للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالتَّسْوِيَةِ فِي الْبَيْتُوتَةِ (وَفِي الْمَلْبُوسِ وَالْمَأْكُولِ) وَالصُّحْبَةِ (لَا فِي الْمُجَامَعَةِ) كَالْمَحَبَّةِ بَلْ يُسْتَحَبُّ. وَيَسْقُطُ حَقُّهَا بِمَرَّةٍ وَيَجِبُ دِيَانَةً أَحْيَانًا

ــ

[رد المحتار]

حُرَّتَيْنِ أَوْ أَمَتَيْنِ فَعَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَتَا حُرَّةً وَأَمَةً فَلَا يَعْدِلُ بَيْنَهُمَا: أَيْ لَا يُسَوِّي بَلْ يَعْدِلُ بِمَعْنَى لَا يَجُورُ، وَهُوَ أَنْ يَقْسِمَ لِلْحُرَّةِ ضِعْفَ الْأَمَةِ فَالْإِيهَامُ نَشَأَ مِنْ اشْتِرَاكِ اللَّفْظِ اهـ. وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِحُرَّةٍ وَلَا غَيْرِهَا نَاسَبَ أَنْ يُفَسَّرَ كَلَامُهُ بِعَدَمِ الْجَوْرِ: أَيْ عَدَمِ الْمَيْلِ عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ مِنْ تَسْوِيَةٍ وَضِدِّهَا، فَيَشْمَلُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْحُرَّتَيْنِ أَوْ الْأَمَتَيْنِ وَعَدَمَهَا بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ، وَكَذَا فِي النَّفَقَةِ لِعَدَمِ لُزُومِ التَّسْوِيَةِ فِيهَا مُطْلَقَةً كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِالتَّسْوِيَةِ فِي الْبَيْتُوتَةِ) الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ بِالتَّسْوِيَةِ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ كَمَا عَلِمْت بَلْ يَجِبُ عَدَمُهَا. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ التَّسْوِيَةُ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا: أَيْ يَجِبُ أَنْ لَا يَجُوزَ بِإِثْبَاتِهَا بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَبِنَفْيِهَا بَيْنَ الْحُرَّتَيْنِ وَبَيْنَ الْأَمَتَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْإِقَامَةَ فِي النَّهَارِ لِأَنَّهَا تَجِبُ فِي الْجُمْلَةِ بِلَا تَقْدِيرٍ كَمَا سَيَأْتِي.

(قَوْلُهُ وَفِي الْمَلْبُوسِ وَالْمَأْكُولِ) أَيْ وَالسُّكْنَى، وَلَوْ عَبَّرَ بِالنَّفَقَةِ لَشَمِلَ الْكُلَّ. ثُمَّ إنَّ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِيهِ، وَضَمِيرُهُ لِلْقَسْمِ الْمُرَادُ بِهِ الْبَيْتُوتَةُ فَقَطْ بِقَرِينَةِ الْعَطْفِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعَدْلَ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى عَدَمِ الْجَوْرِ لَا بِمَعْنَى التَّسْوِيَةِ فَإِنَّهَا لَا تَلْزَمُ فِي النَّفَقَةِ مُطْلَقًا. قَالَ فِي الْبَحْرِ: قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: يَجِبُ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْحُرَّتَيْنِ وَالْأَمَتَيْنِ فِي الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَالْمَلْبُوسِ وَالسُّكْنَى وَالْبَيْتُوتَةِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ الْوَلْوَالِجِيُّ وَالْحَقُّ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ مَنْ اعْتَبَرَ حَالَ الرَّجُلِ وَحْدَهُ فِي النَّفَقَةِ. وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ مِنْ اعْتِبَارِ حَالِهِمَا فَلَا فَإِنَّ إحْدَاهُمَا قَدْ تَكُونُ غَنِيَّةً وَالْأُخْرَى فَقِيرَةً، فَلَا يَلْزَمُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا فِي النَّفَقَةِ. اهـ. وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ مِنْ جَعْلِهِ مَا فِي الْمَتْنِ مَبْنِيًّا عَلَى اعْتِبَارِ حَالِهِ (قَوْلُهُ وَالصُّحْبَةُ) كَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ فِي الْبَيْتُوتَةِ لِأَنَّ الصُّحْبَةَ أَيْ الْمُعَاشَرَةَ وَالْمُؤَانَسَةَ ثَمَرَةُ الْبَيْتُوتَةِ. فَفِي الْخَانِيَّةِ: وَمِمَّا يَجِبُ عَلَى الْأَزْوَاجِ لِلنِّسَاءِ: الْعَدْلُ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِيمَا يَمْلِكُهُ، وَالْبَيْتُوتَةُ عِنْدَهُمَا لِلصُّحْبَةِ، وَالْمُؤَانَسَةُ لَا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ وَهُوَ الْحُبُّ وَالْجِمَاعُ.

(قَوْلُهُ لَا فِي الْمُجَامَعَةِ) لِأَنَّهَا تُبْتَنَى عَلَى النَّشَاطِ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ. قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إنْ تَرَكَهُ لِعَدَمِ الدَّاعِيَةِ وَالِانْتِشَارِ عُذِرَ، وَإِنْ تَرَكَهُ مَعَ الدَّاعِيَةِ إلَيْهِ لَكِنْ دَاعِيَتُهُ إلَى الضَّرَّةِ أَقْوَى فَهُوَ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ قُدْرَتِهِ فَتْحٌ وَكَأَنَّهُ مَذْهَبُ الْغَيْرِ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُجَامَعَةِ ح. أَمَّا الْمَحَبَّةُ فَهِيَ مَيْلُ الْقَلْبِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُنَّ فِي جَمِيعِ الِاسْتِمْتَاعَاتِ مِنْ الْوَطْءِ وَالْقُبْلَةِ، وَكَذَا بَيْنَ الْجَوَارِي وَأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ لِيُحْصِنَهُنَّ عَنْ الِاشْتِهَاءِ لِلزِّنَا وَالْمَيْلِ إلَى الْفَاحِشَةِ، وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٣] فَأَفَادَ أَنَّ الْعَدْلَ بَيْنَهُنَّ لَيْسَ وَاجِبًا (قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ حَقُّهَا بِمَرَّةٍ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَاعْلَمْ أَنَّ تَرْكَ جِمَاعِهَا مُطْلَقًا لَا يَحِلُّ لَهُ، صَرَّحَ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ جِمَاعَهَا أَحْيَانًا وَاجِبٌ دِيَانَةً، لَكِنْ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ وَالْإِلْزَامِ إلَّا الْوَطْأَةُ الْأُولَى وَلَمْ يُقَدِّرُوا فِيهِ مُدَّةً.

وَيَجِبُ أَنْ لَا يَبْلُغَ بِهِ مُدَّةَ الْإِيلَاءِ إلَّا بِرِضَاهَا وَطِيبِ نَفْسِهَا بِهِ. اهـ. قَالَ فِي النَّهْرِ: فِي هَذَا الْكَلَامِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْجِمَاعَ بَعْدَ الْمَرَّةِ حَقُّهُ لَا حَقُّهَا اهـ. قُلْت: فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ حَقُّهُ وَحَقُّهَا أَيْضًا، لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهُ وَاجِبٌ دِيَانَةً. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَحَيْثُ عُلِمَ أَنَّ الْوَطْءَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَسْمِ فَهَلْ هُوَ وَاجِبٌ لِلزَّوْجَةِ وَفِي الْبَدَائِعِ: لَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِالْوَطْءِ لِأَنَّ حِلَّهُ لَهَا حَقُّهَا، كَمَا أَنَّ حِلَّهَا لَهُ حَقُّهُ، وَإِذَا طَالَبَتْهُ يَجِبُ عَلَيْهِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ مَرَّةً وَالزِّيَادَةُ تَجِبُ دِيَانَةً لَا فِي الْحُكْمِ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ تَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>