخَتْ صَحَّ إلَّا إذَا قَضَى بِاللِّحَاقِ وَلَيْسَ هَذَا حُكْمًا بَلْ فَتْوَى كَافِيٌّ (وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَضَاءِ) وَلَا يَبْطُلُ بِسُكُوتٍ وَلَا يَثْبُتُ لِغُلَامٍ وَيَقْتَصِرُ عَلَى مَجْلِسٍ كَخِيَارِ مُخَيَّرَةٍ، بِخِلَافِ خِيَارِ الْبُلُوغِ فِي الْكُلِّ خَانِيَّةٌ.
(نَكَحَ عَبْدٌ بِلَا إذْنٍ فَعَتَقَ) أَوْ بَاعَهُ فَأَجَازَ الْمُشْتَرِي (نَفَذَ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ (وَكَذَا) حُكْمُ (الْأَمَةِ وَلَا خِيَارَ لَهَا)
ــ
[رد المحتار]
ثُمَّ إذَا عَلِمَتْ يَبْطُلُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ فِي مَجْلِسِ الْعِلْمُ كَخِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ، وَلَوْ جَعَلَ لَهَا قَدْرًا عَلَى أَنْ تَخْتَارَهُ فَقُلْت سَقَطَ خِيَارُهَا كَمَا فِي النَّهْرِ. زَادَ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ وَلَا شَيْءَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ضَعِيفٌ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الِاعْتِيَاضِ كَسَائِرِ الْخِيَارَاتِ وَالشُّفْعَةِ وَالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ، بِخِلَافِ خِيَارِ الْعَيْبِ.
(قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِهِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ: إذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ أَمَتَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ حَتَّى ارْتَدَّا وَلَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ وَرَجَعَا مُسْلِمَيْنِ ثُمَّ عَلِمَتْ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ أَوْ عَلِمَتْ بِالْخِيَارِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ. اهـ. ح وَكَذَا الْحَرْبِيَّةُ إذَا تَزَوَّجَهَا حَرْبِيٌّ ثُمَّ أُعْتِقَتْ خُيِّرَتْ سَوَاءٌ عَلِمَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي دَارِنَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ نَهْرٌ.
(قَوْلُهُ إلَّا إذَا قَضَى بِاللِّحَاقِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ فَسْخُهَا لِعَوْدِهَا رَقِيقَةً بِالْحُكْمِ بِلَحَاقِهَا لِأَنَّ الْكُفَّارَ فِي دَارِ الْحَرْبِ كُلَّهُمْ أَرِقَّاءُ وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مَمْلُوكِينَ لِأَحَدٍ كَمَا يَأْتِي أَوَّلَ الْعَتَاقِ. اهـ. ح، وَأَقَرَّهُ ط وَالرَّحْمَتِيُّ.
قُلْت: مَا يَأْتِي مَحْمُولٌ عَلَى الْحَرْبِيِّ إذَا أُسِرَ فَهُوَ رَقِيقٌ قَبْلَ الْإِحْرَازِ بِدَارِنَا وَبَعْدَهُ رَقِيقٌ وَمَمْلُوكٌ كَمَا سَيَأْتِي هُنَاكَ وَهُوَ صَرِيحُ مَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ هَذَا الْبَابِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ عِلَّةَ عَدَمِ صِحَّةِ الْفَسْخِ كَوْنُ الْحُكْمِ بِاللِّحَاقِ مَوْتًا حُكْمِيًّا يَسْقُطُ بِهِ التَّصَرُّفَاتُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَيَسْقُطُ بِهِ حَقُّ الْفَسْخِ الَّذِي هُوَ حَقٌّ مُجَرَّدٌ بِالْأَوْلَى، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ عَلَّلَ بِمَا قُلْته، فَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ.
(قَوْلُهُ وَلَيْسَ هَذَا حُكْمًا) جَوَابُ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ كَيْفَ حَكَمْتُمْ بِصِحَّةِ فَسْخِ مَنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَأَحْكَامُنَا مُنْقَطِعَةٌ عَنْهُمْ ح.
(قَوْلُهُ بَلْ فَتْوَى) أَيْ إخْبَارٌ عِنْدَ السُّؤَالِ عَنْ الْحَادِثَةِ ط.
(قَوْلُهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ) أَيْ الْفَسْخُ بِخِيَارِ الْعِتْقِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَضَاءِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ وَلَا يَبْطُلُ بِسُكُوتٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ بِكْرًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الرِّضَا صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً ط.
(قَوْلُهُ وَلَا يَثْبُتُ لِغُلَامٍ) أَيْ لِعَبْدٍ ذَكَرٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةُ مِلْكٍ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْأَمَةِ وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ الطَّلَاقَ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْفَسْخِ (قَوْلُهُ وَيَقْتَصِرُ عَلَى مَجْلِسٍ) أَيْ مَجْلِسِ الْعِلْمِ وَيَمْتَدُّ إلَى آخِرِهِ، فَإِذَا قَامَتْ بَطَلَ.
(قَوْلُهُ كَخِيَارِ مُخَيَّرَةٍ) أَيْ مَنْ قَالَ لَهَا زَوْجُهَا اخْتَارِي نَفْسَك فَإِنَّهَا تَخْتَارُ مَا دَامَتْ فِي الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ خِيَارِ الْبُلُوغِ فِي الْكُلِّ) أَيْ فِي كُلِّ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَإِنَّ الْجَهْلَ فِيهِ لَيْسَ بِعُذْرٍ، وَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَضَاءِ وَيَبْطُلُ بِسُكُوتِهَا بَعْدَ عِلْمِهَا بِالنِّكَاحِ، وَيَثْبُتُ لِلْأُنْثَى وَالْغُلَامِ وَلَا يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ إنْ كَانَتْ بِكْرًا، وَلَوْ ثَيِّبًا فَوَقْتُهُ الْعُسْرُ إلَى وُجُودِ الرِّضَا صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً كَمَا فِي الْغُلَامِ إذَا بَلَغَ.
(قَوْلُهُ نَكَحَ عَبْدٌ بِلَا إذْنٍ) قَيَّدَ بِالنِّكَاحِ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَأَعْتَقَهُ الْمَوْلَى لَا يَنْفُذُ الشِّرَاءُ بَلْ يَبْطُلُ لِأَنَّهُ لَوْ نَفَذَ عَلَيْهِ بِتَغَيُّرِ الْمَالِكِ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ فَعَتَقَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَلَا يَجُوزُ ضَمُّهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِأَنَّهُ لَازِمٌ أَبُو السُّعُودِ عَنْ الْحَمَوِيِّ ط.
(قَوْلُهُ أَوْ بَاعَهُ) أَيْ مَثَلًا وَالْمُرَادُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ إلَى آخَرَ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ.
(قَوْلُهُ فَأَجَازَ الْمُشْتَرِي) أَيْ أَجَازَ النِّكَاحَ الْوَاقِعَ عِنْدَ الْمَالِكِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ) لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ النَّفَاذِ كَانَ حَقُّ الْمَوْلَى وَقَدْ زَالَ لَمَّا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا حُكْمُ الْأَمَةِ) أَطْلَقَهَا فَشَمِلَ الْقِنَّةَ وَالْمُدَبَّرَةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةَ، لَكِنْ فِي الْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي بَحْرٌ، وَهَذَا فِي الْأَمَةِ إذَا أُعْتِقَتْ، أَمَّا لَوْ مَاتَ عَنْهَا أَوْ بَاعَهَا فَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ الثَّانِي لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا فَكَالْعَبْدِ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا بَطَلَ الْعَقْدُ الْمَوْقُوفُ لِطُرُوِّ الْحِلِّ الْبَاتِّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَلِكَ لِبُطْلَانِ الْمَوْقُوفِ بِاعْتِرَاضِ الْمِلْكِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ غَشَيَانِهَا، وَتَوْضِيحُهُ فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ وَلَا خِيَارَ لَهَا) أَيْ لِلْأَمَةِ، أَمَّا الْعَبْدُ فَلَا خِيَارَ لَهُ أَصْلًا وَإِنْ نَكَحَ