أَمَّا لُزُومُ أَجْرِ الرَّضَاعِ لِلْمُطَلَّقَةِ فَمُقَدَّرٌ بِحَوْلَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ (وَيَثْبُتُ التَّحْرِيمُ) فِي الْمُدَّةِ فَقَطْ وَلَوْ (بَعْدَ الْفِطَامِ وَالِاسْتِغْنَاءِ بِالطَّعَامِ عَلَى) ظَاهِرِ (الْمَذْهَبِ) وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَتْحٌ وَغَيْرُهُ. قَالَ فِي الْمُصَنَّفِ كَالْبَحْرِ: فَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّ الْفَتْوَى مَتَى اخْتَلَفَتْ رَجَحَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (وَلَمْ يُبَحْ الْإِرْضَاعُ بَعْدَ مَوْتِهِ) لِأَنَّهُ جَزْءُ آدَمِيٍّ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ حَرَامٌ عَلَى الصَّحِيحِ شَرْحُ الْوَهْبَانِيَّةِ. وَفِي الْبَحْرِ: لَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، أَصْلُهُ بَوْلُ الْمَأْكُولِ كَمَا مَرَّ.
(وَلِلْأَبِ إجْبَارُ أَمَتِهِ عَلَى فِطَامِ وَلَدِهَا مِنْهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ) أَيْ الْوَلَدَ (الْفِطَامُ) ، (كَمَا لَهُ) أَيْضًا (إجْبَارُهَا) أَيْ أَمَتِهِ (عَلَى الْإِرْضَاعِ، وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ) يَعْنِي الْإِجْبَارَ
ــ
[رد المحتار]
لَا رَضَاعَ بَعْدَ التَّمَامِ.
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا} [البقرة: ٢٣٣] فَإِنَّ مَا هُوَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ بِدَلِيلِ تَقْيِيدِهِ بِالتَّرَاضِي وَالتَّشَاوُرِ، وَبَعْدَهُمَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِمَا. وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ لِلْإِمَامِ وقَوْله تَعَالَى {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: ١٥]- بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُدَّةَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا مَرَّ، فَقَدْ رَجَعَ إلَى الْحَقِّ فِي بَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْ أَنَّ الثَّلَاثِينَ لَهُمَا لِلْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَالْعَامَانِ لِلْفِصَالِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَمَّا لُزُومُ أَجْرِ الرَّضَاعِ إلَخْ) وَكَذَا وُجُوبُ الْإِرْضَاعِ عَلَى الْأُمِّ دِيَانَةً نَهْرٌ عَنْ الْمُجْتَبَى (قَوْلُهُ فِي الْمُدَّةِ فَقَطْ) أَمَّا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ إنْ فُطِمَ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَاسْتَغْنَى بِالطَّعَامِ لَمْ يَكُنْ رَضَاعًا وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْفَتْوَى إلَخْ) وَلِأَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُبَحْ الْإِرْضَاعُ بَعْدَ مُدَّتِهِ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الزَّيْلَعِيُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ بَحْرٌ، لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُحِيطِ: لَوْ اسْتَغْنَى فِي حَوْلَيْنِ حَلَّ الْإِرْضَاعُ بَعْدَهُمَا إلَى نِصْفٍ وَلَا تَأْثَمُ عِنْدَ الْعَامَّةِ خِلَافًا لِخَلَفِ بْنِ أَيُّوبَ اهـ وَنَقَلَ أَيْضًا قَبْلَهُ عَنْ إجَارَةِ الْقَاعِدِيِّ أَنَّهُ وَاجِبٌ إلَى الِاسْتِغْنَاءِ، وَمُسْتَحَبٌّ إلَى حَوْلَيْنِ، وَجَائِزٌ إلَى حَوْلَيْنِ وَنِصْفٍ اهـ.
قُلْت: قَدْ يُوَفَّقُ بِحَمْلِ الْمُدَّةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَوْلَيْنِ وَنِصْفٍ بِقَرِينَةِ أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ ذَكَرَهُ بَعْدَهَا، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْعَامَّةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَفِي الْبَحْرِ) عِبَارَتُهُ: وَعَلَى هَذَا أَيْ الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِلتَّدَاوِي. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَأَهْلُ الطِّبِّ يُثْبِتُونَ لِلَبَنِ الْبِنْتِ أَيْ الَّذِي نَزَلَ بِسَبَبِ بِنْتٍ مُرْضِعَةٍ نَفْعًا لِوَجَعِ الْعَيْنِ. وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، قِيلَ لَا يَجُوزُ، وَقِيلَ يَجُوزُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَزُولُ بِهِ الرَّمَدُ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَقِيقَةَ الْعِلْمِ مُتَعَذِّرَةٌ، فَالْمُرَادُ إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ وَإِلَّا فَهُوَ مَعْنَى الْمَنْعِ اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ لَا يَجُوزُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، أَصْلُهُ بَوْلُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَإِنَّهُ لَا يُشْرَبُ أَصْلًا. اهـ. (قَوْلُهُ بِالْمُحَرَّمِ) أَيْ الْمُحَرَّمُ اسْتِعْمَالُهُ طَاهِرًا كَانَ أَوْ نَجَسًا ح (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ قُبَيْلَ فَصْلِ الْبِئْرِ حَيْثُ قَالَ: فَرْعٌ اُخْتُلِفَ فِي التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ. وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْمَنْعُ كَمَا فِي إرْضَاعٍ الْبَحْرِ، لَكِنْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ ثَمَّةَ وَهُنَا عَنْ الْحَاوِي: وَقِيلَ يُرَخَّصُ إذَا عَلِمَ فِيهِ الشِّفَاءَ وَلَمْ يَعْلَمْ دَوَاءً آخَرَ كَمَا خُصَّ الْخَمْرُ لِلْعَطْشَانِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ. ح
قُلْت: لَفْظُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى رَأَيْته فِي نُسْخَتَيْنِ مِنْ الْمِنَحِ بَعْدَ الْقَوْلِ الثَّانِي كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ كَمَا عَلِمْته، وَكَذَا رَأَيْته فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ، فَعُلِمَ أَنَّ مَا فِي نُسْخَةِ ط تَحْرِيفٌ فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ وَلِلْأَبِ إجْبَارُ أَمَتِهِ إلَخْ) لِأَنَّهَا لَا حَقَّ لَهَا فِي التَّرْبِيَةِ فِي حَالِ رِقِّهَا. بَلْ الْحَقُّ لَهُ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لَهُ رَحْمَتِيٌّ. قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ لِلْمَوْلَى إجْبَارَهَا أَيْضًا وَإِنْ شَرَطَ الزَّوْجُ حُرِّيَّةَ الْأَوْلَادِ لِأَنَّ الرَّضَاعَ يُهْزِلُهَا وَيَشْغَلُهَا عَنْ خِدْمَتِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْإِرْضَاعِ) الْإِطْلَاقُ شَامِلٌ لِوَلَدِهِ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَلِوَلَدِ أَجْنَبِيٍّ بِأُجْرَةٍ أَوْ بِدُونِهَا لِأَنَّ لَهُ