للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَحِينَئِذٍ يَقْضِي الْقَاضِي بِقَدْرِهِ نَهْرٌ بَحْثًا (وَالْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ وَالْجَدِيدَةُ وَالْقَدِيمَةُ وَالْمُسْلِمَةُ وَالْكِتَابِيَّةُ سَوَاءٌ) لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ.

(وَلِلْأَمَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ) وَالْمُبَعَّضَةِ (نِصْفُ مَا لِلْحُرَّةِ) أَيْ مِنْ الْبَيْتُوتَةِ وَالسُّكْنَى مَعَهَا.

أَمَّا النَّفَقَةُ فَبِحَالِهِمَا.

(وَلَا قَسْمَ فِي السَّفَرِ) دَفْعًا لِلْحَرَجِ (فَلَهُ السَّفَرُ بِمَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ وَالْقُرْعَةُ أَحَبُّ) تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِنَّ. (وَلَوْ) (تَرَكَتْ قِسْمَهَا) بِالْكَسْرِ: أَيْ نَوْبَتَهَا (لِضَرَّتِهَا) (صَحَّ، وَلَهَا الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ) فِي الْمُسْتَقْبَلِ،

ــ

[رد المحتار]

لِأَنَّهُ لَا يَسْتَدْرِكُ الْحَقَّ فِيهِ بِالْحَبْسِ لِأَنَّهُ يَفُوتُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ اهـ أَيْ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْقَسْمَ لِلصُّحْبَةِ وَالْمُؤَانَسَةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ فِي مُدَّةِ الْحَبْسِ يَفُوتُهَا ذَلِكَ وَكَذَلِكَ عَلَّلُوا لِعَدَمِ الْحَبْسِ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى قَرِيبِهِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ فَحِينَئِذٍ يَقْضِي الْقَاضِي بِقَدْرِهِ) أَيْ مَتَى خَاصَمَتْ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ يَسْقُطُ مَا مَضَى مَعَ أَنَّ هَذَا بَعْدَ الْمُخَاصَمَةِ وَالطَّلَبِ، لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الْقَسْمَ لَا يَصِيرُ دَيْنًا، وَأَطْلَقَ الْقَدْرَ مَعَ أَنَّ فِيهِ كَلَامًا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَالْبِكْرُ إلَخْ) نَصَّ عَلَى الْأُولَيَيْنِ لِأَنَّ فِيهِمَا خِلَافَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَعَلَى الْأَخِيرَةِ لِدَفْعِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عَدَمِ مُسَاوَاةِ الْكِتَابِيَّةِ لِلْمُسْلِمَةِ بِسَبَبِ ارْتِفَاعِهَا عَلَيْهَا بِالْإِسْلَامِ، أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى قَوْلِهِ وَالْجَدِيدَةُ وَالْقَدِيمَةُ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ كَانَتْ الْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ جَدِيدَتَيْنِ بِأَنْ تَزَوَّجَهُمَا مَعًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ) أَيْ قَوْله تَعَالَى {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا} [النساء: ١٢٩] أَيْ فِي الْمَحَبَّةِ {فَلا تَمِيلُوا} [النساء: ١٢٩] فِي الْقَسْمِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وقَوْله تَعَالَى {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩] وَغَايَتُهُ الْقَسْمُ وقَوْله تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا} [النساء: ٣] وَلِإِطْلَاقِ أَحَادِيثِ النَّهْيِ وَلِأَنَّ الْقَسْمَ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ، وَلَا تَفَاوُتَ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ. وَأَمَّا مَا رُوِيَ مِنْ نَحْوِ «لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ» فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّفْضِيلُ فِي الْبُدَاءَةِ دُونَ الزِّيَادَةِ فَوَجَبَ تَقْدِيمُ الدَّلِيلِ الْقَطْعِيِّ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

وَفِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ أَنَّ الْحَدِيثَ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ التَّسْوِيَةِ، بَلْ عَلَى اخْتِيَارِ الدَّوْرِ بِالسَّبْعِ وَالثَّلَاثِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا رَوَيْنَا

(قَوْلُهُ وَلِلْأَمَةِ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ أَمَةٌ وَحُرَّةٌ فَلِلْأَمَةِ النِّصْفُ وَهَذَا إذَا بَوَّأَهَا السَّيِّدُ مَنْزِلًا، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ وَكَأَنَّهُ لِظُهُورِهِ (قَوْلُهُ أَمَّا النَّفَقَةُ) هِيَ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَاللُّبْسُ وَالْمَسْكَنُ (قَوْلُهُ فَبِحَالِهِمَا) أَيْ إنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ غَنِيَّيْنِ فَالْوَاجِبُ نَفَقَةُ الْأَغْنِيَاءِ، أَوْ فَقِيرَيْنِ فَنَفَقَةُ الْفُقَرَاءِ، أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فَالْوَسَطُ، وَهَذَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا مَرَّ، وَقَدَّمْنَا أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ وَلَا قَسْمَ فِي السَّفَرِ إلَخْ) لِأَنَّهُ لَا يَتَيَسَّرُ إلَّا بِحَمْلِهِنَّ مَعَهُ، وَفِي إلْزَامِهِ ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ مَا لَا يَخْفَى نَهْرٌ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَثِقُ بِإِحْدَاهُمَا فِي السَّفَرِ وَبِالْأُخْرَى فِي الْحَضَرِ، وَالْقَرَارِ فِي الْمَنْزِلِ لِحِفْظِ الْأَمْتِعَةِ أَوْ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ أَوْ يَمْنَعُ مِنْ السَّفَرِ إحْدَاهُمَا لِكَثْرَةِ سِمَنِهَا فَتَعَيَّنَ مَنْ يَخَافُ صُحْبَتَهَا فِي السَّفَرِ لِلسَّفَرِ لِخُرُوجِ قُرْعَتِهَا إلْزَامٌ لِلضَّرَرِ الشَّدِيدِ، وَهُوَ مُنْدَفِعٌ بِالنَّافِي لِلْحَرَجِ فَتْحٌ، وَانْظُرْ مَا لَوْ سَافَرَ بِهِنَّ هَلْ يَقْسِمُ.

(قَوْلُهُ وَالْقُرْعَةُ أَحَبُّ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مُسْتَحَقَّةٌ، لِمَا رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ» قُلْنَا كَانَ اسْتِحْبَابًا لِتَطْيِيبِ قُلُوبِهِنَّ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْفِعْلِ لَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ مَعَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ الْقَسْمُ وَاجِبًا عَلَيْهِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ، وَهَذَا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ فَتَعْيِينُ مَنْ يَخَافُ صُحْبَتَهَا إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا لَا يَلْزَمُهُ السَّفَرُ بِهَا (قَوْلُهُ صَحَّ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ بِشَرْطِ رِشْوَةٍ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا وَإِنْ بَطَلَ الشَّرْطُ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْفَتْحِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْبَاقَانِيُّ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ عَنْ حَقٍّ لَمْ يَجِبْ وَلِذَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا. وَلَا يُقَالُ إنَّهُ مِثْلُ أَخْذِ الْعِوَضِ فِي النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ، لِأَنَّ مَنْ أَجَازَهُ بِنَاءً عَلَى الْعُرْفِ وَلَا عُرْفَ هُنَا فَتَدَبَّرْ نَعَمْ ذَكَرَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُسْتَنْبَطُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمِنْ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى مَالٍ جَوَازُ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ بِالدَّرَاهِمِ وَأَنَّهُ أَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَالشَّيْخُ نُورُ الدِّينِ الدَّمِيرِيِّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالشِّيشِيُّ مِنْ الْحَنَابِلَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>