للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ أَرْضَعَهَا أَكْثَرُ أَهْلِ قَرْيَةٍ ثُمَّ لَمْ يُدْرَ مَنْ أَرْضَعَهَا فَأَرَادَ أَحَدُهُمْ تَزَوُّجَهَا، إنْ لَمْ تَظْهَرْ عَلَامَةٌ وَلَمْ يُشْهَدْ بِذَلِكَ جَازَ خَانِيَّةٌ (أُمُومِيَّةُ الْمُرْضِعَةِ لِلرَّضِيعِ، وَ) يَثْبُتُ (أُبُوَّةُ زَوْجِ مُرْضِعَةٍ) إذَا كَانَ (لَبَنُهَا مِنْهُ) (لَهُ) وَإِلَّا لَا كَمَا سَيَجِيءُ.

(فَيَحْرُمُ مِنْهُ) أَيْ بِسَبَبِهِ (مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ إحْدَى وَعِشْرِينَ صُورَةً وَجَمَعَهَا فِي قَوْلِهِ:

يُفَارِقُ النَّسَبُ الْإِرْضَاعَ فِي صُوَرٍ ... كَأُمِّ نَافِلَةٍ أَوْ جَدَّةِ الْوَلَدِ

ــ

[رد المحتار]

وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُرْضِعَ صَبِيًّا بِلَا إذْنِ زَوْجِهَا إلَّا إذَا خَافَتْ هَلَاكَهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ لَمْ يَدْرِ) أَيْ لَمْ يَدْرِ مَنْ أَرْضَعَهَا مِنْهُمْ فَلَا بُدَّ أَنْ تُعْلِمَ الْمُرْضِعَةُ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَظْهَرْ عَلَامَةٌ) لَمْ أَرَ مَنْ فَسَّرَهَا. وَيُمْكِنُ أَنْ تُمَثَّلَ بِتَرَدُّدِ الْمَرْأَةِ ذَاتِ اللَّبَنِ عَلَى الْمَحَلِّ الَّذِي فِيهِ الصَّبِيَّةُ أَوْ كَوْنُهَا سَاكِنَةً فِيهِ فَإِنَّهُ أَمَارَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى الْإِرْضَاعِ ط (قَوْلُهُ وَلَمْ يُشْهَدْ بِذَلِكَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ نَائِبُ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ جَازَ) هَذَا مِنْ بَابِ الرُّخْصَةِ كَيْ لَا يَنْسَدَّ بَابُ النِّكَاحِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ خَارِجَةٌ عَنْ قَاعِدَةِ: الْأَصْلُ فِي الْإِرْضَاعِ التَّحْرِيمُ، وَمِثْلُهَا مَا لَوْ اخْتَلَطَتْ الرَّضِيعَةُ بِنِسَاءٍ يُحْصَرْنَ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى إخْرَاجِهَا لِأَنَّ سَبَبَ الْحُرْمَةِ غَيْرُ مُتَحَقَّقٍ فِيهَا؛ كَذَا أَفَادَهُ فِي الْأَشْبَاهِ (قَوْلُهُ أُمُومِيَّةُ) بِالرَّفْعِ فَاعِلُ يَثْبُتُ.

قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَالْأُمُومَةُ مَصْدَرٌ هُوَ كَوْنُ الشَّخْصِ أُمًّا. اهـ. (قَوْلُهُ وَأُبُوَّةُ زَوْجِ مُرْضِعَةٍ لَبَنُهَا مِنْهُ) الْمُرَادُ بِهِ اللَّبَنُ الَّذِي نَزَلَ مِنْهَا بِسَبَبِ وِلَادَتِهَا مِنْ رَجُلٍ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ فَلَيْسَ الزَّوْجُ قَيْدًا بَلْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ بَحْرٌ. وَأَمَّا إذَا كَانَ اللَّبَنُ مِنْ زِنًا فَفِيهِ خِلَافٌ سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ؛ وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ لَهُ) أَيْ لِلرَّضِيعِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْأُبُوَّةِ ح أَيْ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ مَعْنَاهُ كَوْنُهُ أَبًا ط (قَوْلُهُ كَمَا سَيَجِيءُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ طَلَّقَ ذَاتَ لَبَنٍ ح

(قَوْلُهُ أَيْ بِسَبَبِهِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ مِنْ بِمَعْنَى بَاءِ السَّبَبِيَّةِ ط (قَوْلُهُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ) مَعْنَاهُ أَنَّ الْحُرْمَةَ بِسَبَبِ الرَّضَاعِ مُعْتَبَرَةٌ بِحُرْمَةِ النَّسَبِ، فَشَمِلَ زَوْجَةَ الِابْنِ وَالْأَبِ مِنْ الرَّضَاعِ لِأَنَّهَا حَرَامٌ بِسَبَبِ النَّسَبِ فَكَذَا بِسَبَبِ الرَّضَاعِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ بَحْرٌ.

