للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا لَوْ وَرِثَ قَرِيبَهُ.

وَلَوْ قَالَ: إنْ جُنِنْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَجُنَّ لَمْ يَقَعْ، بِخِلَافِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَدَخَلَهَا مَجْنُونًا وَقَعَ.

(وَلَوْ) (أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الْمَجُوسِيَّيْنِ أَوْ امْرَأَةُ الْكِتَابِيِّ (ثَمَّةَ) أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَمُلْحَقٌ بِهَا كَالْبَحْرِ الْمِلْحِ (لَمْ تَبِنْ حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثًا) أَوْ تَمْضِيَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ (قَبْلَ إسْلَامِ الْآخَرِ) إقَامَةً لِشَرْطِ الْفُرْقَةِ مَقَامَ السَّبَبِ، وَلَيْسَتْ بِعِدَّةٍ لِدُخُولِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا.

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ كَالْبَالِغِ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْهُ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إيقَاعُهُ مِنْهُ ابْتِدَاءً لِلضَّرَرِ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى أَنَّهُ إيقَاعٌ مِنْ الْقَاضِي وَلِأَنَّ تَفْرِيقَ الْقَاضِي هُنَا كَتَفْرِيقِهِ بِإِبَاءِ الْبَالِغِ عَنْ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ طَلَاقٌ مِنْهُ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ، فَكَذَا فِي الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُمَا أَيْ ابْتِدَاءً وَكَانَ وُقُوعُهُ مِنْهُمَا بِعَارِضٍ غَرِيبًا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ مِنْ أَغْرَبِ الْمَسَائِلِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ وَرِثَ قَرِيبَهُ) أَيْ الرَّحِمَ الْمَحْرَمَ مِنْهُ كَأَنْ وَرِثَ أَبَاهُ الْمَمْلُوكَ لِأَخِيهِ مِنْ أُمٍّ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَكَمَا لَوْ تَزَوَّجَ مَمْلُوكَةَ أَبِيهِ فَوَرِثَهَا مِنْهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ (قَوْلُهُ لَمْ يَقَعْ) لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى مَا يُنَافِي وُقُوعَهُ مِنْهُ، فَإِنَّ الْجَزَاءَ وَهُوَ أَنْتِ طَالِقٌ لَا يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِلطَّلَاقِ إلَّا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الشَّرْطِ صَالِحًا لَهُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ إنْ مِتّ فَأَنْتِ طَالِقٌ، كَذَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ وَقَعَ) لَمَّا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ الْأَهْلِيَّةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ وَقْتَ التَّعْلِيقِ لَا وَقْتَ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَلَيْسَ الشَّرْطُ هُنَا وَهُوَ دُخُولُ الدَّارِ مُنَافِيًا لِانْعِقَادِ الْجَزَاءِ سَبَبًا لِلطَّلَاقِ، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ التَّعْلِيقِ مِنْ وُجُودِ الْأَهْلِيَّةِ وَقْتَهُ وَعَدَمِ مُنَافَاةِ الشَّرْطِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ لِلْجَزَاءِ الْمُعَلَّقِ وَهُنَا وُجِدَ كُلٌّ مِنْهُمَا، بِخِلَافِ الْأُولَى فَإِنَّهُ وُجِدَتْ فِيهَا الْأَهْلِيَّةُ وَقْتَ التَّعْلِيقِ وَفُقِدَ الْآخَرُ وَهُوَ عَدَمُ الْمُنَافَاةِ. هَذَا مَا ظَهَرَ لِي

(قَوْلُهُ وَلَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا ثَمَّةَ) هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَإِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْمَجُوسِيَّيْنِ أَوْ امْرَأَةُ الْكِتَابِيِّ إلَخْ فَإِنَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

وَلِذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ هُنَا: أَطْلَقَ فِي إسْلَامِ أَحَدِهِمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْآخَرُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَقَامَ الْآخَرُ فِيهَا أَوْ خَرَجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ. فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ مَا لَمْ يَجْتَمِعَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ لَا يَعْرِضُ الْإِسْلَامُ عَلَى الْمُصِرِّ، سَوَاءٌ خَرَجَ الْمُسْلِمُ أَوْ الْآخَرُ لِأَنَّهُ لَا يُقْضَى لِغَائِبٍ وَلَا عَلَى غَائِبٍ، وَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. اهـ. (قَوْلُهُ كَالْبَحْرِ الْمِلْحِ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَا لَيْسَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَا إسْلَامٍ مُلْحَقًا بِدَارِ الْحَرْبِ كَالْبَحْرِ الْمِلْحِ لِأَنَّهُ لَا قَهْرَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ، فَإِذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ رَاكِبُهُ تَوَقَّفَتْ الْبَيْنُونَةُ عَلَى مُضِيِّ ثَلَاثِ حَيْضٍ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِمْ بِتَعَذُّرِ الْعَرْضِ لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ. اهـ. وَهَلْ حُكْمُ الْبَحْرِ الْمِلْحِ فِي غَيْرِ هَذِهِ حُكْمُ دَارِ الْحَرْبِ، حَتَّى لَوْ خَرَجَ إلَيْهِ الذِّمِّيُّ صَارَ حَرْبِيًّا وَانْتَقَضَ عَهْدُهُ، وَإِذَا خَرَجَ إلَيْهِ الْحَرْبِيُّ وَعَادَ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَى دَارِهِ يُنْقَضُ أَمَانُهُ وَيُعْشَرُ مَا مَعَهُ يُحَرَّرُ ط (قَوْلُهُ لَمْ تَبِنْ حَتَّى تَحِيضَ إلَخْ) أَفَادَ بِتَوَقُّفِ الْبَيْنُونَةِ عَلَى الْحَيْضِ أَنَّ الْآخَرَ لَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا فَلَا بَيْنُونَةَ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ أَوْ تَمْضِي ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ) أَيْ إنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ لِصِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَحَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا ح عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ إقَامَةً لِشَرْطِ الْفُرْقَةِ) وَهُوَ مُضِيُّ هَذِهِ الْمُدَّةِ مَقَامَ السَّبَبِ وَهُوَ الْإِبَاءُ لِأَنَّ الْإِبَاءَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالْعَرْضِ، وَقَدْ عُدِمَ الْعَرْضُ لِانْعِدَامِ الْوِلَايَةِ وَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى التَّفْرِيقِ لِأَنَّ الْمُشْرِكَ لَا يَصْلُحُ لِلْمُسْلِمِ وَإِقَامَةُ الشَّرْطِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْعِلَّةِ جَائِزٌ، فَإِذَا مَضَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ صَارَ مُضِيُّهَا بِمَنْزِلَةِ تَفْرِيقِ الْقَاضِي وَتَكُونُ فُرْقَةً بِطَلَاقٍ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِمَا، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ بِغَيْرِ طَلَاقٍ لِأَنَّهَا بِسَبَبِ الْإِبَاءِ حُكْمًا وَتَقْدِيرًا بَدَائِعُ. وَبَحَثَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْمُسْلِمُ هُوَ الْمَرْأَةُ تَكُونُ فُرْقَةً بِطَلَاقٍ، لِأَنَّ الْآبِيَ هُوَ الزَّوْجُ حُكْمًا وَالتَّفْرِيقُ بِإِبَائِهِ طَلَاقٌ عِنْدَهُمَا.

فَكَذَا مَا قَامَ مَقَامَهُ وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ الزَّوْجَ فَهِيَ فَسْخٌ (قَوْلُهُ وَلَيْسَتْ بِعِدَّةٍ) أَيْ لَيْسَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>