فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ يَكُونُ يَمِينًا فَيُكَفَّرُ بِالْحِنْثِ تَصْحِيحُ الْقُدُورِيِّ، وَكَذَا عَلَيَّ الطَّلَاقُ مِنْ ذِرَاعِي بَحْرٌ.
وَلَوْ قَالَ: طَلَاقُك عَلَيَّ لَمْ يَقَعْ.
وَلَوْ زَادَ وَاجِبٌ أَوْ لَازِمٌ أَوْ ثَابِتٌ أَوْ فَرْضٌ هَلْ يَقَعُ؟ قَالَ الْبَزَّازِيُّ: الْمُخْتَارُ لَا. وَقَالَ الْقَاضِي الْخَاصِّيُّ: الْمُخْتَارُ نَعَمْ وَلَوْ قَالَ: طَلَّقَك اللَّهُ هَلْ يَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ؟
ــ
[رد المحتار]
فِي قَوْلِهِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ تَصِحُّ نِيَّةُ الثَّلَاثِ فِي أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ (قَوْلُهُ يَكُونُ يَمِينًا إلَخْ) يَعْنِي فِي صُورَةِ الْحَلِفِ بِالْحَرَامِ فَإِنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَقَعُ الطَّلَاقُ بِلَفْظِ الْحَرَامِ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ إنْ حَنِثَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَالنَّسَفِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ. اهـ. مَطْلَبٌ فِي قَوْلِهِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ مِنْ ذِرَاعِي (قَوْلُهُ وَكَذَا عَلَيَّ الطَّلَاقُ مِنْ ذِرَاعِي) هَذَا بَحْثٌ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ أَخَذَهُ مِمَّا مَرَّ، مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ وَلَمْ يَقْرِنْهُ بِالْعَدَدِ وَقَعَ قَضَاءً لَا دِيَانَةً، قَالَ: فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْوُقُوعِ قَضَاءً هُنَا بِالْأَوْلَى وَرَدَّهُ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ: بِأَنَّهُ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ خَاطَبَ الْمَرْأَةَ الَّتِي هِيَ مَحَلٌّ لِلطَّلَاقِ ثُمَّ ذَكَرَ الْعَمَلَ الَّذِي لَمْ تَكُنْ مُقَيَّدَةً بِهِ حِسًّا وَلَا شَرْعًا فَلَمْ يَصِحَّ صَرْفُ اللَّفْظِ فِي الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ الْمُتَعَارَفِ إلَى غَيْرِهِ بِلَا دَلِيلٍ، بِخِلَافِ الْمَقِيسِ لِأَنَّهُ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ وَهُوَ ذِرَاعُهُ مَعَ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنَا مِنْك طَالِقٌ يَلْغُو اهـ مُلَخَّصًا، وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. قُلْت: وَقَدْ يُقَالُ: لَيْسَ فِيهِ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ، لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَفْعَلُ كَذَا بِمَنْزِلَةِ إنْ فَعَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ فِي الْعُرْفِ مُضَافٌ إلَى الْمَرْأَةِ مَعْنًى، وَلَوْلَا اعْتِبَارُ الْإِضَافَةِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ يَقَعْ، فَكَذَلِكَ صَارَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ مِنْ ذِرَاعِي فَسَاوَى الْمَقِيسَ عَلَيْهِ فِي الْإِضَافَةِ إلَى الْمَرْأَةِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ قَوْلَهُ أَنَا مِنْك طَالِقٌ فِيهِ وَصْفُ الرَّجُلِ بِالطَّلَاقِ صَرِيحًا فَلَا يَقَعُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ صِفَةٌ لِلْمَرْأَةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيَّ الطَّلَاقُ فَإِنَّ مَعْنَاهُ وُقُوعُ طَلَاقِ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ فَلَيْسَ فِيهِ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ بَلْ إلَى مَحَلِّهِ مَعَ إضَافَةِ الْوُقُوعِ إلَى مَحَلِّهِ أَيْضًا، فَإِنَّهُ شَاعَ فِي كَلَامِهِمْ قَوْلُهُمْ إذَا قَالَ كَذَا وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، نَعَمْ قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: إنَّ الْحَالِفَ بِقَوْلِهِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ مِنْ ذِرَاعِي لَا يُرِيدُ بِهِ الزَّوْجَةَ قَطْعًا إذْ عَادَةُ الْعَوَامّ الْإِعْرَاضُ بِهِ عَنْهَا خَشْيَةَ الْوُقُوعِ، فَيَقُولُونَ تَارَةً مِنْ ذِرَاعِي وَتَارَةً مِنْ كُشْتَوَانِيٍّ وَتَارَةً مِنْ مَرْوَتِيٍّ، وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ بَعْدَ ذِكْرِهِ لِأَنَّ النِّسَاءَ لَا خَيْرَ فِي ذِكْرِهِنَّ. اهـ. قُلْت: إنْ كَانَ الْعُرْفُ كَذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَرَدَّدَ فِي عَدَمِ الْوُقُوعِ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَى ذِرَاعِهِ وَنَحْوِهِ لَا عَلَى الْمَرْأَةِ ثُمَّ قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا مِنْ ذِرَاعِي فَلِلْقَوْلِ بِوُقُوعِهِ وَجْهٌ، لِأَنَّ ذِكْرَ الثَّلَاثِ يُعَيِّنُهُ فَتَأَمَّلْ. اهـ. .
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ وَطَلَاقُك عَلَيَّ لَمْ يَقَعْ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ قَالَ طَلَاقُك عَلَيَّ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِشْهَادِ فَقَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ طَلَاقُ امْرَأَتِي لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. اهـ. قُلْت: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ عِلَّةَ عَدَمِ الْوُقُوعِ فِي طَلَاقِك عَلَيَّ أَنَّهُ صِيغَةُ نَذْرٍ كَقَوْلِهِ عَلَيَّ حَجَّةٌ فَكَأَنَّهُ نَذَرَ أَنْ يُطَلِّقَهَا النَّذْرُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي عِبَادَةٍ مَقْصُودَةٍ، وَالطَّلَاقُ أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ عِبَادَةً فَلِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ قَوْلَهُ طَلَاقُك عَلَيَّ بِدُونِ زِيَادَةٍ لَيْسَ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ، وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ أَيْضًا، لَكِنْ نَقَلَ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ عَنْ أَدَبِ الْقَاضِي لِلسَّرَخْسِيِّ: رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: طَلَاقُك عَلَيَّ فَرْضٌ وَلَازِمٌ أَوْ قَالَ طَلَاقُك عَلَيَّ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقَعُ فِي الْكُلِّ بِخِلَافِ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَجِبُ فَجُعِلَ إخْبَارًا، وَنَقَلَ مِثْلَهُ عَنْ مُخْتَصَرِ الْمُحِيطِ. (قَوْلُهُ وَقَالَ الْخَاصِّيُّ الْمُخْتَارُ نَعَمْ) عِبَارَةُ فَتَاوَى الْخَاصِّيِّ قَالَ لَهَا: طَلَاقُك عَلَيَّ وَاجِبٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute