للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالْمَجْنُونُ) إلَّا إذَا عَلَّقَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ فَوُجِدَ الشَّرْطُ، أَوْ كَانَ عِنِّينًا أَوْ مَجْبُوبًا أَوْ أَسْلَمَتْ وَهُوَ كَافِرٌ وَأَبَى أَبَوَاهُ الْإِسْلَامَ وَقَعَ الطَّلَاقُ أَشْبَاهٌ

(وَالصَّبِيُّ) وَلَوْ مُرَاهِقًا أَوْ أَجَازَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ، أَمَّا لَوْ قَالَ: أَوْقَعْته وَقَعَ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ إيقَاعٍ وَجَوَّزَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدَ (وَالْمَعْتُوهُ) مِنْ الْعَتَهِ، وَهُوَ اخْتِلَالٌ فِي الْعَقْلِ (وَالْمُبَرْسَمِ) مِنْ الْبِرْسَامِ بِالْكَسْرِ عِلَّةٌ كَالْجُنُونِ (وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ) هُوَ لُغَةً الْمَغْشِيُّ (وَالْمُدْهَشُ) فَتْحٌ. وَفِي الْقَامُوسِ: دَهَشَ الرَّجُلُ تَحَيَّرَ وَدُهِشَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَهُوَ مَدْهُوشٌ وَأَدْهَشَهُ اللَّهُ (وَالنَّائِمُ) لِانْتِفَاءِ الْإِرَادَةِ، وَلِذَا لَا يَتَّصِفُ بِصِدْقٍ وَلَا كَذِبٍ وَلَا خَبَرٍ وَلَا إنْشَاءٍ

ــ

[رد المحتار]

فَيُمْكِنُ الْعَبْدُ أَنْ لَا يَقْبَلَ فَلَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِ الْوَلِيِّ، أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ وَالْمَجْنُونُ) قَالَ فِي التَّلْوِيحِ: الْجُنُونُ اخْتِلَالُ الْقُوَّةِ الْمُمَيِّزَةِ بَيْنَ الْأُمُورِ الْحَسَنَةِ وَالْقَبِيحَةِ الْمُدْرِكَةِ لِلْعَوَاقِبِ، بِأَنْ لَا تَظْهَرَ آثَارُهُ وَتَتَعَطَّلُ أَفْعَالُهَا، إمَّا لِنُقْصَانِ جَبَلٍ عَلَيْهِ دِمَاغُهُ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ، وَإِمَّا لِخُرُوجِ مِزَاجِ الدِّمَاغِ عَنْ الِاعْتِدَالِ بِسَبَبِ خَلْطٍ أَوْ آفَةٍ، وَإِمَّا لِاسْتِيلَاءِ الشَّيْطَانِ عَلَيْهِ وَإِلْقَاءِ الْخَيَالَاتِ الْفَاسِدَةِ إلَيْهِ بِحَيْثُ يَفْرَحُ وَيَفْزَعُ مِنْ غَيْرِ مَا يَصْلُحُ سَبَبًا. اهـ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ عَرَفَ أَنَّهُ كَانَ مَجْنُونًا فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: طَلَّقْتَنِي الْبَارِحَةَ فَقَالَ: أَصَابَنِي الْجُنُونُ وَلَا يَعْرِفُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ إلَّا إذَا عَلَّقَ عَاقِلًا إلَخْ) كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَدَخَلَهَا مَجْنُونًا بِخِلَافِ إنْ جُنِنْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَجُنَّ لَمْ يَقَعْ، كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ نِكَاحِ الْكَافِرِ، فَالْمُرَادُ إذَا عَلَّقَ عَلَى غَيْرِ جُنُونِهِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ عِنِّينًا) أَيْ وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ بِطَلَبِهَا بَعْدَ تَأْجِيلِهِ سَنَةً لِأَنَّ الْجُنُونَ لَا يُعْدِمُ الشَّهْوَةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ أَوْ مَجْبُوبًا) أَيْ وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا فِي الْحَالِ بِطَلَبِهَا (قَوْلُهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ) جَوَابُ إذَا وَوُقُوعُهُ الْمَسَائِلَ الْأَرْبَعَ لِلْحَاجَةِ، وَدَفْعُ الضَّرَرِ لَا يُنَافِي عَدَمَ أَهْلِيَّتِهِ لِلطَّلَاقِ فِي غَيْرِهَا كَمَا مَرَّ تَحْقِيقُهُ فِي بَابِ نِكَاحِ الْكَافِرِ.

(قَوْلُهُ وَالصَّبِيُّ) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ مَجْبُوبًا وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَوْ أَسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ فَعُرِضَ الْإِسْلَامُ عَلَيْهِ مُمَيِّزًا فَأَبَى وَقَعَ الطَّلَاقُ رَمْلِيٌّ. قَالَ: وَقَدْ أَفْتَيْت بِعَدَمِ وُقُوعِهِ فِيمَا إذَا زَوَّجَهُ أَبُوهُ امْرَأَةً وَعَلَّقَ عَلَيْهِ مَتَى تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى عَلَيْهِ فَكَذَا فَكَبِرَ فَتَزَوَّجَ عَالِمًا بِالتَّعْلِيقِ أَوَّلًا. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ أَجَازَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ) لِأَنَّهُ حِينَ وُقُوعِهِ وَقَعَ بَاطِلًا وَالْبَاطِلُ لَا يُجَازَ ط (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ إيقَاعٍ) لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي أَوْقَعْته رَاجِعٌ إلَى جِنْسِ الطَّلَاقِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ أَوْقَعْت ذَلِكَ الطَّلَاقَ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَوْقَعْت الَّذِي تَلَفَّظْته فَإِنَّهُ إشَارَةٌ إلَى الْمُعَيَّنِ الَّذِي حُكِمَ بِبُطْلَانِهِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْفًا ثُمَّ قَالَ: ثَلَاثًا عَلَيْك وَالْبَاقِي عَلَى ضَرَّاتِك، فَإِنَّ الزَّائِدَ عَلَى الثَّلَاثِ مُلْغًى أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ وَجَوَّزَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ) أَيْ إذَا كَانَ مُمَيِّزًا يَعْقِلُهُ بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ زَوْجَتَهُ تَبِينُ مِنْهُ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مُتُونِ مَذْهَبِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ مِنْ الْعَتَهِ) بِالتَّحْرِيكِ مِنْ بَابِ تَعِبَ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ اخْتِلَالٌ فِي الْعَقْلِ) هَذَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ تَعْرِيفًا لِلْجُنُونِ وَقَالَ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَعْتُوهُ. وَأَحْسَنُ الْأَقْوَالِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَعْتُوهَ هُوَ الْقَلِيلُ الْفَهْمِ الْمُخْتَلِطُ الْكَلَامِ الْفَاسِدِ التَّدْبِيرِ، لَكِنْ لَا يَضْرِبُ وَلَا يَشْتُمُ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ اهـ وَصَرَّحَ الْأُصُولِيُّونَ بِأَنَّ حُكْمَهُ كَالصَّبِيِّ إلَّا أَنَّ الدَّبُوسِيَّ قَالَ تَجِبُ عَلَيْهِ الْعِبَادَاتُ احْتِيَاطًا. وَرَدَّهُ صَدْرُ الْإِسْلَامِ بِأَنَّ الْعَتَهَ نَوْعُ جُنُونٍ فَيَمْنَعُ وُجُوبَ أَدَاءِ الْحُقُوقِ جَمِيعًا كَمَا بَسَطَهُ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ بِالْكَسْرِ إلَخْ) أَيْ كَسْرِ الْبَاءِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي بَعْضِ كُتُبِ الطِّبِّ أَنَّهُ وَرَمٌ حَارٌّ يَعْرِضُ لِلْحِجَابِ الَّذِي بَيْنَ الْكَبِدِ وَالْأَمْعَاءِ ثُمَّ يَتَّصِلُ بِالدِّمَاغِ ط (قَوْلُهُ هُوَ لُغَةً الْمَغْشِيُّ) قَالَ فِي التَّحْرِيرِ: الْإِغْمَاءُ آفَةٌ فِي الْقَلْبِ أَوْ الدِّمَاغِ تُعَطِّلُ الْقُوَى الْمُدْرِكَةَ وَالْمُحَرِّكَةَ عَنْ أَفْعَالِهَا مَعَ بَقَاءِ الْعَقْلِ مَغْلُوبًا وَإِلَّا عُصِمَ مِنْهُ الْأَنْبِيَاءُ وَهُوَ فَوْقَ النَّوْمِ فَلَزِمَهُ مَا لَزِمَهُ وَزِيَادَةُ كَوْنِهِ حَدَثًا وَلَوْ فِي جَمِيعِ حَالَاتِ الصَّلَاةِ وَمَنْعِ الْبِنَاءِ، وَبِخِلَافِ النَّوْمِ فِي الصَّلَاةِ إذَا اضْطَجَعَ حَالَةَ النَّوْمِ لَهُ الْبِنَاءُ.

(قَوْلُهُ وَفِي الْقَامُوسِ دَهِشَ) أَيْ بِالْكَسْرِ كَفَرِحَ. ثُمَّ إنَّ اقْتِصَارَهُ عَلَى ذِكْرِ التَّحَيُّرِ غَيْرُ صَحِيحٍ، فَإِنَّهُ فِي الْقَامُوسِ قَالَ بَعْدَهُ أَوْ: ذَهَبَ عَقْلُهُ حَيَاءً أَوْ خَوْفًا اهـ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَلِذَا جَعَلَهُ فِي الْبَحْرِ دَاخِلًا فِي الْمَجْنُونِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>