(وَإِذَا قَالَ الرَّقَبَةُ مِنْك أَوْ الْوَجْهُ أَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الرَّأْسِ وَالْعُنُقِ) أَوْ الْوَجْهِ (قَالَ هَذَا الْعُضْوُ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ عِبَارَةً عَنْ الْكُلِّ بَلْ عَنْ الْبَعْضِ؛ حَتَّى لَوْ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ بَلْ قَالَ: هَذَا الرَّأْسُ طَالِقٌ وَأَشَارَ إلَى رَأْسِهَا وَقَعَ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ نَوَى تَخْصِيصَ الْعُضْوِ يَنْبَغِي أَنْ يَدِينَ فَتْحٌ.
(كَمَا) لَا يَقَعُ (لَوْ أَضَافَهُ إلَى الْيَدِ) إلَّا بِنِيَّةِ الْمَجَازِ (وَالرِّجْلِ وَالدُّبُرِ وَالشَّعْرِ وَالْأَنْفِ وَالسَّاقِ وَالْفَخْذِ وَالظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَاللِّسَانِ وَالْأُذُنِ وَالْفَمِ وَالصَّدْرِ وَالذَّقَنِ وَالسِّنِّ وَالرِّيقِ وَالْعِرْقِ) وَكَذَا فِي الثَّدْيِ وَالدَّمِ جَوْهَرَةٌ لِأَنَّهُ لَا يُعَبِّرُ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ، فَلَوْ عَبَّرَ بِهِ قَوْمٌ عَنْهَا وَقَعَ،
ــ
[رد المحتار]
الْكُلِّ، وَوُجُودُ الرَّأْسِ فِي الْأَوَّلِ وَالْفَرْجِ فِي الثَّانِي لَا يُصَيِّرُهُ مُعَبَّرًا بِهِ مِنْ الْكُلِّ، لِأَنَّ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَقَعُ بِالْإِضَافَةِ إلَى جُزْءٍ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ اسْمِ جُزْءٍ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ وَقَالَ فَاتَ نَفْسُ الْجُزْءِ لَا يُتَصَوَّرُ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ اهـ. وَحِينَئِذٍ فَالْمَوْجُودُ فِي النِّصْفِ الْأَعْلَى نَفْسُ الرَّأْسِ، وَفِي الْأَسْفَلِ نَفْسُ الْفَرْجِ لَا اسْمُهَا الَّذِي يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ، وَلِهَذَا لَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهَا وَقَالَ: هَذَا الرَّأْسُ طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ وَضْعَ الْيَدِ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ نَفْسِ الرَّأْسِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَضَعْهَا عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّهُ يَكُونُ بِمَعْنَى هَذِهِ الذَّاتِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ أَوْ الْوَجْهُ) أَيْ مِنْك ط (قَوْلُهُ بَلْ عَنْ الْبَعْضِ) بِقَرِينَةِ ذِكْرِ مِنْك فِي الْأَوَّلِ وَوَضْعِ الْيَدِ فِي الْأَخِيرِ (قَوْلُهُ بَلْ قَالَ هَذَا الرَّأْسُ) وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ هَذَا الْوَجْهُ أَوْ هَذِهِ الرَّقَبَةُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ هُنَا لَا بُدَّ مِنْ التَّعْبِيرِ بِاسْمِ الرَّأْسِ وَنَحْوِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ عَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ هَذَا الْعُضْوُ لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ الْمُعَبَّرَ بِهِ عَنْ الْكُلِّ هُوَ اسْمُ الرَّأْسِ وَنَحْوِهِ لَا اسْمُ الْعُضْوِ، نَظِيرُ مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَقَعَ فِي الْأَصَحِّ) وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: بِعْت مِنْك هَذَا الرَّأْسَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَشَارَ إلَى رَأْسِ عَبْدِهِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: قَبِلْت جَازَ الْبَيْعُ بَحْرٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ فَتْحٌ) قَدَّمْنَا عِبَارَتَهُ قَبْلَ صَفْحَةٍ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَقَعُ لَوْ أَضَافَهُ إلَى الْيَدِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ بَيْنَ النَّاسِ التَّعْبِيرُ بِهَا عَنْ الْكُلِّ، حَتَّى