وَقَدْ اسْتَشْكَلَ فِي الْفَتْحِ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى تَحْرِيمِهَا بِالْحَدِيثِ لِأَنَّ حُرْمَتَهَا بِسَبَبِ الصِّهْرِيَّةِ لَا النَّسَبِ " وَمُحَرَّمَاتُ النَّسَبِ هِيَ السَّبْعُ الْمَذْكُورَةُ فِي آيَةِ التَّحْرِيمِ، بَلْ قَيْدُ الْأَصْلَابِ فِيهَا يُخْرِجُ حَلِيلَةَ الْأَبِ وَالِابْنِ مِنْ الرَّضَاعِ فَيُفِيدُ حِلَّهَا وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ، لَكِنْ فِيهِ تَغْيِيرٌ اقْتَضَاهُ تَرْكِيبُ الْمَتْنِ وَهُوَ زِيَادَةُ الْفَاءِ وَوَضْعُ الْمُضْمَرِ مَوْضِعَ الظَّاهِرِ، وَأَصْلُهُ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» ح وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ رِوَايَةُ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى لِلْعَارِفِ، عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَقْصِدْ رِوَايَةَ الْحَدِيثِ ط (قَوْلُهُ يُفَارِقُ النَّسَبَ الْإِرْضَاعُ) بِنَصْبِ النَّسَبِ وَرَفْعِ الْإِرْضَاعِ ح وَلَعَلَّهُ إنَّمَا نُسِبَتْ إلَيْهِ الْمُفَارَقَةُ وَإِنْ كَانَ مُفَاعَلَةً مِنْ الْجَانِبَيْنِ لِأَنَّهُ الْفَرْعُ وَالنَّسَبُ هُوَ الْأَصْلُ الْمُعْتَبَرُ فِي التَّحْرِيمِ، وَالْمُفَارَقَةُ غَالِبًا تَكُونُ مِنْ الْعَارِضِ ط (قَوْلُهُ فِي صُوَرٍ) أَيْ سَبْعٍ، وَإِنَّمَا كَانَتْ إحْدَى وَعِشْرِينَ بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِ الرَّضَاعِ بِالْمُضَافِ أَوْ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَوْ بِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ. وَلَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْبَيْتَيْنِ سِتُّ صُوَرٍ، فَإِنَّ قَوْلَهُ وَأُمُّ أَخٍ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ وَأُمُّ أُخْتٍ إذْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ كَذَلِكَ، فَإِنَّ أُخْتَ الْبِنْتِ مِثْلُ أُخْتِ الِابْنِ وَأُمَّ الْخَالَةِ مِثْلُ أُمِّ الْخَالِ، وَقِسْ عَلَيْهِ ح.

(قَوْلُهُ كَأُمٍّ نَافِلَةٍ) أَشَارَ بِالْكَافِ إلَى عَدَمِ الْحَصْرِ فِي ذَلِكَ؛ لِمَا قَالَ فِي الْفَتْحِ: إنَّ الْمُحَرَّمَ فِي الرَّضَاعِ وُجُودُ الْمَعْنَى الْمُحَرَّمِ فِي النَّسَبِ، فَإِذَا انْتَفَى فِي شَيْءٍ مِنْ صُوَرِ الرَّضَاعِ انْتَفَتْ الْحُرْمَةُ، فَيُسْتَفَادُ أَنَّهُ لَا حَصْرَ فِيمَا ذُكِرَ اهـ فَافْهَمْ. وَالنَّافِلَةُ الزِّيَادَةُ تُطْلَقُ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ لِزِيَادَتِهِ عَلَى الْوَلَدِ الصُّلْبِيِّ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ كُلَّ صُورَةٍ مِنْ هَذِهِ السَّبْعِ تَتَفَرَّعُ إلَى ثَلَاثِ صُوَرٍ، فَوَلَدُ وَلَدِك إذَا كَانَ نَسَبِيًّا وَلَهُ أُمٌّ مِنْ الرَّضَاعِ تَحِلُّ لَك، بِخِلَافِ أُمِّهِ مِنْ النَّسَبِ لِأَنَّهَا حَلِيلَةُ ابْنِك، وَإِنْ كَانَ رَضَاعِيًّا بِأَنْ رَضَعَ مِنْ زَوْجَةِ ابْنِك وَلِهَذَا الرَّضِيعُ أُمٌّ نَسَبِيَّةٌ أَوْ رَضَاعِيَّةٌ أُخْرَى تَحِلُّ لَك (قَوْلُهُ أَوْ جَدَّةُ الْوَلَدِ) صَادِقٌ بِأَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ رَضَاعِيًّا بِأَنْ رَضَعَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>