للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالدَّمِ عَلَى الْمُخْتَارِ خُلَاصَةٌ (أَوْ) أَضَافَهُ (إلَى جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْهَا) كَنِصْفِهَا وَثُلُثِهَا إلَى عُشْرِهَا (وَقَعَ) لِعَدَمِ تَجَزُّئِهِ.

وَلَوْ قَالَ نِصْفُك الْأَعْلَى طَالِقٌ وَاحِدَةً وَنِصْفُك الْأَسْفَلِ ثِنْتَيْنِ وَقَعَتْ بِبُخَارَى فَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِطَلْقَةٍ، وَبَعْضُهُمْ بِثَلَاثٍ عَمَلًا بِالْإِضَافَتَيْنِ خُلَاصَةٌ.

ــ

[رد المحتار]

مُسَاوَاتُهُمَا فِي الْحُكْمِ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ هُنَا لِكَوْنِ اللَّفْظِ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْبُضْعَ مُرَادِفٌ لِلْفَرْجِ وَلَيْسَ حُكْمُهُ هُنَا كَحُكْمِهِ فِي التَّعْبِيرِ. اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتَ وَالْفَرْجَ يُعَبَّرُ بِهِمَا عَنْ الْكُلِّ فَيَقَعُ إذَا أُضِيفَ إلَيْهِمَا، بِخِلَافِ مُرَادِفِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الدُّبُرُ وَمُرَادِفِ الثَّانِي وَهُوَ الْبُضْعُ فَلَا يَقَعُ لِعَدَمِ التَّعْبِيرِ بِهِمَا عَنْ الْكُلِّ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّرَادُفِ الْمُسَاوَاةُ فِي الْحُكْمِ لَكِنْ أُورِدَ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ اشْتِهَارَ التَّعْبِيرِ يَجِبُ أَنْ لَا يَقَعَ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْفَرْجِ: أَيْ لِعَدَمِ اشْتِهَارِ التَّعْبِيرِ بِهِ عَنْ الْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ وُقُوعَ الِاسْتِعْمَالِ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ اللِّسَانِ يَجِبُ أَنْ يَقَعَ فِي الْيَدِ بِلَا خِلَافٍ لِثُبُوتِ اسْتِعْمَالِهَا فِي الْكُلِّ فِي قَوْله تَعَالَى {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} [الحج: ١٠] أَيْ قَدَّمَتْ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّ» اهـ. قُلْت: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْأَوَّلُ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ اشْتِهَارُ التَّعْبِيرِ بِهِ عَنْ الْكُلِّ عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ بَلْ فِي عُرْفِ الْمُتَكَلِّمِ فِي بَلَدِهِ مَثَلًا، فَيَقَعُ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْيَدِ إذَا اشْتَهَرَ عِنْدَهُ التَّعْبِيرُ بِهَا عَنْ الْكُلِّ، وَلَا يَقَعُ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْفَرْجِ إذَا لَمْ يَشْتَهِرْ ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ الْفَتْحِ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: وَوُقُوعُهُ بِالْإِضَافَةِ إلَى الرَّأْسِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مُعَبَّرًا بِهِ عَنْ الْكُلِّ لَا بِاعْتِبَارِ نَفْسِهِ مُقْتَصِرًا، وَلِذَا لَوْ قَالَ الزَّوْجُ عَنَيْت الرَّأْسَ مُقْتَصِرًا. قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَقَعُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ دِيَانَةً. وَأَمَّا فِي الْقَضَاءِ إذَا كَانَ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ عُرْفًا مُشْتَهِرًا لَا يُصَدَّقُ، وَلَوْ قَالَ عَنَيْت بِالْيَدِ صَاحِبَتَهَا كَمَا أُرِيدَ ذَلِكَ فِي الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ وَتَعَارَفَ قَوْمٌ التَّعْبِيرَ بِهَا عَنْ الْكُلِّ وَقَعَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ، وَلِذَا لَوْ طَلَّقَ النَّبَطِيُّ بِالْفَارِسِيَّةِ يَقَعُ وَلَوْ تَكَلَّمَ بِهِ الْعَرَبِيُّ وَلَا يَدْرِيهِ لَا يَقَعُ اهـ فَقَدْ قَيَّدَ الْوُقُوعَ قَضَاءً فِي الْإِضَافَةِ إلَى الرَّأْسِ أَوْ الْيَدِ بِمَا إذَا كَانَ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ مُتَعَارَفًا، وَصَرَّحَ أَيْضًا بِقَوْلِهِ وَتَعَارَفَ قَوْمٌ التَّعْبِيرَ بِهَا أَيْ بِالْيَدِ، فَأَفَادَ عِنْدَ عَدَمِ تَعَارُفِ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ لَا يَقَعُ مَعَ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالرَّأْسِ وَالْيَدِ عَنْ الْكُلِّ ثَابِتٌ لُغَةً وَشَرْعًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَالدَّمِ) كَانَ الْمُنَاسِبُ إسْقَاطَهُ حَيْثُ ذُكِرَ فِي مَحَلِّهِ فِيمَا سَيَأْتِي، وَأَمَّا ذِكْرُ الْبُضْعِ وَالدُّبُرِ هُنَا فَلِذِكْرِ مُرَادِفِهِمَا ح (قَوْلُهُ كَنِصْفِهَا وَثُلُثِهَا إلَى عُشْرِهَا) وَكَذَا لَوْ أَضَافَهُ إلَى جُزْءٍ مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ مِنْهَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ لِأَنَّ الْجُزْءَ الشَّائِعَ مَحَلٌّ لِسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ كَالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ هِدَايَةٌ قَالَ ط (إلَّا أَنَّهُ يَتَجَزَّأُ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ) . وَقَالَ شَيْخِي زَادَهُ: أَنَّهُ يَقَعُ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ ثُمَّ يَسْرِي إلَى الْكُلِّ لِشُيُوعِهِ فَيَقَعُ فِي الْكُلِّ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَجَزُّئِهِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَوْ إلَى جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْهَا ط، وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْأُصْبُعِ مَثَلًا، فَالْمُنَاسِبُ التَّعْلِيلُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْهِدَايَةِ

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ تَقْيِيدَ الْجُزْءِ بِالشَّائِعِ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمُعَيَّنِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْفَرْعِ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَقَعَتْ بِبُخَارَى) أَيْ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهَا نَصٌّ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَا عَنْ الْمُتَأَخِّرِينَ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ عَمَلًا بِالْإِضَافَتَيْنِ) أَيْ لِأَنَّ الرَّأْسَ فِي النِّصْفِ الْأَعْلَى وَالْفَرْجَ فِي الْأَسْفَلِ فَيَصِيرُ مُضِيفًا الطَّلَاقَ إلَى رَأْسِهَا وَإِلَى فَرْجِهَا ط عَنْ الْمُحِيطِ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَدْ عُلِمَ بِهِ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ اتِّفَاقًا. اهـ. وَهُوَ مَمْنُوعٌ فِي الثَّانِي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ نَهْرٌ: أَيْ لِأَنَّ مَنْ أَوْقَعَ وَاحِدَةً بِالْإِضَافَتَيْنِ لَمْ يَعْتَبِرْ كَوْنَ الْفَرَجِ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْإِضَافَةِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ كَيْفَ يَقَعُ بِهَا اتِّفَاقًا، نَعَمْ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِضَافَةِ الْأُولَى يَقَعُ اتِّفَاقًا. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ مُشْكِلٌ لِأَنَّ النِّصْفَ الْأَعْلَى أَوْ الْأَسْفَلَ لَيْسَ جُزْءًا شَائِعًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا مِمَّا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>