للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ مَا وَجَبَ فَمَا سَقَطَ، وَلَوْ جَعَلَتْهُ لِمُعَيَّنَةٍ هَلْ لَهُ جَعْلُهُ لِغَيْرِهَا؟ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ لَا. وَفِي الْبَحْرِ بَحْثًا نَعَمْ، وَنَازَعَهُ فِي النَّهْرِ.

(وَيُقِيمُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمًا وَلَيْلَةً) لَكِنْ إنَّمَا تَلْزَمُهُ التَّسْوِيَةُ فِي اللَّيْلِ، حَتَّى لَوْ جَاءَ لِلْأُولَى بَعْدَ الْغُرُوبِ وَلِلثَّانِيَةِ بَعْدَ الْعِشَاءِ فَقَدْ تَرَكَ الْقَسْمَ، وَلَا يُجَامِعُهَا فِي غَيْرِ نَوْبَتِهَا، وَكَذَا لَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا إلَّا لِعِيَادَتِهَا وَلَوْ اشْتَدَّ: فَفِي الْجَوْهَرَةِ: لَا بَأْسَ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا حَتَّى تُشْفَى أَوْ تَمُوتَ انْتَهَى، يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا مَنْ يُؤْنِسُهَا.

وَلَوْ مَرِضَ هُوَ فِي بَيْتِهِ دَعَا كُلًّا فِي نَوْبَتِهَا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ صَحِيحًا وَأَرَادَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ. نَهْرٌ (وَإِنْ شَاءَ ثَلَاثًا) أَيْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهَا (وَلَا يُقِيمُ عِنْدَ إحْدَاهُمَا أَكْثَرَ إلَّا بِإِذْنِ الْأُخْرَى) خَاصَّةً

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَاضْطَرَبَ فِيهِ رَأْيُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِعَدَمِهِ، وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْوَقْفِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ حَقَّهَا وَهُوَ الْقَسْمُ مَا وَجَبَ أَيْ لَمْ يَجِبْ بَعْدُ، فَمَا سَقَطَ أَيْ فَلَمْ يَسْقُطْ بِإِسْقَاطِهَا ح (قَوْلُهُ وَفِي الْبَحْرِ بَحْثًا نَعَمْ) حَيْثُ قَالَ وَلَعَلَّ الْمَشَايِخَ إنَّمَا لَمْ يَعْتَبِرُوا هَذَا التَّفْصِيلَ لِأَنَّ هَذِهِ الْهِبَةَ إنَّمَا هِيَ إسْقَاطٌ عَنْهُ فَكَانَ الْحَقُّ لَهُ سَوَاءٌ وَهَبَتْ لَهُ أَوْ لِصَاحِبَتِهَا، فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ حِصَّةَ الْوَاهِبَةِ لِمَنْ شَاءَ ح (قَوْلُهُ وَنَازَعَهُ فِي النَّهْرِ) حَيْثُ قَالَ: أَقُولُ كَوْنُ الْحَقِّ لَهُ فِيمَا إذَا وَهَبَتْ لِصَاحِبَتِهَا مَمْنُوعٌ. فَفِي الْبَدَائِعِ فِي تَوْجِيهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّهُ حَقٌّ يَثْبُتُ لَهَا فَلَهَا أَنْ تَسْتَوْفِيَ وَلَهَا أَنْ تَتْرُكَ. اهـ. ح. أَقُولُ: وَقَدْ نَقَلَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَأَقَرَّهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: وَفَرَّعُوا إذَا كَانَتْ لَيْلَةُ الْوَاهِبَةِ تَلِي لَيْلَةَ الْمَوْهُوبَةِ قَسَمَ لَهَا لَيْلَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ.

وَإِنْ كَانَتْ لَا تَلِيهَا فَهَلْ لَهُ نَقْلُهَا فَيُوَالِي لَهَا لَيْلَتَيْنِ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا الَّتِي تَلِيهَا فِي النَّوْبَةِ لِأَنَّهَا قَدْ تَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ اهـ فَمَا اسْتَظْهَرَهُ الْمُحَقِّقُ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ مَا فِي النَّهْرِ بِالْأَوْلَى

(قَوْلُهُ لَكِنْ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: لَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّ الْعَدْلَ الْوَاجِبَ فِي الْبَيْتُوتَةِ وَالتَّأْنِيسِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَضْبِطَ زَمَانَ النَّهَارِ، فَبِقَدْرِ مَا عَاشَرَ فِيهِ إحْدَاهُمَا يُعَاشِرُ الْأُخْرَى بَلْ ذَلِكَ فِي الْبَيْتُوتَةِ وَأَمَّا النَّهَارُ فَفِي الْجُمْلَةِ اهـ يَعْنِي لَوْ مَكَثَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ أَكْثَرَ النَّهَارِ كَفَاهُ أَنْ يَمْكُثَ عِنْدَ الثَّانِيَةِ وَلَوْ أَقَلَّ مِنْهُ بِخِلَافِهِ فِي اللَّيْلِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَلَا يُجَامِعُهَا فِي غَيْرِ نَوْبَتِهَا) أَيْ وَلَوْ نَهَارًا ط.

(قَوْلُهُ يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ) هَذَا التَّقْيِيدُ لِصَاحِبِ النَّهْرِ بَحْثًا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَطْلَقَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ ط (قَوْلُهُ وَلَوْ مَرِضَ هُوَ فِي بَيْتِهِ) هَذَا إذَا كَانَ لَهُ بَيْتٌ لَيْسَ فِيهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّحَوُّلِ إلَى بَيْتِ الْأُخْرَى يُقِيمُ بَعْدَ الصِّحَّةِ عِنْدَ الْأُخْرَى بِقَدْرِ مَا أَقَامَ عِنْدَ الْأُولَى مَرِيضًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَلَا يُقِيمُ عِنْدَ إحْدَاهُمَا أَكْثَرَ إلَخْ) لَمْ يُبَيِّنْ مَا لَوْ أَقَامَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ هَلْ يَهْدُرُ الزَّائِدُ أَوْ يُقِيمُ عِنْدَ الْأُخْرَى بِقَدْرِ مَا أَقَامَ عِنْدَ الْأُولَى ثُمَّ يَقْسِمُ بَيْنَهُمَا ثَلَاثَةً وَثَلَاثَةً أَوْ يَوْمًا وَيَوْمًا؛ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لِأَنَّ هَدْرَ مَا مَضَى فِيمَا إذَا أَقَامَ عِنْدَ إحْدَاهُمَا لَا عَلَى سَبِيلِ الْقَسْمِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُنَا فِي الْإِقَامَةِ عَلَى سَبِيلِ الْقَسْمِ فَلَا يَهْدُرُ شَيْءٌ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ عِنْدَ الْجَدِيدَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ يُقِيمُ عِنْدَ الْأُولَى كَذَلِكَ اهـ لَكِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ الدَّوْرَ مُسْتَمِرًّا ثَلَاثَةً أَوْ سَبْعَةً، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ فِي التَّوْفِيقِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ أَنَّ الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى اخْتِيَارِ الدَّوْرِ بِالسَّبْعِ أَوْ الثَّلَاثِ تَأَمَّلْ.

وَعَنْ هَذَا نَقَلَ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَالسِّرَاجِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ امْرَأَتِهِ ثَلَاثَةً أَوْ سَبْعَةً وَعِنْدَ أُخْرَى كَذَلِكَ. اهـ. وَاَلَّذِي فِي الْخَانِيَّةِ هُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ يَكُونُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَعَلَ. وَرُوِيَ عَنْ الْأَشْعَثِ عَنْ الْحَكَمِ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لِأُمِّ سَلَمَةَ حِينَ دَخَلَ بِهَا إنْ شِئْت سَبْعَةً لَك وَسَبْعَةً لَهُنَّ» اهـ وَمُقْتَضَى رِوَايَتِهِ الْحَدِيثَ أَنَّ لَهُ التَّسْبِيعَ، بَلْ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ إنْ شَاءَ ثَلَّثَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>