بِنَوْعَيْهِ (مَعَ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ) وَلَوْ (قَبْلَهُمَا) لِأَنَّ حَقَّ التَّرْبِيَةِ لَهَا جَوْهَرَةٌ
(وَيَثْبُتُ بِهِ) وَلَوْ بَيْنَ الْحَرْبِيِّينَ بَزَّازِيَّةٌ (وَإِنْ قَلَّ) إنْ عُلِمَ وُصُولُهُ لِجَوْفِهِ مِنْ فَمِهِ أَوْ أَنْفِهِ لَا غَيْرُ، فَلَوْ الْتَقَمَ الْحَلَمَةَ وَلَمْ يُدْرَ أَدَخَلَ اللَّبَنُ فِي حَلْقِهِ أَمْ لَا لَمْ يَحْرُمْ لِأَنَّ فِي الْمَانِعِ شَكًّا وَلْوَالَجِيَّةٌ.
ــ
[رد المحتار]
اسْتِخْدَامَهَا بِمَا أَرَادَ (قَوْلُهُ بِنَوْعَيْهِ) أَيْ الْإِجْبَارِ عَلَى الْفِطَامِ وَعَلَى الْإِرْضَاعِ (قَوْلُهُ مَعَ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ) أَمَّا زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ فَالْحَقُّ لِسَيِّدِهَا وَإِنْ شَرَطَ الزَّوْجُ حُرِّيَّةَ الْأَوْلَادِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَبْلَهُمَا) أَيْ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ، وَهَذَا التَّعْمِيمُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ زِيَادَةِ " لَوْ " صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَدَمِ الْإِجْبَارِ عَلَى الرَّضَاعِ: أَيْ لَيْسَ لَهُ إجْبَارُهَا عَلَيْهِ فِي الْقَضَاءِ مَا لَمْ تَتَعَيَّنْ لِذَلِكَ فِي الْمُدَّةِ بِأَنْ لَمْ يَأْخُذْ ثَدْيَ غَيْرِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ وَلَا لِلصَّغِيرِ مَالٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْحَضَانَةِ وَالنَّفَقَةِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّوْعِ الْآخَرِ وَهُوَ عَدَمُ الْإِجْبَارِ عَلَى الْفِطَامِ فَإِنَّمَا يَصِحُّ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ، وَأَمَّا بَعْدَهُمَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجْبِرُهَا عَلَى الْفِطَامِ، لِمَا أَنَّ الْإِرْضَاعَ بَعْدَهُمَا حَرَامٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مُدَّتَهُ الْحَوْلَانِ تَأَمَّلْ ح بِزِيَادَةٍ.
قُلْت: وَمَا اسْتَظْهَرَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ فِيهِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ بَيْنَ الْحَرْبِيِّينَ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالرَّضَاعُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَدَارُ الْحَرْبِ سَوَاءٌ، حَتَّى إذَا رَضَعَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَأَسْلَمُوا وَخَرَجُوا إلَى دَارِنَا تَثْبُتُ أَحْكَامُ الرَّضَاعِ فِيمَا بَيْنَهُمْ. اهـ. ح (قَوْلُهُ وَإِنْ قَلَّ) أَشَارَ بِهِ إلَى نَفْيِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ إلَّا بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ مُشْبِعَاتٍ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ» وَقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخَ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْجَوَابُ أَنَّ التَّقْدِيرَ مَنْسُوخٌ صَرَّحَ بِنَسْخِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قِيلَ: لَهُ إنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ لَا بَأْسَ بِالرَّضْعَةِ وَالرَّضْعَتَيْنِ، فَقَالَ قَضَاءُ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ قَضَائِهِ. قَالَ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣] فَهَذَا إمَّا أَنْ يَكُونَ رَدًّا لِلرِّوَايَةِ بِنَسْخِهَا أَوْ لِعَدَمِ صِحَّتِهَا أَوْ لِعَدَمِ إجَازَتِهِ تَقْيِيدَ إطْلَاقِ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْهِدَايَةِ إنَّهُ مَرْدُودٌ بِالْكِتَابِ أَوْ مَنْسُوخٌ بِهِ. وَأَمَّا مَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ فَالْمُرَادُ بِهِ نَسْخُ الْكُلِّ نَسْخًا قَرِيبًا، حَتَّى إنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا وَإِلَّا لَزِمَ ضَيَاعُ بَعْضِ الْقُرْآنِ كَمَا تَقُولُهُ الرَّوَافِضُ، وَمَا قِيلَ لَيُكْرَهُ نَسْخُ التِّلَاوَةِ مَعَ بَقَاءِ الْحُكْمِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ ادِّعَاءَ بَقَاءِ حُكْمِهِ بَعْدَ نَسْخِهِ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ، وَتَمَامُ ذَلِكَ مَبْسُوطٌ فِي الْفَتْحِ وَالتَّبْيِينِ وَغَيْرِهِمَا.
[تَنْبِيهٌ]
نَقَلَ ط عَنْ الْخَيْرِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ قَضَى الشَّافِعِيُّ بِعَدَمِ الْحُرْمَةِ بِرَضْعَةٍ نَفَذَ حُكْمُهُ، وَإِذَا رُفِعَ إلَى حَنَفِيٍّ أَمْضَاهُ اهـ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا غَيْرُ) يَأْتِي مُحْتَرَزُهُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَالِاحْتِقَانُ وَالْإِقْطَارُ فِي أُذُنٍ وَجَائِفَةٍ وَآمَّةٍ (قَوْلُهُ فَلَوْ الْتَقَمَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ إنْ عَلِمَ. وَفِي الْقُنْيَةِ: امْرَأَةٌ كَانَتْ تُعْطِي ثَدْيَهَا صَبِيَّةً وَاشْتَهَرَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ تَقُولُ لَمْ يَكُنْ فِي ثَدْيِي لَبَنٌ حِينَ أَلْقَمْتهَا ثَدْيٍ وَلَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا جَازَ لِابْنِهَا أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَذِهِ الصَّبِيَّةِ. اهـ. ط. وَفِي الْفَتْحِ: لَوْ أَدْخَلَتْ الْحَلَمَةَ فِي فِي الصَّبِيِّ وَشَكَّتْ فِي الِارْتِضَاعِ لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِالشَّكِّ.
ثُمَّ قَالَ: وَالْوَاجِبُ عَلَى النِّسَاءِ أَنْ لَا يُرْضِعْنَ كُلَّ صَبِيٍّ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَإِذَا أَرْضَعْنَ فَلْيَحْفَظْنَ ذَلِكَ وَلْيُشْهِرْنَهُ وَيَكْتُبْنَهُ احْتِيَاطًا اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute