للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَالِقَيْنِ فَقَطْ وَهَؤُلَاءِ خَالِقًا لَا عَدَدَ لَهُ بَزَّازِيَّةٌ وَنَهْرٌ

(وَلَوْ) (تَمَجَّسَ أَبُو صَغِيرَةٍ نَصْرَانِيَّةٍ تَحْتَ مُسْلِمٍ) بَانَتْ بِلَا مَهْرٍ وَلَوْ كَانَ (قَدْ مَاتَتْ الْأُمُّ نَصْرَانِيَّةً) مَثَلًا وَكَذَا عَكْسُهُ (لَمْ تَبِنْ) لِتَنَاهِي التَّبَعِيَّةِ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا ذِمِّيًّا أَوْ مُسْلِمًا أَوْ مُرْتَدًّا فَلَمْ تَبْطُلْ بِكُفْرِ الْآخَرِ.

وَفِي الْمُحِيطِ: لَوْ ارْتَدَّا لَمْ تَبِنْ مَا لَمْ يَلْحَقَا، وَلَوْ بَلَغْت عَاقِلَةً مُسْلِمَةً ثُمَّ جُنَّتْ فَارْتَدَّا

ــ

[رد المحتار]

الِاسْتِدْرَاكِ أَنَّ تَعْبِيرَ عُلَمَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ بِذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْقَوْلِ بِأَنَّ النَّصْرَانِيَّةَ خَيْرٌ مِنْ الْيَهُودِيَّةِ وَبِأَنَّ الْكِتَابِيَّ خَيْرٌ مِنْ الْمَجُوسِيِّ لِأَنَّ فِيهِ إثْبَاتَ أَسَعْدِيَّةِ الْمَجُوسِ وَخَيْرِيَّتِهِمْ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ كَوْنُهُمْ خَيْرًا مِنْ كَذَا مُطْلَقًا لَا كَوْنُهُمْ أَسْعَدَ حَالًا بِمَعْنَى أَقَلَّ مُكَابَرَةً وَأَدْنَى إثْبَاتًا لِلشِّرْكِ، إذْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ كُفْرُ بَعْضِهِمْ أَخَفُّ مِنْ بَعْضٍ وَعَذَابُ بَعْضٍ أَدْنَى مِنْ بَعْضٍ وَأَهْوَنُ، أَوْ الْحَالُ بِمَعْنَى الْوَصْفِ كَذَا قِيلَ وَلَا يَتِمُّ. اهـ. أَيْ لَا يَتِمُّ هَذَا الْجَوَابُ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ تَأْوِيلُ هَذَا بِمَا ذُكِرَ صَحَّ تَأْوِيلُ ذَاكَ بِمِثْلِهِ، وَكَوْنُ أَسْعَدَ مُسْنَدًا إلَى الْحَالِ لِأَنَّهُ فَاعِلَ مَعْنَى أَوْ كَوْنَ الْحَالِ بِمَعْنَى الْوَصْفِ لَا يُفِيدُ. قَالَ فِي النَّهْرِ: لَكِنْ مُقْتَضَى مَا مَرَّ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْقَوْلُ بِالْكُفْرِ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلتَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ، وَكَأَنَّهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ. اهـ. وَفِيهِ أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ الْفُصُولَيْنِ مَعَ تَعْلِيلِهِ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ، فَالتَّحْرِيرُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ وَأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ " الْجَوَازُ لِمَا سَمِعْت مِنْ وُقُوعِهِ فِي كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ خَالِقَيْنِ) هُمَا النُّورُ الْمُسَمَّى يَزْدَانُ وَالظُّلْمَةُ الْمُسَمَّاةُ أَهْرَمْنُ ح (قَوْلُهُ خَالِقًا لَا عَدَدَ لَهُ) أَيْ حَيْثُ قَالُوا إنَّ الْحَيَوَانَ يَخْلُقُ أَفْعَالَهُ الِاخْتِيَارِيَّةَ ح.

قُلْت: وَتَكْفِيرُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ فِيهِ كَلَامٌ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ كَمَا سَيَأْتِي بَسْطُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْبُغَاةِ

(قَوْلُهُ بَانَتْ) أَيْ تَمَجَّسَتْ الْأُمُّ أَيْضًا، وَلَا حَاجَةَ إلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ مَعَ هَذَا الْإِيهَامِ، وَالْأَحْسَنُ إبْقَاءُ الْمَتْنِ عَلَى حَالِهِ. وَأَظُنُّ أَنَّ الشَّارِحَ زَادَ أَلِفًا فِي قَوْلِ الْمَتْنِ أَبُو صَغِيرَةٍ فَصَارَ أَبَوْا بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ فَأَسْقَطَهَا النُّسَّاخُ، فَلْتُرَاجِعْ النُّسَخُ. وَذَكَرَ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ أَنَّ مِثْلَ الصَّغِيرَةِ مَا إذَا بَلَغَتْ مَعْتُوهَةً لِبَقَائِهَا تَابِعَةً لِلْأَبَوَيْنِ فِي الدِّينِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَعْتُوهَةِ إسْلَامٌ بِنَفْسِهَا حَقِيقَةً فَكَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الصَّغِيرَةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ

(قَوْلُهُ بِلَا مَهْرٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ح (قَوْلُهُ مَثَلًا) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ مَاتَتْ: أَيْ أَنَّ الْمَوْتَ غَيْرُ قَيْدٍ، أَوْ إلَى قَوْلِهِ نَصْرَانِيَّةً أَيْ أَوْ يَهُودِيَّةً (قَوْلُهُ وَكَذَا عَكْسُهُ) بِأَنْ تَمَجَّسَتْ أُمُّهَا بَعْدَ أَنْ مَاتَ أَبُوهَا نَصْرَانِيًّا ح (قَوْلُهُ لِتَنَاهِي التَّبَعِيَّةِ) أَيْ انْتِهَاءِ تَبَعِيَّةِ الْوَلَدِ لِلْأَبَوَيْنِ (قَوْلُهُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا ذِمِّيًّا إلَخْ) أَيْ إذَا مَاتَ أَحَدُ الْكِتَابِيَّيْنِ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْلِمًا ثُمَّ تَمَجَّسَ الْبَاقِي مِنْهُمَا لَا يَتْبَعُهُ الْوَلَدُ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا مُرْتَدًّا، لِأَنَّ حُكْمَ الْمُرْتَدِّ الْجَبْرُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَلَهُ حُكْمُ الْمُسْلِمِ، حَتَّى أَنَّ كَسْبَ إسْلَامِهِ يَرِثُهُ وَارِثُهُ الْمُسْلِمُ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْإِسْلَامِ مِنْ الْكِتَابِيِّ وَغَيْرِهِ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ فِي دَارِنَا مُسْلِمًا أَوْ مُرْتَدًّا ثُمَّ ارْتَدَّ الْآخَرُ وَلَحِقَ بِهَا ثُمَّ بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ تَبِنْ وَيُصَلَّى عَلَيْهَا إذَا مَاتَتْ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ حُكْمٌ تَنَاهَى بِالْمَوْتِ مُسْلِمًا وَكَذَا بِالْمَوْتِ مُرْتَدًّا لِأَنَّ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ قَائِمَةٌ (قَوْلُهُ فَلَمْ تَبْطُلْ) أَيْ التَّبَعِيَّةُ بِكُفْرِ الْآخَرِ. قَالَ ط: وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ يَتَمَجَّسُ الْآخَرُ لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّلًا كَافِرًا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ انْتَقَلَ إلَى حَالَةٍ مِنْ الْكُفْرِ شَرٍّ مِنْ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: إنَّ التَّبَعِيَّةَ إنَّمَا تَنَاهَتْ وَانْقَطَعَتْ عَمَّنْ بَقِيَ مِنْ الْوَالِدَيْنِ بِتَمَجُّسِهِ لَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ مَنْ بَقِيَ تَبِعَتْهُ ابْنَتُهُ. اهـ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ انْقِطَاعُ التَّبَعِيَّةِ عَنْ الْبَاقِي مِنْهُمَا إذَا انْتَقَلَ إلَى حَالَةٍ دُونَ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا، لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْوَلَدَ إنَّمَا يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا أَوْ أَخَفَّهُمَا شَرًّا، فَالْمُرَادُ بِالتَّبَعِيَّةِ الْمُتَنَاهِيَةِ هَذِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لَمْ تَبِنْ) لِأَنَّ الْبِنْتَ مُسْلِمَةٌ تَبَعًا لَهُمَا وَتَبَعًا لِلدَّارِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَلْحَقَا) أَيْ بِالْبِنْتِ، فَإِنْ لَحِقَا بِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ بَانَتْ لِانْقِطَاعِ حُكْمِ الدَّارِ بَحْرٌ أَيْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ وَلِأَنَّهَا صَارَتْ مُرْتَدَّةً تَبَعًا لَهُمَا قَالَ فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الصَّغِيرَةُ تَعْقِلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>