لِتَضَمُّنِهَا حَقَّ الْعَبْدِ (وَهَلْ يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُهُ عَلَى دَعْوَى الْمَرْأَةِ؛ الظَّاهِرُ لَا) لِتَضَمُّنِهَا حُرْمَةَ الْفَرْجِ وَهِيَ مِنْ حُقُوقِهِ تَعَالَى (كَمَا فِي الشَّهَادَةِ بِطَلَاقِهَا) . وَلَوْ شَهِدَ عِنْدَهَا عَدْلَانِ عَلَى الرَّضَاعِ بَيْنَهُمَا أَوْ طَلَاقِهَا ثَلَاثًا وَهُوَ يَجْحَدُ ثُمَّ مَاتَا أَوْ غَابَا قَبْلَ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي لَا يَسَعُهَا الْمُقَامُ مَعَهُ وَلَا قَتْلُهُ بِهِ يُفْتَى، وَلَا التَّزَوُّجُ بِآخَرَ. وَقِيلَ لَهَا التَّزَوُّجُ دِيَانَةً شَرْحٌ وَهْبَانِيَّةٌ.
[فُرُوعٌ] :
قَضَى الْقَاضِي بِالتَّفْرِيقِ بِرَضَاعٍ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ لَمْ يَنْفُذْ. مَصَّ رَجُلٌ ثَدْيَ زَوْجَتِهِ لَمْ تَحْرُمْ. تَزَوَّجَ صَغِيرَتَيْنِ فَأَرْضَعَتْ كُلًّا امْرَأَةٌ وَلَبَنُهُمَا مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَضْمَنَا وَإِنْ تَعَمَّدَتَا الْفَسَادَ لِعُرُوضِهِ بِالْأُخْتِيَّةِ قَبَّلَ الِابْنُ زَوْجَةَ أَبِيهِ وَقَالَ: تَعَمَّدْت الْفَسَادَ غَرِمَ الْمَهْرَ.
ــ
[رد المحتار]
الْمُرْضِعَةُ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ شَهَادَتِهَا عَلَى فِعْلِ نَفْسِهَا لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِي ذَلِكَ كَشَهَادَةِ الْقَاسِمِ وَالْوَزَّانِ وَالْكَيَّالِ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ حَيْثُ كَانَ حَاضِرًا بَحْرٌ.
قُلْت: وَمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ عَنْ النُّتَفِ مِنْ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ؛ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ إذَا كَانَتْ وَحْدَهَا احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَإِنْ أَوْهَمَ نَظْمُ الْوَهْبَانِيَّةِ خِلَافَ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِتَضَمُّنِهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ حَقَّ الْعَبْدِ أَيْ إبْطَالَ حَقِّهِ وَهُوَ حِلُّ التَّمَتُّعِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ أَيْ إنْ لَمْ تُوجَدْ الْمُتَارَكَةُ لِمَا فِي النَّهْرِ: الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَنَا كَمَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي اللِّعَانِ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَرْتَفِعُ بِحُرْمَةِ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ بَلْ يَفْسُدُ، حَتَّى لَوْ وَطِئَهَا قَبْلَ التَّفْرِيقِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ اشْتَبَهَ الْأَمْرُ أَوْ لَمْ يَشْتَبِهْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ وَفِي الْفَاسِدِ لَا بُدَّ مِنْ تَفْرِيقِ الْقَاضِي أَوْ الْمُتَارَكَةِ بِالْقَوْلِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا، وَفِي غَيْرِهَا يُكْتَفَى بِالْمُفَارَقَةِ بِالْأَبْدَانِ كَمَا مَرَّ. اهـ.
(قَوْلُهُ الظَّاهِرُ لَا) كَذَا اسْتَظْهَرَهُ فِي الْبَحْرِ مُسْتَنِدًا لِمَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورَةِ، وَمِثْلُهَا الشَّهَادَةُ بِعِتْقِ الْأَمَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةَ عَشْرَ الَّتِي تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِيهَا حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى، وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي قَضَاءِ الْأَشْبَاهِ فَتُزَادُ هَذِهِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ ثُمَّ مَاتَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (قَوْلُهُ لَا يَسَعُهَا الْمُقَامُ مَعَهُ) لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ لَوْ قَامَتْ عِنْدَ الْقَاضِي يَثْبُتُ الرَّضَاعُ فَكَذَا إذَا أَقَامَتْ عِنْدَهَا خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَهَا التَّزَوُّجُ دِيَانَةً) أَشَارَ إلَى ضَعْفِهِ، لِمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ عَنْ الْقُنْيَةِ عَنْ الْعَلَاءِ التَّرْجُمَانِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ. اهـ. وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ فِي آخِرِ بَابِ الرَّجْعَةِ فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ قَضَى الْقَاضِي) أَيْ الْمُجْتَهِدُ أَوْ الْمُقَلِّدُ كَمَالِكِيٍّ.
(قَوْلُهُ لَمْ يَنْفُذْ) لِأَنَّهُ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا يُسَوَّغُ فِيهَا الِاجْتِهَادُ وَهِيَ نَيِّفٌ وَثَلَاثُونَ مَذْكُورَةٌ فِي قَضَاءِ الْأَشْبَاهِ (قَوْلُهُ مَصَّ رَجُلٌ) قَيَّدَ بِهِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَبَنُهُمَا مِنْ رَجُلٍ) أَيْ وَاحِدٍ، وَقَيَّدَ بِهِ لِيُتَصَوَّرَ التَّحْرِيمُ بَيْنَ الصَّغِيرَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ لِأَبٍ رَضَاعًا أَمَّا لَوْ كَانَ لَبَنُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ رَجُلٍ لَمْ تَحْرُمْ الصَّغِيرَتَانِ، وَالْمُرَادُ بِالرَّجُلِ غَيْرُ الزَّوْجِ، إذْ لَوْ كَانَ لَبَنُهُمَا مِنْ الزَّوْجِ فَفِي الْفَتْحِ أَنَّ الصَّوَابَ وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّ كُلًّا أَفْسَدَتْ، لِصَيْرُورَةِ كُلِّ صَغِيرَةٍ بِنْتًا لَهُ، خِلَافًا لِمَنْ حَرَّفَ الْمَسْأَلَةَ وَقَالَ لَبَنُهُمَا مِنْهُ بَدَلَ قَوْلِهِ مِنْ رَجُلٍ اهـ (قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنَا إلَخْ) بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ ضَرَّتَهَا مُتَعَمِّدَةً الْفَسَادَ حَيْثُ ضَمِنَتْ لِأَنَّ فِعْلَ الْكَبِيرَةِ هُنَاكَ مُسْتَقِلٌّ بِالْإِفْسَادِ فَيُضَافُ الْإِفْسَادُ إلَيْهَا، أَمَّا هُنَا فَفِعْلُ كُلٍّ مِنْ الْكَبِيرَتَيْنِ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِهَا فَلَا يُضَافُ إلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْفَسَادَ بِاعْتِبَارِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ مِنْهُمَا، بِخِلَافِ الْحُرْمَةِ هُنَاكَ لِأَنَّهُ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ وَهُوَ يَقُومُ بِالْكَبِيرَةِ فَتْحٌ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ غَرِمَ الْمَهْرَ) أَيْ يَجِبُ الْمَهْرُ عَلَى الْأَبِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الِابْنِ وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْهِنْدِيَّةِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ، وَقَيَّدَهَا بِمَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ مُكْرَهَةً وَصَدَّقَ الزَّوْجُ أَنَّ التَّقْبِيلَ بِشَهْوَةٍ لِتَقَعَ الْفُرْقَةُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لَهُ. اهـ. وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مُطَاوِعَةً فَلَا مَهْرَ لَهَا لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا ثُمَّ يَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute