للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَيْهِ فَتَجِبُ النَّفَقَةُ وَيُحَدُّ قَاذِفُهُ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُمْ لَا يَتَوَارَثُونَ لِأَنَّ الْإِرْثَ ثَبَتَ بِالنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ مُطْلَقًا فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ ابْنُ مَالِكٍ.

(أَسْلَمَ الْمُتَزَوِّجَانِ بِلَا) سَمَاعِ (شُهُودٍ أَوْ فِي عِدَّةِ كَافِرٍ مُعْتَقِدَيْنِ ذَلِكَ) (أُقِرَّا عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ أَمَرَنَا بِتَرْكِهِمْ وَمَا يَعْتَقِدُونَ (وَلَوْ) (كَانَا) أَيْ الْمُتَزَوِّجَانِ اللَّذَانِ أَسْلَمَا (مُحَرَّمَيْنِ أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ الْمُحَرَّمَيْنِ أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا وَهُمَا عَلَى الْكُفْرِ) (فَرَّقَ) الْقَاضِي أَوْ الَّذِي حَكَمَاهُ (بَيْنَهُمَا)

ــ

[رد المحتار]

اتِّفَاقِهِمْ عَلَى عَدَمِ التَّعَرُّضِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَالْمُرَافَعَةِ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ وُقُوعِهِ جَائِزًا تَجِبُ النَّفَقَةُ إذَا طَلَبَتْهَا، وَإِذَا دَخَلَ بِهَا ثُمَّ أَسْلَمَ فَقَذَفَهُ إنْسَانٌ يُحَدُّ كَمَا فِي الْبَحْرِ. وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِوُقُوعِهِ فَاسِدًا لَا تَجِبُ وَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ لِأَنَّهُ وَطِئَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَلَا يَكُونُ مُحْصَنًا (قَوْلُهُ وَأَجْمَعُوا إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ يَنْبَغِي ثُبُوتُ الْإِرْثِ أَيْضًا. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْقِيَاسَ عَدَمُ ثُبُوتِ الْإِرْثِ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِأَنَّهُمَا أَجْنَبِيَّانِ، لَكِنَّهُ ثَبَتَ بِالنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ مُطْلَقًا أَيْ مَا يُسَمَّى صَحِيحًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَالنِّكَاحِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا.

وَأَمَّا نِكَاحُ الْمَحَارِمِ فَيُسَمَّى صَحِيحًا لَا مُطْلَقًا بَلْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْكُفَّارِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ.

قُلْت: وَفِيهِ أَنَّ مَا فَقَدَ شَرْطَهُ لَيْسَ صَحِيحًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ يَثْبُتُ فِيهِ التَّوَارُثُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ، حَيْثُ قَالَ مَعْزِيًّا لِلْجَوْهَرَةِ: وَكُلُّ نِكَاحٍ لَوْ أَسْلَمَا يُقَرَّانِ عَلَيْهِ يَتَوَارَثَانِ بِهِ، وَمَا لَا فَلَا. قَالَ وَصَحَّحَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ اهـ تَأَمَّلْ ثُمَّ فِي حِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ تَبَعًا لِلْبَدَائِعِ نَظَرٌ، فَقَدْ جَرَى الْقُهُسْتَانِيُّ عَلَى ثُبُوتِ الْإِرْثِ، لَكِنَّ الصَّحِيحَ خِلَافُهُ كَمَا سَمِعْت وَكَذَا قَالَ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ، وَلَا يَتَوَارَثُونَ بِنِكَاحٍ لَا يُقَرَّانِ عَلَيْهِ كَنِكَاحِ الْمَحَارِمِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ اهـ

(قَوْلُهُ أَسْلَمَ الْمُتَزَوِّجَانِ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ أُقَرَّا عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْأَوْلَى كَمَا فِي النَّهْرِ وَالْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ أَوْ فِي عِدَّةِ كَافِرٍ) احْتَرَزَ عَنْ عِدَّةِ مُسْلِمٍ كَمَا يُنَبِّهُ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ، وَقَيَّدَ فِي الْهِدَايَةِ الْإِسْلَامَ وَالْمُرَافَعَةَ بِمَا إذَا كَانَا وَالْحُرْمَةُ قَائِمَةٌ. قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَأَمَّا إذَا كَانَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ مُعْتَقِدَيْنِ ذَلِكَ) فَلَوْ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا عِنْدَهُمْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ وَقَعَ بَاطِلًا فَيَجِبُ التَّجْدِيدُ بَحْرٌ. وَنَقَلَ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ عَنْ ابْنِ كَمَالٍ أَنَّ الشَّرْطَ جَوَازُهُ فِي دِينِ الزَّوْجِ خَاصَّةً. اهـ.

قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الزَّوْجَ الْأَوَّلَ وَهُوَ الَّذِي طَلَّقَهَا لِأَنَّ الْعِدَّةَ حَقُّ الزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ، فَإِذَا كَانَ لَا يَعْتَقِدُهَا لَا يُمْكِنُ إيجَابُهَا لَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ تَحْتَ مُسْلِمٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا عَنْ الْهِدَايَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أُقِرَّا عَلَيْهِ) أَيْ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا فِيمَا إذَا كَانَ النِّكَاحُ فِي الْعِدَّةِ كَمَا مَرَّ، لَكِنْ فِي الْبَحْرِ وَالْفَتْحِ عَنْ الْمَبْسُوطِ: إذَا أَسْلَمَا وَالْعِدَّةُ مُنْقَضِيَةٌ لَا يُفَرَّقُ بِالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ لِأَنَّا أُمِرْنَا بِتَرْكِهِمْ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا تَرَافَعَا وَهُمَا كَافِرَانِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَالْعِلَّةُ مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ حَالَةَ الْإِسْلَامِ وَالْمُرَافَعَةِ حَالَةُ الْبَقَاءِ وَالشَّهَادَةُ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهَا.

وَكَذَا الْعِدَّةُ لَا تُنَافِيهَا كَالْمَنْكُوحَةِ إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ. اهـ. ط. أَيْ فَإِنَّ الْمَوْطُوءَةَ بِشُبْهَةٍ تَجِبُ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ مَعَ زَوْجِهَا وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ فَتْحٌ: أَيْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ مُحَرَّمَيْنِ) بِأَنْ تَزَوَّجَ مَجُوسِيٌّ أُمَّهُ أَوْ بِنْتَه، وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ مُطَلَّقَتَهُ ثَلَاثًا أَوْ جَمَعَ بَيْنَ خَمْسٍ أَوْ أُخْتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا إجْمَاعًا فَتْحٌ، وَكَذَا قَالَ فِي النَّهْرِ، وَلَيْسَ الْحُكْمُ مَقْصُورًا عَلَى الْمَحْرَمِيَّةِ، بَلْ كَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَ مُطَلَّقَتَهُ ثَلَاثًا إلَخْ ثُمَّ قَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ تَزَوَّجَ خَمْسًا فِي عُقْدَةٍ لِأَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَهُنَّ عَلَى التَّعَاقُبِ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَامِسَةِ فَقَطْ، وَلَوْ تَزَوَّجَ وَاحِدَةً ثُمَّ أَرْبَعًا جَازَ نِكَاحُ الْوَاحِدَةِ لَا غَيْرُ، وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَمَا فَارَقَ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ أُقِرَّا عَلَيْهِ. اهـ. وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ فَرَّقَ الْقَاضِي) أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَظَاهِرٌ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَنْكِحَةَ لَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>