أَوْ سَكَتَ (فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ كَانَ) الزَّوْجُ (صَبِيًّا مُمَيِّزًا) اتِّفَاقًا عَلَى الْأَصَحِّ (وَالصَّبِيَّةُ كَالصَّبِيِّ) فِيمَا ذُكِرَ وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ صَحَّ مِنْهُ الْإِسْلَامُ إذَا أَتَى بِهِ صَحَّ مِنْهُ الْإِبَاءُ إذَا عُرِضَ عَلَيْهِ
(وَيُنْتَظَرُ عَقْلُ) أَيْ تَمْيِيزُ (غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَلَوْ) كَانَ (مَجْنُونًا) لَا يُنْتَظَرُ لِعَدَمِ نِهَايَتِهِ بَلْ (يُعْرَضُ) الْإِسْلَامُ (عَلَى أَبَوَيْهِ) فَأَيُّهُمَا أَسْلَمَ تَبِعَهُ فَيَبْقَى النِّكَاحُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ نَصَبَ الْقَاضِي عَنْهُ وَصِيًّا فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْفُرْقَةِ بَاقَانِيٌّ عَنْ الْبَهْنَسِيِّ عَنْ رَوْضَةِ الْعُلَمَاءِ لِلزَّاهِدِيِّ.
(وَلَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ وَهِيَ مَجُوسِيَّةٌ فَتَهَوَّدَتْ أَوْ تَنَصَّرَتْ بَقِيَ نِكَاحُهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي الِابْتِدَاءِ كَذَلِكَ) لِأَنَّهَا كِتَابِيَّةٌ مَآلًا (وَالتَّفْرِيقُ) بَيْنَهُمَا (طَلَاقٌ) يُنْقِصُ الْعَدَدَ (لَوْ أَبَى لَا لَوْ أَبَتْ)
ــ
[رد المحتار]
كَمَا يَأْتِي مَتْنًا (قَوْلُهُ أَوْ سَكَتَ) غَيْرَ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُكَرِّرُ عَلَيْهِ الْعَرْضَ ثَلَاثًا احْتِيَاطًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) وَمَا لَمْ يُفَرِّقْ الْقَاضِي فَهِيَ زَوْجَتُهُ، حَتَّى لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ تُسْلِمَ امْرَأَتُهُ الْكَافِرَةُ وَجَبَ لَهَا الْمَهْرُ: أَيْ كَمَالُهُ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لِأَنَّ النِّكَاحَ كَانَ قَائِمًا وَيَتَقَرَّرُ بِالْمَوْتِ فَتْحٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَوَارَثَا لِمَانِعِ الْكُفْرِ (قَوْلُهُ صَبِيًّا مُمَيِّزًا) أَيْ يَعْقِلُ الْأَدْيَانَ، لِأَنَّ رِدَّتَهُ مُعْتَبَرَةٌ فَكَذَا إبَاؤُهُ فَتْحٌ. قَالَ فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ: وَالْمَعْتُوهُ كَالصَّبِيِّ الْعَاقِلِ. اهـ. (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) وَقِيلَ لَا يُعْتَبَرُ إبَاؤُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ كَمَا لَا تُعْتَبَرُ رِدَّتُهُ عِنْدَهُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ حُكْمِ الْإِسْلَامِ وَالْإِبَاءِ وَالسُّكُوتِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ) أَيْ الصَّبِيُّ كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ الْفَتْحِ، وَلَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْبَالِغُ مِثْلُهُ
(قَوْلُهُ لِعَدَمِ نِهَايَتِهِ) بِخِلَافِ عَدَمِ التَّمْيِيزِ فَإِنَّ لَهُ نِهَايَةً (قَوْلُهُ بَلْ يَعْرِضُ الْإِسْلَامَ عَلَى أَبَوَيْهِ إلَخْ) قَالَ فِي التَّحْرِيرِ وَشَرْحِهِ: وَإِنَّمَا يَعْرِضُ الْإِسْلَامَ عَلَى أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ لِصَيْرُورَتِهِ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا أُقَرَّا عَلَى النِّكَاحِ وَإِنْ أَبَى فُرِّقَ بَيْنَهُمَا دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْمُسْلِمَةِ، وَيَصِيرُ مُرْتَدًّا تَبَعًا بِارْتِدَادِ أَبَوَيْهِ وَلِحَاقِهِمَا بِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَكَاهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ بَلَغَ مُسْلِمًا ثُمَّ جُنَّ أَوْ أَسْلَمَ عَاقِلًا فَجُنَّ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَارْتَدَّا وَلَحِقَا بِهِ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْلِمًا بِتَبَعِيَّةِ الدَّارِ عَنْهُ زَوَالِ تَبَعِيَّةِ الْأَبَوَيْنِ أَوْ بِتَقَرُّرِ رُكْنِ الْإِيمَانِ مِنْهُ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَى وَالِدِهِ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْإِلْزَامِ بَلْ عَلَى سَبِيلِ الشَّفَقَةِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ الْآبَاءِ عَلَى الْأَوْلَادِ عَادَةً فَلَعَلَّ ذَلِكَ يَحْمِلُهُ عَلَى أَنْ يُسْلِمَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَالِدَانِ جَعَلَ الْقَاضِي لَهُ خَصْمًا وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِبَاءَ يَسْقُطُ اعْتِبَارُهُ هُنَا لِلتَّعَذُّرِ. اهـ. وَهَذَا مَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَاقَانِيِّ، وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ فَائِدَةَ نَصْبِ الْوَصِيِّ الْحُكْمُ بِالتَّفْرِيقِ بِلَا عَرْضٍ بَلْ يَسْقُطُ الْعَرْضُ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا بِتَبَعِيَّةِ غَيْرِ الْأَبَوَيْنِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ أُمٌّ فَقَطْ يَعْرِضُ الْإِسْلَامَ عَلَيْهَا، فَإِنْ أَبَتْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهَا وِلَايَةٌ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْمَنَاطَ هُنَا التَّبَعِيَّةُ لَا الْوِلَايَةُ، فَقَوْلُ بَعْضِ الْمُحَشِّينَ إنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ لَا يَعْرِضُ عَلَى الْأُمِّ بَلْ يَنْصِبُ لَهُ وَصِيًّا غَيْرُ صَحِيحٍ، نَعَمْ لَوْ كَانَ أَبَوَيْهِ مَجْنُونَيْنِ أَيْضًا يَنْبَغِي أَنْ يَنْصِبَ عَنْهُ وَصِيًّا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَجْنُونَ كَالصَّبِيِّ فِي تَبَعِيَّتِهِ لِأَبَوَيْهِ إسْلَامًا وَكُفْرًا مَا لَمْ يُسْلِمْ قَبْلَ جُنُونِهِ
(قَوْلُهُ وَهِيَ مَجُوسِيَّةٌ إلَخْ) بِخِلَافِ عَكْسِهِ، وَهُوَ مَا لَوْ كَانَتْ نَصْرَانِيَّةً وَقْتَ إسْلَامِهِ ثُمَّ تَمَجَّسَتْ فَإِنَّهُ تَقَعُ الْفُرْقَةُ بِلَا عَرْضٍ عَلَيْهَا بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ. وَظَاهِرُهُ وُقُوعُ الْفُرْقَةِ بِلَا تَفْرِيقِ الْقَاضِي لِأَنَّهَا صَارَتْ كَالْمُرْتَدَّةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ طَلَاقٌ يُنْقِصُ الْعَدَدَ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّلَاقِ حَقِيقَتُهُ لَا الْفَسْخُ، فَلَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا طَلْقَتَيْنِ فَقَطْ عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إنَّهُ فَسْخٌ، ثُمَّ هَذَا الطَّلَاقُ بَائِنٌ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ لَا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَشَارَ بِالطَّلَاقِ إلَى وُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً فَقَدْ الْتَزَمَتْ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ وَمِنْ حُكْمِهِ وُجُوبُ الْعِدَّةِ وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً لَا تَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا فَالزَّوْجُ مُسْلِمٌ وَالْعِدَّةُ حَقُّهُ، وَحُقُوقُنَا لَا تَبْطُلُ بِدِيَانَتِهِمْ وَإِلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ فِي الْعِدَّةِ إنْ كَانَتْ هِيَ مُسْلِمَةً لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ جَاءَ مِنْ جِهَتِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