لَوْ اُشْتُهِرَ بَيْنَ قَوْمٍ وَقَعَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ (قَوْلُهُ إلَّا بِنِيَّةِ الْمَجَازِ) أَيْ بِإِطْلَاقِ الْبَعْضِ عَلَى الْكُلِّ إذَا لَمْ يَكُنْ مُشْتَهِرًا فَلَوْ اُشْتُهِرَ بِذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ إلَى نِيَّةِ الْمَجَازِ. وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَقَعُ بِإِضَافَتِهِ إلَى الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَنَحْوِهِمَا حَقِيقَةً. وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الطَّلَاقَ مَحَلُّهُ الْمَرْأَةُ لِأَنَّهَا مَحَلُّ النِّكَاحِ وَمَحَلِّيَّةُ أَجْزَائِهَا لِلنِّكَاحِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا بِالْإِضَافَةِ إلَى ذَاتِهَا أَوْ إلَى جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْهَا هُوَ مَحَلٌّ لِلتَّصَرُّفَاتِ أَوْ إلَى مُعَيَّنٍ عَبَّرَ بِهِ عَنْ الْكُلِّ، حَتَّى لَوْ أُرِيدَ نَفْسُهُ لَمْ يَقَعْ فَالْخِلَافُ فِي أَنَّ مَا يُمْلَكُ تَبَعًا هَلْ يَكُونُ مَحَلًّا لِإِضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَيْهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ دُونَ صَيْرُورَتِهِ عِبَارَةً عَنْ الْكُلِّ، فَعِنْدَهُ نَعَمْ، وَعِنْدَنَا لَا وَأَمَّا عَلَى كَوْنِهِ مَجَازًا عَنْ الْكُلِّ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ يَقَعُ يَدًا كَانَ أَوْ رَجِلًا بَعْدَ كَوْنِهِ مُسْتَقِيمًا لُغَةً اهـ أَيْ بِخِلَافِ نَحْوِ الرِّيقِ وَالظُّفْرِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ إرَادَةُ الْكُلِّ بِهِ. وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي الْبَحْرِ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ ثَلَاثَةٌ: صَرِيحٌ يَقَعُ قَضَاءً بِلَا نِيَّةٍ كَالرَّقَبَةِ وَكِنَايَةٌ لَا يَقَعُ إلَّا بِالنِّيَّةِ كَالْيَدِ، وَمَا لَيْسَ صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً لَا يَقَعُ بِهِ إنْ نَوَى كَالرِّيقِ وَالسِّنِّ وَالشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَالْكَبِدِ وَالْعِرْقِ وَالْقَلْبِ (قَوْلُهُ وَالذَّقَنِ) قُلْت: إطْلَاقُ الذَّقَنِ مُرَادًا بِهَا الْكُلُّ عُرْفٌ مُشْتَهِرٌ الْآنَ، فَإِنَّهُ يُقَالُ: لَا أَزَالُ بِخَيْرٍ مَا دَامَتْ هَذِهِ الذَّقَنُ سَالِمَةً فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَالرَّأْسِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا الثَّدْيُ وَالدَّمُ جَوْهَرَةٌ) أَقُولُ: الَّذِي فِي الْجَوْهَرَةِ: إذَا قَالَ دَمُك فِيهِ رِوَايَتَانِ، الصَّحِيحَةُ مِنْهُمَا يَقَعُ لِأَنَّ الدَّمَ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ، يُقَال ذَهَبَ دَمُهُ هَدَرًا اهـ وَهَكَذَا نُقِلَ عَنْ الْجَوْهَرَةِ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ. وَنُقِلَ فِي النَّهْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ تَصْحِيحُ عَدَمِ الْوُقُوعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُتُونِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُعَبَّرُ بِهِ) أَيْ بِالْمَذْكُورِ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ اهـ ط (قَوْلُهُ فَلَوْ عَبَّرَ بِهِ قَوْمٌ) أَيْ بِمَا ذَكَرَ وَلَا خُصُوصَ لَهُ، بَلْ لَوْ عَبَّرُوا بِأَيِّ عُضْوٍ كَانَ فَهُوَ كَذَلِكَ، ذَكَرَ أَبُو السُّعُودِ عَنْ الدُّرَرِ، وَنَقَلَ الْحَمَوِيُّ عَنْ الْمُحَاكِمَاتِ لِجَلَالِ زَادَهْ مَا نَصُّهُ: يَجِبُ أَنْ يُحْتَاطَ فِي أَمْرِ الطَّلَاقِ إذَا أُضِيفَ إلَى الْيَدِ وَالرِّجْلِ بِاللِّسَانِ التُّرْكِيِّ فَإِنَّهُمَا فِيهِ يُعَبَّرُ بِهِمَا عَنْ الْجُمْلَةِ وَالذَّاتِ. اهـ. ط
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute