كَمَا لَوْ تَهَجَّى بِهِ أَوْ بِالْعِتْقِ. وَفِي النَّهْرِ عَنْ التَّصْحِيحِ: الصَّحِيحُ عَدَمُ الْوُقُوعِ بِرَهَنْتُكِ طَلَاقَك وَنَحْوَهُ.
(وَإِذَا أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَيْهَا) كَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ) إلَى (مَا يُعَبِّرُ بِهِ عَنْهَا كَالرَّقَبَةِ وَالْعُنُقِ وَالرُّوحِ وَالْبَدَنِ وَالْجَسَدِ) الْأَطْرَافُ دَاخِلَةٌ فِي الْجَسَدِ دُونَ الْبَدَنِ.
(وَالْفَرْجُ وَالْوَجْهُ وَالرَّأْسُ) وَكَذَا الِاسْتُ، بِخِلَافِ الْبُضْعِ وَالدُّبُرِ
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: وَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ أَنَّ حَذْفَ آخِرِ الْكَلَامِ مُعْتَادٌ عُرْفًا يُفِيدُ الْجَوَابَ، فَإِنَّ لَفْظَ طَالِقٍ صَرِيحٌ قَطْعًا، فَإِذَا كَانَ حَذْفُ الْآخِرِ مُعْتَادًا عُرْفًا لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ صَرَاحَتِهِ، وَقَدْ عُدَّ حَذْفُ آخِرِ الْكَلِمَةِ مِنْ مُحَسِّنَاتِ الْكَلَامِ وَعَدَّهُ أَهْلُ الْبَدِيعِ مِنْ قِسْمِ الِاكْتِفَاءِ، وَنَظَمَ فِيهِ الْمُوَلِّدُونَ كَثِيرًا، وَمِنْهُ أَيْنَ النَّجَاةُ لِعَاشِقٍ أَيْنَ النَّجَا وَأَيْضًا فَإِنَّ إبْدَالَ الْآخِرِ بِحَرْفٍ غَيْرَهُ كَالْأَلْفَاظِ الْمُصَحَّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ صَرَاحَتِهِ مَعَ عَدَمِ غَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ فِيهَا، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِكَوْنِهَا أُرِيدَ بِهَا اللَّفْظُ الصَّرِيحُ وَأَنَّ التَّصْحِيفَ عَارِضٌ لِجَرَيَانِهِ عَلَى اللِّسَانِ خَطَأً أَوْ قَصْدًا لِكَوْنِهِ لُغَةَ الْمُتَكَلِّمِ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي الْقَاصِرِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ تَهَجَّى بِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَفِي النَّهْرِ عَنْ التَّصْحِيحِ إلَخْ) أَيْ تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ لِلْعَلَّامَةِ قَاسِمِ وَقَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى مَا فَهِمَهُ بِهِ فِي الْبَحْرِ، مِنْ أَنَّ وَهَبْتُك طَلَاقَك مِنْ الصَّرِيحِ، وَكَذَا أَوْدَعْتُك وَرَهَنْتُك. قَالَ فِي النَّهْرِ: نَقَلَ فِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ عَنْ قَاضِي خَانْ: وَهَبْتُك طَلَاقَك الصَّحِيحُ فِيهِ عَدَمُ الْوُقُوعِ اهـ فَفِي أَوْدَعْتُك وَرَهَنْتُك بِالْأَوْلَى وَسَيَأْتِي أَنَّ رَهَنْتُك كِنَايَةٌ. وَفِي الْمُحِيطِ: وَلَوْ قَالَ رَهَنْتُك طَلَاقَك قَالُوا: لَا يَقَعُ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يُفِيدُ زَوَالَ الْمِلْكِ. اهـ. قُلْت: وَمُقْتَضَى كَوْنِهِ كِنَايَةً أَنَّهُ يَقَعُ بِشَرْطِ النِّيَّةِ وَقَدْ عَدَّهُ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ الْكِنَايَاتِ مِنْهَا، وَكَذَا عَدَّ مِنْهَا: وَهَبْتُك طَلَاقَك، وَأَوْدَعْتُك طَلَاقَك، وَأَقْرَضْتُك طَلَاقَك سَيَأْتِي تَمَامُهُ هُنَاكَ.
(قَوْلُهُ كَأَنْتِ طَالِقٌ) وَكَذَا لَوْ أَتَى بِالضَّمِيرِ الْغَائِبِ أَوْ اسْمِ الْإِشَارَةِ الْعَائِدِ إلَيْهَا أَوْ بِاسْمِهَا الْعِلْمِيِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ جُمْلَتِهَا وَضْعًا، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَوْ إلَى مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْهَا مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ بِطَرِيقِ التَّجَوُّزِ كَرَقَبَتِك، وَإِلَّا فَالْكُلُّ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَهُوَ أَظْهَرُ مِمَّا فِي الزَّيْلَعِيِّ مِنْ أَنَّ الرُّوحَ وَالْبَدَنَ وَالْجَسَدَ مِثْلُ أَنْتِ كَمَا فِي الْبَحْرِ لِأَنَّ الرُّوحَ بَعْضُ الْجَسَدِ وَكَذَا الْجَسَدُ بِاعْتِبَارِ الرُّوحِ وَالْبَدَنِ لَا تَدْخُلُ فِيهِ الْأَطْرَافُ، أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ كَالرَّقَبَةِ إلَخْ) فَإِنَّهُ عَبَّرَ بِهَا عَنْ الْكُلِّ فِي قَوْله تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: ٩٢] وَالْعُنُقِ فِي {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء: ٤] لِوَصْفِهَا بِجَمْعِ الْمُذَكَّرِ الْمَوْضُوعِ لِلْعَاقِلِ وَالْعَقْلُ لِلذَّوَاتِ لَا لِلْأَعْضَاءِ، وَالرُّوحِ فِي قَوْلِهِمْ: هَلَكَتْ رُوحُهُ أَيْ نَفْسُهُ، وَمِثْلُهَا النَّفْسُ كَمَا فِي {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] (قَوْلُهُ الْأَطْرَافُ إلَخْ) أَيْ الْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ وَالرَّأْسُ، وَهَذِهِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْجَسَدِ وَالْبَدَنِ عَزَاهَا فِي النَّهْرِ إلَى ابْنِ كَمَالٍ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ، وَعَزَاهَا الرَّحْمَتِيُّ إلَى الْفَائِقِ لِلزَّمَخْشَرِيِ وَالْمِصْبَاحِ، وَرَأَيْت فِي فَصْلِ الْعِدَّةِ مِنْ الذَّخِيرَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَالْبَدَنُ هُوَ مِنْ أَلْيَتَيْهِ إلَى مَنْكِبَيْهِ. (قَوْلُهُ وَالْفَرْجُ) عَبَّرَ عَنْ الْكُلِّ فِي حَدِيثِ «لَعَنْ اللَّهُ الْفُرُوجَ عَلَى السُّرُوجِ» قَالَ فِي الْفَتْحِ إنَّهُ حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا (قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ وَالرَّأْسُ) فِي قَوْله تَعَالَى {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} [القصص: ٨٨] {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: ٢٧] أَيْ ذَاتُهُ الْكَرِيمَةُ، وَأَعْتَقَ رَأْسًا وَرَأْسَيْنِ مِنْ الرَّقِيقِ، وَأَنَا بِخَيْرٍ مَا دَامَ رَأْسُك سَالِمًا، يُقَالُ مُرَادُهُ بِهِ الذَّاتُ أَيْضًا فَتْحٌ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي الْفَتْحِ مِنْ كِتَابِ الْكَفَالَةِ: وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ مَا إذَا كَفَلَ بِعَيْنِهِ قَالَ الْبَلْخِيّ: لَا يَصِحُّ كَمَا فِي الطَّلَاقِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الْبَدَنَ وَاَلَّذِي يَجِبُ أَنْ يَصِحَّ فِي الْكَفَالَةِ وَالطَّلَاقِ إذْ الْعَيْنُ مِمَّا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ، يُقَالُ: عَيْنُ الْقَوْمِ، وَهُوَ عَيْنٌ فِي النَّاسِ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا فِي زَمَانِهِمْ أَمَّا زَمَانُنَا فَلَا شَكَّ فِي ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَكَذَا الِاسْتُ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَالِاسْتُ وَإِنْ كَانَ مُرَادِفًا لِلدُّبُرِ لَا يَلْزَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute